في ظل توتر العلاقات التجارية عالمياً وتصاعد الشكوك بشأن الأصول الأمريكية، تواصل السندات الصينية جذب المستثمرين الأجانب. ووفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا”، فقد ضخت المؤسسات الأجنبية استثمارات تفوق 270 مليار يوان (نحو 36,99 مليار دولار أمريكي) في أدوات الدين الصينية المحلية منذ بداية عام 2025.
واستند التقرير، الصادر يوم السبت، إلى بيانات البنك المركزي الصيني (بنك الشعب الصيني)، التي أشارت إلى أن إجمالي قيمة السندات الصينية التي في حوزة المستثمرين الأجانب بلغ 4,5 تريليون يوان (نحو 616,43 مليار دولار) حتى تاريخ 15 أبريل.
سوق هائل بإمكانات غير مستغلة
ورغم هذا الارتفاع اللافت، لا تزال حصة المستثمرين الأجانب تمثل فقط 2,4% من سوق السندات الصيني الذي تُقدّر قيمته بحوالي 25 تريليون دولار، ما يبرز حجم الإمكانيات غير المستغلة التي يزخر بها هذا السوق. وللمقارنة، فإن أسواق السندات الأمريكية والأوروبية تسجل نسب اندماج أعلى بكثير للمستثمرين الأجانب.
وأكد البنك المركزي الصيني عزمه على مواصلة الانفتاح التدريجي لسوق السندات أمام الاستثمارات الدولية، مع تعزيز التعاون المالي مع مناطق استراتيجية مثل الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأفريقيا، بحسب ما أوردته “شينخوا”.
ملاذ بديل في مواجهة الاضطرابات الأمريكية؟
تأتي هذه التحولات في سياق إعادة تشكيل واسعة لتدفقات رؤوس الأموال حول العالم، تغذيها إلى حد كبير السياسات التجارية التي تنتهجها إدارة ترامب. وقد أدت الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها الولايات المتحدة مؤخراً على الواردات من الصين وغيرها من الشركاء التجاريين إلى تجديد المخاوف بشأن جدوى الاستثمار في الأصول الأمريكية، مما دفع بعدد من المستثمرين إلى تنويع محافظهم الاستثمارية.
ويبدو أن الصين استفادت من هذا التحول، عبر تقديم أصولها كخيار بديل يتميز بالاستقرار والموثوقية، مستندة في ذلك إلى إدارة نقدية أكثر تحفظاً وإطار تنظيمي أكثر صرامة.
تعافٍ محدود في الاستثمار الأجنبي المباشر
بالتوازي مع ازدهار الاستثمارات المالية في السوق الصينية، شهد الاستثمار الأجنبي المباشر (IDE) ارتفاعاً بنسبة 13,2% خلال شهر مارس 2025، رغم تسجيل تراجع إجمالي بنسبة 10,8% خلال الربع الأول من العام مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وقد بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة ما بين يناير ومارس 269,2 مليار يوان (أي نحو 37,35 مليار دولار).
واعتبرت وزارة التجارة الصينية هذه الأرقام مؤشراً إيجابياً يدل على أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم لا يزال يحتفظ بجاذبيته، حتى وسط حالة التوتر التي تهيمن على المشهد الاقتصادي الدولي.
وهكذا، يبدو أن الصين تستفيد من تراجع الثقة في الأصول الغربية، وعلى رأسها الأمريكية، عبر جذب استثمارات متزايدة في سوق السندات، إلى جانب بوادر تعافٍ في الاستثمار المباشر، في وقت تتواصل فيه الحرب التجارية الصينية الأمريكية بإعادة رسم ملامح التوازنات الاقتصادية العالمية.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات