يعدّ حجم التهرب الضريبي اليوم مهما في العالم حيث تسمح وضعيات مختلفة للشركات والأفراد بإيواء أرباحهم في ملاذات ضريبية، بعيداً عن متناول هيئات الضرائب في البلدان التي تنشأ فيها الأرباح بالفعل. وتُقدر خسارة الإيرادات الحكومية الناتجة عن ذلك بما بين 240 مليار دولار و600 مليار دولار سنوياً.
انخرطت شبكة العدالة الضريبية في أفريقيا والمرصد التونسي للاقتصاد، إلى جانب منظمات أخرى في حملة مناصرة عالية التأثير لإقامة تحالفات عالمية وقارية في جميع أنحاء أفريقيا. وتمثل هدفهم في إعلاء أصوات المنظمات والحكومات في أفريقيا والجنوب العالمي التي تدعو إلى إطار جديد للتعاون الضريبي الدولي تحت رعاية الأمم المتحدة.
دور افريقي استثناني
في هذه الحملة نحو الإصلاح، أظهرت أفريقيا قيادة استثنائية. في ماي 2022، تبنى وزراء المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بالبلدان الإفريقية قرارًا رائدًا يحث الأمم المتحدة على بدء مفاوضات بشأن اتفاقية دولية حول المسائل الضريبية، تشمل جميع الدول الأعضاء. في 30 ديسمبر 2022، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 77/244 الذي يدعو إلى النهوض بالتعاون الشامل والفعال في المسائل الضريبية.
عقب هذا التوجه، أجرى الأمين العام للأمم المتحدة المشاورات وأصدر تقريره في سبتمبر 2023. وفي ديسمبر من نفس السنة، اعتمدت الجمعية العامة القرار رقم 78/2301 الذي حدد، من بين أمور أخرى، الخطوات الإجرائية اللاحقة. وقد نفذت الدول الأعضاء الخطوات الإجرائية الموصي بها، حيث أنشأت لجنة مخصصة، وعقدت جلسة تنظيمية، وعقدت الدورة الموضوعية الأولى، وشرعت في عملية وضع الإطار المرجعي لتوجيه عملية وضع نص اتفاقية الأمم المتحدة الضريبية.
من المنتظر تقديم التقرير المنبثق عن عملية وضع الإطار المرجعي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، لتنطلق المفاوضات بشأن محتوى الاتفاقية في عام 2025.
نحو نظام ضريبي عالمي عادل
في سياق معاضدة هذه الجهود نظمت نهاية جوان الفارط، شبكة العدالة الضريبية في أفريقيا والمرصد التونسي للاقتصاد ندوة إفريقية في تونس بهدف إشراك منظمات المجتمع المدني في النقاشات حول الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة وتكوين أجندة عمل إقليمية حول الإصلاحات الضريبية العالمية.
وشهدت الندوة جلسات نقاش وورشات عمل هدفها تعزيز التحاور والتعاون بين المشاركين من مختلف بلدان القارة، بهدف وضع خطط عمل مشتركة، واستراتيجية قارية للمناصرة ثم صياغة وثيقة ختامية شاملة تساعد على توجيه جميع الفاعلين في حملات المناصرة من أجل إنجاح اعتماد الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة.
تعزز هذه اللحظة دور الدول الافريقية في قيادة الطريق نحو إنشاء نظام ضريبي عالمي عادل وفعال، يدعم التنمية المستدامة ويحمي السيادة المالية للبلدان النامية.
مكنت هذه الندوة من خلق فضاء افريقي لمناقشة وتحليل تحديات الإصلاحات الضريبية العالمية والبحث في قدرة الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة على خلق بديل أكثر ديمقراطية وشمولية وتعزيز الفهم للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة ولمسار النقاشات حولها والتفكير في الدور الحاسم لمنظمات المجتمع المدني لتعزيز فعاليتها وذلك الى جانب تسهيل خلق تحالف إقليمي يدعو إلى سياسات ضريبية عادلة، مع الشروع في التخطيط للمحطات الحاسمة التالية لمناصرة الاتفاقية الضريبية للأمم المتحدة والمساهمة في إطارها المرجعي ومحتوياتها.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
تعليقات