يوم أمس، 2 جانفي 2023، وبالتزامن مع العودة إلى المدارس والجامعات وأول أيام العمل في العام الجديد، اختار العاملون في شركة نقل تونس الإضراب الذي أصاب العاصمة بالشلل وهو في رأي كثير من المراقبين عبارة عن إضراب عام مقنع.
وزعمت نقابات شركة نقل تونس أنّ سبب الإضراب هو عدم دفع أجور شهر ديسمبر 2022، الأمر الذي نفته وزارة النقل وإدارة الشركة التي أكدت دفع رواتب جميع الموظفين يوم الجمعة 30 ديسمبر 2022، خلافا لما روجت له النقابات التي تراجعت عمّا أعلنت أنه سبب الإضراب لتقول إنّ السبب الحقيقي للإضراب هو بالأحرى عدم دفع مكافأة آخر السنة حسب اتفاق قديم مع سلطات الإشراف يعود تاريخه إلى فترة طويلة وتقدر قيمتها بـ 16 مليون دينار.
لهذا السبب غير المبرر وغيره من الأسباب المتعلقة باعتبارات غير مهنية، تم أخذ سكان تونس الكبرى كرهائن من قبل أعوان شركة نقل تونس.
وضع مالي مقلق
يحيل النظر في الوضع المالي والاجتماعي لهذه الشركة وفقًا لتقرير نشاطها الأخير وبياناتها المالية المنشورة للسنة المالية 2018 الى الوقوف عند عدّة إشكاليات تتعلق بالعجز المالي، وكتلة الأجور، والديون، وغيرها.
وفي هذا الإطار، بلغ إجمالي النفقات للسنة المالية 2018 نحو 402.2 مليون دينار مقابل 387.1 مليونًا في 2017. ويعزى هذا الفارق البالغ 15.1 مليونًا إلى ارتفاع نفقات أجور الموظفين بمقدار 15.7 مليونًا من 239.4 مليونًا في 2017 إلى 255.1 مليونًا في 2018 (+6.6 بالمائة). بينما بلغ إجمالي إيرادات الاستغلال للسنة باعتبار التغييرات المحاسبية 242.1 مليون دينار في 2018 مقابل 350.9 مليون في 2017، بما يعادل انخفاضا قدره 108.8 مليون دينار.
وبالتالي، كانت نتيجة السنة المالية 2018 (بعد التغييرات المحاسبية) سلبية بمقدار 160.1 مليون دينار، مقابل 36.2 مليون دينار في 2017، مما يعني تسجيل زيادة في الخسائر قدرها 123.9 مليون دينار. وباستثناء تأثير التغييرات المحاسبية، تكون نتيجة العام سلبية عند 192.3 مليون دينار.
جيش من الموظفين لعدد ضئيل من وسائل العمل
حسب الأرقام المفصح عنها في تقرير النشاط الأخير للشركة، فقد بلغ عدد العاملين 7688 موظفًا منهم 3693 موظف ميداني (سائقون، قباض، مراقبون، إلخ) بينما يبلغ عدد العاملين الإداريين 2956 موظفًا.
ويبدو جليا ان عدد الموظفين الزائدون عن النصاب كبير للغاية مع العلم أن أسطول الحافلات يبلغ حاليًا 239 حافلة فقط وأن عدد عربات المترو لا يتجاوز 15 عربة.
ومع ذلك، ووفقًا لآخر تقرير نشاط سنوي، سجلت الشركة 137000 يوم غياب مقابل 1.5 مليون ساعة عمل إضافي…
كما بلغ متوسط الراتب الإجمالي الشهري الخام للموظف 2765 ديناراً، بحسب البيانات المحاسبية، وهو يتجاوز بكثير راتب مدير في الوظيفة العمومية أو أستاذ مساعد في الجامعة.
إضراب سياسي بامتياز
يرى مراقبون أنه على الرّغم من أن قيادات النقابات تؤكّد أنّ قرار الإضراب يندرج ضمن مطالب اجتماعية مشروعة و”غير سياسي”، فإنّ هذه الخطوة تتزامن مع انتقادات توجّه للرئيس قيس سعيّد الذي يتهمه معارضوه باحتكار السلطات في البلاد منذ 25 جويلية الفائت وإقصائهم من حوار وطني يفترض أن يفضي إلى إصلاحات سياسية خاصة بعد أن فقدوا أهم موطئ قدم لهم وهو البرلمان المنحل.
ويرى اتحاد الشغل أنّ المشاركة في الحوار الذي يدعو إليه بمعيّة حلفائه هو رفض لسياسة الأمر الواقع ورفض لقرارات اتخذها رئيس الجمهورية.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات