تعليم

الفتيات يؤكدن تفوقهن في بكالوريا 2025 بنسبة نجاح تتجاوز 63%

الفتيات يؤكدن تفوقهن في بكالوريا 2025 بنسبة نجاح تتجاوز 63%

كشفت نتائج الدورة الرئيسية لبكالوريا 2025، التي أعلنتها وزارة التربية هذا السبت، عن ديناميكية لافتة في مؤشرات النجاح بحسب الجنس. ومثلما جرت العادة في السنوات الماضية، تواصل الفتيات تصدّر التصنيفات، مؤكّدات بذلك توجهاً بنيوياً راسخاً في المشهد التربوي التونسي.

فوفق الأرقام الرسمية الصادرة عن الوزارة، نجحت 33.890 فتاة في اجتياز الامتحان، أي ما يمثل 63,09% من مجموع الناجحين. في المقابل، لم يتجاوز عدد الذكور الناجحين 19.831، بنسبة تمثل 36,91%. هذا الاختلال في التوازن بين الجنسين لا يمكن اعتباره ظرفياً، بل يعكس تحوّلات اجتماعية وتربوية وثقافية عميقة تشهدها تونس.

وتؤكّد هذه المعطيات واقعا تمت ملاحظته خلال السنوات الماضية: الفتيات يحققن نتائج أفضل في البكالوريا مقارنة بالذكور، وبنسق تصاعدي مستمر. وهذه الظاهرة لا تقتصر على ولاية معينة أو شعبة دون أخرى، بل تشمل مختلف الجهات والتخصّصات.

وللمقارنة، بلغت نسبة الفتيات بين الناجحين في سنة 2024 نحو 60,7%. أما الزيادة المسجّلة هذا العام – بنحو 2,4 نقاط – فهي تعكس ليس فقط استعداداً أكاديمياً أفضل لدى الفتيات، بل أيضاً استثماراً تعليمياً أكبر من طرفهن، غالباً ما يُشيد به الإطار التربوي.

وإذا ما تم التعمّق في تفاصيل التخصّصات، يتبيّن أن حضور الفتيات يبرز بشكل خاص في شعب الآداب، والعلوم التجريبية، والرياضيات، حيث تتجاوز نسبتهن في بعض الشعب 70% من مجموع الناجحين.

ليست بالضرورة أخباراً سارة فقط

الاختلال المسجّل في نسب النجاح بين الفتيات والذكور لا يمكن اعتباره مؤشراً إيجابياً للمنظومة التربوية في مجمله، أو خبراً ساراً محضاً للتعليم النسوي، بل يطرح أيضاً جملة من التحديات بعيدة المدى بالنسبة للمدرسة التونسية.

فمن جهة، يُعدّ التفوق المتواصل للفتيات مؤشراً إيجابياً على صعودهن الاجتماعي من خلال التعليم، ويعكس أيضاً مجهودات العائلات التي غالباً ما تُولي اهتماماً أكبر لمسار بناتهن الدراسي باعتباره مساراً للتمكين. هذا النجاح يرتبط أيضاً بدرجة أعلى من الانضباط والمواظبة لدى التلميذات، كما تؤكّد ذلك دراسات محلية ودولية عديدة.

ومن جهة أخرى، فإن تراجع أداء الذكور يُعدّ ناقوس خطر، إذ يسلّط الضوء على ظاهرة الانقطاع المبكّر، وفقدان الدافعية، والتوقعات المجتمعية المختلفة تجاه الذكور والإناث.

ويشير العديد من المحلّلين إلى تأثير عوامل اجتماعية سلبية على أداء الذكور، مثل البطالة، والهشاشة، وغياب النموذج الذكوري الإيجابي، وتراجع صورة المدرسة، وهي عوامل تمسّ الذكور بصفة أعمق، خاصة في المناطق المهمّشة.

لذلك، أصبح من الضروري أن تدمج وزارة التربية هذا المعطى الجندري في استراتيجيتها التعليمية. ولا يعني ذلك كبح تقدّم الفتيات – بل على العكس – بل فهم أسباب الإخفاق النسبي لدى الذكور ومعالجته عبر إجراءات موجّهة، من بينها:

  • تعزيز التوجيه والمتابعة التربوية انطلاقاً من المرحلة الإعدادية

  • تطوير برامج خاصة بمكافحة الانقطاع الدراسي لدى الذكور

  • إعادة الاعتبار لبعض الشعب التقنية أو العلمية القادرة على جذب الذكور

  • إطلاق حملات توعوية حول أهمية النجاح الدراسي للجميع

ففي نهاية المطاف، لا تقتصر المساواة في الفرص على فتح أبواب المدرسة للجميع، بل تعني أيضاً توفير الوسائل والإطار والدعم اللازم لكل فرد – فتاة أو فتى – من أجل تحقيق النجاح.

تعليقات

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

الأكثر قراءة آخر 48 ساعة

© 2025 جميع الحقوق محفوظة

الى الاعلى