لا تزال قضية المساعدة على إنهاء حياة الأشخاص المصابين بأمراض لا علاج لها تثير نقاشًا حادًا في فرنسا، حيث من المتوقع أن تقدم حكومة فرانسوا بايرو مشروعين للنقاش في البرلمان حول هذا الموضوع خلال شهر ماي المقبل.
خلاف داخل الحكومة
أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية بأن هناك انقسامًا في الموقف الحكومي بشأن هذه القضية، حيث تميل وزيرة الصحة كاثرين فوتران إلى تقديم مشروع قانون موحد يتناول المسألتين معًا، بينما قررت الحكومة تقديم نصين منفصلين: أحدهما يتعلق بالرعاية التلطيفية، والآخر بالمساعدة على إنهاء الحياة.
تشمل الرعاية التلطيفية تقديم دعم شامل للمريض، طبيًا ونفسيًا وروحيًا، من قبل الأطباء والممرضين والمساعدين الاجتماعيين وحتى أسرته. وتهدف هذه الرعاية إلى تخفيف المعاناة دون التطرق إلى إنهاء الحياة. في المقابل، يهدف النص الثاني إلى تنظيم عملية “الموت بمساعدة الغير”، وهو ما يثير جدلاً واسعًا بين السياسيين والأطباء والجمهور الفرنسي.
المواقف المتباينة
يعارض فرانسوا بايرو بشدة إصدار قانون يسمح بإنهاء الحياة بمساعدة الغير، إذ صرح سابقًا بأن “الخدمة العامة لا يجب أن تؤدي إلى الموت”. ومن جهته، يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون إلى تمرير تشريع يسمح بمثل هذه الإجراءات في حالات محددة، استنادًا إلى توصيات مجموعة النقاش الوطنية الفرنسية حول “نهاية الحياة”، والتي أوصت في تقريرها الصادر عام 2023 بتحديث القوانين للسماح بـ”القتل الرحيم” في بعض الظروف.
في المقابل، يواجه المشروع اعتراضات قوية من الأطباء والمختصين في الرعاية الصحية، الذين يرون أنه يتجاهل تعقيدات عملهم ويفتقر إلى دراسات علمية كافية حول تأثيره. على الجانب الآخر، تدعم بعض الهيئات الحقوقية إصدار قانون يمنح المرضى الحق في إنهاء حياتهم بطريقة “كريمة”، معتبرة ذلك احترامًا لحرية الأفراد وكرامتهم.
التحديات القانونية والأخلاقية
يثير هذا الجدل تساؤلات أخلاقية وقانونية معقدة، حيث يتداخل حق الفرد في تقرير مصيره مع مسؤوليات الأطباء والتزاماتهم المهنية. كما أن تمرير مثل هذا القانون قد يؤثر على سياسات الرعاية الصحية، ويثير مخاوف من استغلاله بشكل خاطئ.
في ظل هذا الانقسام، يبقى السؤال: هل ستتمكن فرنسا من إيجاد توازن بين احترام إرادة المرضى وحماية القيم الأخلاقية والطبية؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب
تعليقات