لماذا تفيض مشاعرنا أحياناً على من حولنا؟
حين يبلغ التوتر ذروته، نميل – دون وعي – إلى التراجع النفسي: يطفو على السطح “الطفل الجريح” بداخلنا. ننفجر في وجه أحبائنا، نطلب منهم حلولًا أو مواساة كما لو كانوا والدينا. ثم نشعر بالذنب… ونكرر المشهد نفسه.
هذا الدوران العاطفي – بين الضحية والجلاد والمنقذ – يستنزفنا، يضعف علاقاتنا، ويبعدنا عن الحقيقة الجوهرية: نحن بالغون، قادرون على تهدئة أنفسنا، والتفكير بوعي، والتصرف بحكمة.
إليكم ست خطوات لاستعادة زمام الأمور:
1. الخروج من وضع “الطفل” والعودة إلى الذات الراشدة
ذكّر نفسك بمن أنت اليوم: شخص بالغ، كفء، مستقل، يتحمل المسؤولية.
خذ لحظة لتنفس عميق، وللعودة إلى جسدك، وللاتصال من جديد بمواردك الداخلية.
حيلة فعّالة: تخيّل أنك والد عطوف لنفسك. خاطب نفسك كما تخاطب طفلًا تحبه: بحزم، لكن بلطف.
مثلاً: «أنا أفهم أنك منزعج. لكن رد الفعل هذا لا يخدمك. دعنا نهدأ، ونستعيد توازننا، ونرى ما يمكنك فعله الآن.»
2. لا تتخذ قرارات وأنت تحت تأثير الانفعال
تجنب الكلام أو الفعل في لحظات الغضب الشديد. هذا ليس هروباً، بل ذكاء عاطفي.
اقتصر تواصلك حينها على دائرة الثقة فقط، وانتظر حتى تستقر مشاعرك قبل أن تتحدث.
لأن مشاعرك مسؤوليتك، حتى إن كان الآخرون قد أثاروها
3. لا تفرض رؤيتك على الآخرين
الناس ليسوا موجودين لتلبية توقعاتك.
لهم قصصهم، حدودهم، وردود أفعالهم الخاصة.
تعلم الانسحاب من المواقف، بدل محاولة “تربية” الآخرين أو إقناعهم.
المجال الوحيد الذي تملك السيطرة عليه حقاً… هو ذاتك
4. حافظ على علاقاتك المهمة
اختلاف وجهات النظر مع شخص قريب لا يعني أنه يرفضك.
العلاقات الإنسانية معقدة ومليئة بالتفاصيل، فلا تختزلها في خلاف واحد.
كن لطيفاً على وجه الخصوص مع والديك الكبار في السن.
حتى لو صدمتك آراؤهم، قد يكون من الحكمة أحياناً حمايتهم من بعض الحقائق… تماماً كما نُجنّب الأطفال معرفة الحقيقة عن “بابا نويل”
5. قِس أثر كلماتك
قبل أن تتكلم وأنت تحت وطأة شعور قوي، اسأل نفسك:
«كيف سيشعر الطرف الآخر إذا قلت هذا الآن؟»
هل هو كلام مفيد؟ ضروري؟ نابع من نية طيبة؟
بدل نقل غضبك أو خوفك، اختر نشر الهدوء والدعم والدفء. سيكون لهذا تأثير أعمق وأثر رجعي إيجابي أكبر.
6. ركّز على ما يمكنك التحكم به
تجنب التعميمات مثل: «الجميع يعتقد أن…»، «الناس الطبيعيون يفعلون كذا…»
هذه ليست حقائق، بل تعبير عن مشاعرك الشخصية.
عُد إلى نفسك: ما الذي يمكنك فعله هنا والآن؟
في كل مرة تشعر فيها برغبة في النقد، حاول بدلًا من ذلك أن تسلط الضوء على جانب إيجابي.
هذه طريقة فعالة لاستعادة سيطرتك على طاقتك.
خاتمة: الكفّ عن تعليق “فشلك” عن الآخرين هو احترام لنفسك
تحميل الآخرين أعباء مشاعرنا رد فعل بشري، لكنه أيضاً نوع من الهروب من القوة الكامنة في داخلنا.
حين نتعلم الإنصات لاندفاعاتنا، والتحاور مع الطفل في داخلنا، ونعود إلى أنفسنا كراشدين لطفاء، نستعيد حريتنا.
أن تكون راشداً لا يعني ألا تغرق في المشاعر، بل أن تختار عدم البقاء هناك.
أن تتنحّى خطوة، تتنفس، وتتصرف بشكل مختلف – من أجلك… ومن أجل الآخرين.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات