في خطوة تعتبر تحولا جذريا في سوق العمل التونسي، صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون الشغل الجديد، الذي يتضمن إلغاء العمل بعقود محددة المدة إلا في حالات استثنائية، بالإضافة إلى منع “المناولة” أو التوظيف غير المباشر. هذا التعديل القانوني يثير تساؤلات حول مستقبل شركات العمل المؤقت في تونس، التي تعتمد على توفير العمالة بعقود قصيرة الأجل لفائدة مؤسسات أخرى.
ما الذي ينص عليه مشروع القانون الجديد؟
ينص مشروع القانون على إلغاء جميع العقود محددة المدة باستثناء الحالات التي تفرضها طبيعة النشاط، مثل الأعمال الموسمية أو الحاجة المؤقتة لتعويض موظف متغيب. كما يمنع بشكل صريح مناولة اليد العاملة، حيث لم يعد بإمكان الشركات التونسية تشغيل موظفين عن طريق شركات وسيطة.
وفقًا للفصل الجديد، فإن أي عقد عمل يتم إبرامه خارج الحالات الاستثنائية سيعتبر تلقائيًا عقدًا غير محدد المدة، وهو ما يمنح العمال المزيد من الاستقرار الوظيفي ويضع حداً لظاهرة العقود المتجددة لفترات قصيرة التي كانت تحرم الموظفين من الامتيازات الاجتماعية والحقوق المهنية.
ما مصير شركات التوظيف المؤقت؟
مع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، قد تواجه شركات التوظيف المؤقتة تحديات كبيرة، حيث ستصبح خدماتها غير قانونية إذا كانت تعتمد على تأجير العمالة. لكن في المقابل، يمكن لهذه الشركات التحول إلى تقديم خدمات استشارية في الموارد البشرية أو التوظيف المباشر للعمال دون أن يكونوا مرتبطين بعقود مناولة.
في هذا السياق، يتوقع خبراء أن يعاد هيكلة سوق العمل التونسي، مع توجه الشركات الكبرى إلى توظيف العمال بشكل مباشر بدلًا من الاعتماد على وسطاء التوظيف.
تداعيات القرار على سوق العمل التونسي
من المتوقع أن يؤدي هذا القانون إلى تحسين وضعية العمال، خاصة في القطاعات التي كانت تعتمد على التعاقدات قصيرة المدى، مثل الصناعة والخدمات. لكن في المقابل، قد تواجه بعض الشركات صعوبات في تلبية احتياجاتها من اليد العاملة المؤقتة، مما قد يفرض تحديات جديدة على مستوى التشغيل في بعض القطاعات.
يعتقد البعض أن هذا الإجراء سيخلق بيئة عمل أكثر استقرارًا، بينما يرى آخرون أن التشديد في شروط التوظيف قد يدفع بعض المؤسسات إلى البحث عن حلول غير رسمية لتلبية حاجياتها من العمالة.
متى سيدخل القانون حيز التنفيذ؟
من المنتظر أن يُعرض مشروع القانون على البرلمان للمصادقة عليه، وفي حال اعتماده رسميًا، ستُمنح الشركات فترة انتقالية لتسوية أوضاعها وفقًا للأحكام الجديدة.
يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن الشركات التونسية من التكيف مع هذا الإطار القانوني الجديد دون التأثير على معدلات التشغيل والإنتاجية؟
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات