اقتصاد وأعمال

أرقام متضاربة تشوب مذكرة تنفيذ الميزانية

تتضارب الأرقام التي نشرتها وزارة المالية يوم السبت 17 ديسمبر 2022، في مذكرة مراقبة تنفيذ الميزانية نهاية سبتمبر 2022 مع البيانات التي تم الكشف عنها فيما يتعلق بإنجازات الميزانية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري في التقرير حول قانون المالية التعديلي الصادر عن نفس الوزارة بعنوان العام الحالي.

وتتعلق الفوارق بشكل خاص بنفقات الميزانية والعجز الأولي.

أرقام متضاربة

وتشير أرقام من المذكرة إلى تراجع عجز الميزانية التونسية من 4142.53 مليون دينار نهاية سبتمبر 2021 إلى 3627.3 مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري. ويعزى انخفاض عجز الميزانية، الذي لم توضحه اسبابه المذكرة، إلى سبب بسيط للغاية يتمثل في عدم قيام السلطات بدفع الدعم الذي طلبته عدة مؤسسات عمومية (2.2 مليار دينار) خاصة ديوان الحبوب والصيدلة المركزية والشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لصناعات التكرير.

وبحسب أرقام الوزارة، يعود التحسن في رصيد الميزانية بشكل رئيسي إلى زيادة الموارد الجبائية بنسبة 17.1 بالمائة، والتي ارتفعت من 22.1 مليار دينار نهاية سبتمبر 2021 إلى 25.9 مليار دينار في نهاية الأشهر التسعة الأولى من السنة.

غير أن هذا الارتفاع يحيل الى وجود تباين كبير يصعب تفسيره خاصة أنه يأتي من زيادة الضرائب غير المباشرة (+2.7 مليار دينار أو 20.5 بالمائة) وهذا رغم تراجع الاستهلاك، الخاص والعام، بسبب تفشي التضخم وتفاقم ندرة منتجات استهلاكية عديدة مع العلم أن قانون المالية 2022 لم يراجع نسب الضرائب غير المباشرة بالزيادة.

كما بينت مؤشرات وزارة المالية ان معدل إنجاز نفقات التدخلات (الدعم والتحويلات للأسر المحتاجة) مقارنة بالتوقعات الأولية لم يتجاوز 58.3 بالمائة في نهاية سبتمبر الماضي، على الرغم من الزيادة المذهلة في قيمة واردات الوقود والمنتجات الأساسية (19 مليار دينار) وهو ما يؤكده باستمرار وزراء الطاقة والتجارة والفلاحة بالإضافة إلى المعلومات التي ينشرها البنك المركزي في هذا الصدد.

انعدام الشفافية

على صعيد آخر، كشفت معطيات مذكرة الوزارة أن موارد الخزينة، تراجعت نهاية سبتمبر 2022 بنسبة 28 بالمائة، لتصل إلى 10.4 مليار دينار، مقابل 13.2 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام السابق.

من هذا المنطلق، ارتفعت موارد الاقتراض خلال الفترة من سبتمبر 2021 إلى سبتمبر 2022 من 11.1 إلى 13.5 مليار دينار، أي بزيادة قدرها 2.4 مليار دينار بنسبة 21 بالمائة.

لكن مذكرة وزارة المالية الخاصة بمتابعة تنفيذ ميزانية الدولة لشهر سبتمبر تظهر كما في الشهرين السابقين أن بند “الموارد الأخرى للخزينة” يظهر رصيدا سلبيا قدره 3 مليارات دينار وهو ما يشكل سابقة من نوعها في المالية العمومية حيث يجب أن تكون جميع ارصدة  موارد الميزانية و / أو الاقتراض إيجابية بالضرورة، خاصة أنه لم يتم تقديم تفسير على هذا المستوى.

يذكر أن قانون المالية التكميلي 2022 ينص على أن مبلغ ميزانية الدولة لعام 2022 سيصل إلى 60820 مليون دينار وهو ما يمثل زيادة قدرها 3529 مليون دينار مقارنة بتوقعات قانون الميزانية الأولي كما انه من المنتظر ان يناهز العجز دون احتساب الهبات ومداخيل المصادرة البالغة 11099 مليون دينار وهو ما يمثل نسبة 7.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويمثل العجز الذي تم الكشف عنه في مذكرة تنفيذ الميزانية العامة للدولة في نهاية سبتمبر 33 بالمائة فقط من الرصيد الأولي المقدم في قانون المالية 2022. ولم تنشر وزارة المالية أي ملاحظة تفسيرية لهذا الاختلاف.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن أحكام قانون الميزانية الأساسي – القانون رقم 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 – تدعو صراحة إلى ضمان صدق وشفافية البيانات المتعلقة بقوانين المالية في كل اطوارها.

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى