اقتصاد وأعمال

اتجاه لإحداث صندوق لتمويل حاجيات التهرم السكاني

نتيجة للتهرم السكاني وتراجع عدد الولادات، لا يسجل معهد الإحصاء زيادة في عدد سكان البلاد الذي يستقر عند 11,8 مليون تونسي بينما تشير مؤشرات المعهد إلى زيادة في عدد كبار السن الذين تجاوزوا عمر الستين حيث أصبحوا 15% من مجموع السكان مقابل نسبة لا تتعدى 5% عام 1956.

ومقابل زيادة عدد السكان الذين تخطو سن الـ 60 عاما تسجل البيانات الرسمية تراجعا في عدد الولادات بوتيرة أسرع حيث تقلص عدد المواليد الجدد من 220 ألفا سنة 2015 إلى 135 ألف ولادة سنوية بحلول عام 2023.

نحو توفير تمويلات لرعاية كبار السن

في هذا الإطار ولمجابهة تداعيات ظاهرة التهرم السكاني لا سيما على المستوى المالي، يسعى أعضاء من مجلس نواب الشعب لتوفير مصادر مالية جديدة لرعاية كبار السن عبر صندوق خاص يكّلف أساسا بضمان الحقوق الاجتماعية والصحية والترفيهية لمن يتجاوزون سن الـ 65 عاماً. وقدم عدد من النواب مؤخرا مقترح قانون يهدف إلى إحداث صندوق لرعاية شؤون كبار السن يوكل التصرف فيه إلى وزارة شؤون الأسرة والمرأة والمسنين على أن يهدف إلى معالجة بعض الوضعيات التي تعيشها فئات من كبار السن وبالخصوص منهم ذوو الدخل المحدود.

ويرجى من مقترح القانون تطوير المنظومة التشريعية التي تؤمن حقوق هذه الفئة على وجه التحديد، وتوفير الإمكانيات المادية اللازمة للمساهمة في إقامة وتجديد البنى التحتية للمؤسسات المخصصة لإيواء كبار السن وتشجيع ودعم الاستثمار في هذا المجال إلى جانب تطوير التكوين المهني والطبي في مجال طب الشيخوخة والرعاية المتخصصة. وحسب مقترح القانون لن تقتصر تدخلات الصندوق عند توفير الرعاية المادية والصحية حيث يهدف المشروع إلى دعم المشاريع الإنتاجية لكبار السن وتعزيز مشاركتهم في الحياة الثقافية إلى جانب تسيير مشاركتهم في الحياة العامة.

ووفق بيانات وردت في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بالمبادرة التشريعية ينتظر أن ترتفع نسبة كبار السن إلى 18% من مجموع السكان عام 2030 وأن تزيد النسبة إلى 20,9% بحلول عام 2034، ويعرف مقترح القانون كبار السن بمن يزيد سنهم عن 65 عاما ويقترح تمويل الصندوق عن طريق ميزانية الدولة والاقتطاعات الموظفة على مداخيل كبار السن المتقاعدين إلى جانب الهبات والقروض التي ترصد لصالح الصندوق في إطار مهامه.

ويتم التأكيد، في هذا الصدد، على ان الحاجة إلى تطوير التشريعات الوطنية المتعلقة بكبار السن أصبحت تفرض نفسها في ظل التحولات الديمغرافية التي تشهدها البلاد علما أن طيفا واسعا من فئة كبار السن يفتقد في عدد من الحالات الى التغطية الاجتماعية.

التأقلم مع ظاهرة التهرم السكاني

في جانب اخر، يحتاج الارتقاء بالواقع المعيشي للمسنين إلى توفير آليات تمويل جديدة بينما يرتفع سقف تطلعاتها من سلط الاشراف. وتعمل، على هذا المستوى، المؤسسة التشريعية على تهيئة الأرضية القانونية اللازمة للتعامل مع التغيرات الديمغرافية التي ستطرأ على المجتمع وهو ما يفرض على المؤسسات ان تكون مستعدة لتوفير الرعاية الشاملة والمتخصصة لـ 20% من المواطنين من كبار السن على المدى المتوسط.

هذا وظهرت بوادر التهرّم السكاني في تونس منذ نحو أكثر من عقد، حيث أبرزت الاسقاطات الديمغرافية منذ إحصائيات عام 2015، أنّ السّنوات القادمة ستحمل تغييرا جليّا في الهرم العمري علما أن شريحة كبار السن مثّلت عام 2014، تاريخ آخر مسح أنجزه المعهد الوطني للإحصاء، 11.7% من إجمالي عدد السكان بينما يرجّح أن تبلغ نفس النّسبة 22.6% في سنة 2041، أي بنسبة تطوّر تفوق الـ 93%.

وتفسر تقارير متخصصة التحولات في الهرم السكاني إلى الانخفاض في عدد الولادات وتراجع معدلات الخصوبة التي بلغت 1.7 لكلّ امرأة في سنّ الإنجاب، وهو الرقم الأقل من معدل تجديد الأجيال. كما أن هذه التغيّرات الديمغرافية تنبئ بتوسّع الشّريحة الّتي تعتبر المستهدف والمستفيد الأوّل من سياسات الصحة، وذلك باعتبار علاقة الترابط بين التقدم في السّن وقابلية الإصابة بالأمراض، خاصّة منها الأمراض المزمنة.

وحالياً لا تواكب الى حد ما مهن رعاية المسنين في البلاد التطورات الديمغرافية التي تعرفها البلاد، ما يضع الأسر التي تكفل كبار السن في مواجهة اشكاليات الحصول على رعاية متخصصة لذويها من المتقدمين في العمر. وتلجأ الأسر إلى خدمات الحاصلين على شهادة المساعدة في التمريض، أو المعينات المنزليات فيما تحاول مؤسسات متخصصة تطوير هذا الصنف من مهن الرعاية، الذي لا يزال خارج دائرة التغطية الاجتماعية والمراقبة، ما يعرّض المسنين الى وضعيات خاصة صحية ونفسية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى