اقتصاد وأعمال

الاقتصاد الوطني في 2023: مكاسب رغم تحديات الظرف الدولي

شهدت تونس مرحلة اقتصادية ايجابية خلال عام 2023 بعد سنوات من الصعوبات رغم اتسامها بتباين تطور المؤشرات المالية والنقدية.

وتميز العام الفارط اجمالا بديناميكية اقتصادية قوية لا سيما على مستوى إيرادات القطاع الخارجي وتوازن المالية العمومية في سياق يمكن الى حد بعيد من رسم ملامح تطور الاقتصاد وافاقه لهذا العام.

النمو الاقتصادي: تحديات قطاعية

سجلت البلاد نموا اقتصاديا معتدلا في عام 2023، مع تطور الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 1.2 بالمائة في النصف الأول من العام. وتختلف التوقعات للعام 2023 بأكمله، لكن معظم المصادر تتوقع نموًا اقتصاديًا متواضعا الى حد ما تحت تأثير التراجع الكبير لنمو القطاع الفلاحي بسبب الجفاف والتغير المناخي رغم تحسن معطيات قطاع المناجم والصناعة، مع توقع نمو بنسبة 1.9 بالمائة للفترة المتبقية من عام 2023 وهي نسبة مقبولة الى حد بعيد.

وفي أحدث توقعاته الاقتصادية العالمية، المنشورة في أكتوبر، رجح صندوق النقد الدولي أن يصل النمو في تونس إلى 1.3 بالمائة في عام 2023 والى 1.9 بالمائة في عام 2024.

ومع ذلك، تعرض معدل النمو الاقتصادي لانتكاسة نسبية نهاية العام المنقضي، حيث انخفض من 0.6 بالمائة إلى -0.2 بالمائة على أساس سنوي في الثلاثي الثالث مقارنة بالثلاثي الثاني. وأثار هذا التراجع غير المتوقع تساؤلات حول العوامل الكامنة وراء هذا الانكماش.

الاستثمارات والإنتاج الصناعي: بوادر مشجعة

رغم المصاعب الناتجة عن الأوضاع إقليميا ودوليا، ارتفعت نوايا الاستثمار الصناعي بنسبة 7.1 بالمائة بين الأشهر العشرة الأولى من عام 2023 و2022.

وتشير هذه الزيادة إلى استمرار الثقة في القطاع الصناعي على الرغم من الوضع الاقتصادي المليء بالتحديات لا سيما الخارجية منها والتي تمكنت تونس من مجابهتها بتماسك ملحوظ لدعائم القطاع الخارجي والمالية العمومية. كما سجل مؤشر الإنتاج الصناعي نموا بنسبة 5.4 بالمائة في سبتمبر 2023 مقارنة بشهر جويلية من نفس العام، مما يشير إلى صلابة هذا القطاع.

سوق الشغل والتضخم

أظهر سوق الشغل علامات تماسك نسبية، رغم ارتفاع معدل البطالة بمقدار 0.2 نقطة، ليصل إلى 15.8 بالمائة في الثلاثي الثالث من عام 2023. ويشكل هذا الارتفاع في البطالة تحديا كبيرا للاقتصاد التونسي على المدى القصير والمتوسط. بالإضافة إلى ذلك، وعلى الرغم من تباطؤ التضخم قليلاً إلى 8.3 بالمائة في نوفمبر 2023، إلا أنه لا يزال عند مستويات تفرض متابعة خاصة لتاثيره على القوة الشرائية للأسر بينما تسعى السطات النقدية لمجابهته عن طريق التحكم في سعر الصرف ونسب الفائدة التي شهدت في 2023 استقرار لافتا.

التجارة الخارجية والمالية العمومية: تحسن ملحوظ

يشكل انخفاض العجز التجاري خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2023، وكذلك انكماش عجز الميزانية في نهاية سبتمبر 2023، نقاطاً إيجابية. وتظهر هذه المؤشرات سيطرة أفضل على التجارة الخارجية وإدارة أكثر توازناً لمؤشرات لمالية العمومية، مما يوفر بعض الراحة في سياق اقتصادي دقيق.

السياسة النقدية وأسعار الصرف: استقرار نسبي

على الصعيد النقدي، ظل سعر الفائدة في سوق النقد مستقرا عند 7.99 بالمائة للشهر الثاني على التوالي في نوفمبر 2023، مما يوفر بعض الاستقرار على الرغم من التباين في مستوى تطور القيمة المضافة لعدد من القطاعات الاقتصادية المحورية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع قيمة الدينار التونسي مقابل الدولار الأمريكي، وتسجيله لانخفاض جد محدود لقيمته مقابل اليورو، يسلط الضوء على تحسن دعائم سوق الصرف في سياق ما يتسم به من مراقبة مستمرة من قبل سلط الاشراف.

وقد تميز الثلاثي الثالث من عام 2023 بمزيج من الإشارات الإيجابية، مما يوضح النجاح في مجابهة التحديات الاقتصادية التي تواجه تونس. وستكون الجهود المستمرة لتحفيز النمو وخلق فرص الشغل والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي ضرورية لمزيد تجاوز هذه التحديات وتعزيز الانتعاش المستدام.

الآفاق الاقتصادية لعام 2024

لا تزال الآفاق الاقتصادية لتونس في عام 2024 متسمة بأهمية التحديات المرتبطة بتطور حالة الجفاف وظروف التمويل ووتيرة الإصلاحات. وبحسب تقرير رصد الوضع الاقتصادي التونسي للبنك الدولي، من المتوقع أن يشهد النمو الاقتصادي ارتفاعا عند 3 بالمائة في عام 2024.

وعلى نحو مماثل، يتوقع البنك الإفريقي للتنمية نموا اقتصاديا بنسبة 2.3 بالمائة في المعدل للفترة 2023-2024. وتسلط هذه التوقعات الضوء على اهمية مواصلة الإصلاحات وتحسين ظروف التمويل لدعم النمو الاقتصادي.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى