اقتصاد وأعمال

البنك الدولي يحذر من المخاطر الخفية للديون الخاصة

أبرز البنك الدولي في مذكرة أصدرها مؤخرا بعنوان “مخاطر الديون الخاصة تتخفى على مرأى من الجميع” انه في بداية   الجائحة، أصدرت بلدان عديدة قرارات بتعليق سداد الديون من أجل إعطاء مهلة للأسر والشركات في وقتٍ كان يواجه فيه كثيرون انخفاضا حادا في الدخل، الأمر الذي جعلهم يكافحون من أجل الوفاء بالتزاماتهم.

وكان، حسب المؤسسة المالية الدولية، تعليق سداد الديون مصحوبا بسياسات أعطت البنوك المرونة التنظيمية التي سمحت لها بعدم تصنيف القروض المتأثرة في فئة مخاطر أعلى، كما جرت العادة، وساعد ذلك في تمكين البنوك من تجنب رصد احتياطيات مالية اعلى يستلزمها إعادة التصنيف. كما كان صناع السياسات يأملون في استخدام البنوك للسيولة المتاحة لمواصلة الإقراض.

ولكن في حين وفر تعليق سداد الديون بالفعل إغاثة مؤقتة للمدينين من القطاع الخاص وربما حد من التداعيات الناجمة عن الارتباك الذي أحدثته الجائحة في بداياتها، فلم يخل الأمر من العيوب. وبشكل خاص، زادت هذه السياسات من الصعوبات التي يواجهها المشرفون على البنوك في استكشاف علامات الإنذار المبكرة بشأن ارتفاع حالات التخلف عن السداد، وأدى هذا إلى ظهور مشكلة القروض المتعثرة المستترة ــ والتي من المحتمل أن تكون كارثية، وفق تقدير البنك الدولي الذي ابرز انه ومع انتهاء العمل بتعليق سداد الديون الطارئ الآن في العديد من البلدان، تواجه الأسر والشركات المعرضة للخطر، وخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، مدفوعات سداد القروض التي لم يعد بوسعها أن تتحملها وهو ما يهدد بأن يؤدي إلى تحريك موجة من التخلف عن السداد، وستكون عواقبها على التعافي الاقتصادي بعيدة المدى، وخاصة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل التي تناضل بالفعل لإحياء النمو.

وبينت المذكرة انه لا يزال في الوقت متسع للحد من الضرر لكن هذا يتطلب اعتراف القوى الفاعلة في القطاعين العام والخاص بالمشكلة قبل أن تتحول إلى أزمة شاملة، وإدارتها بكفاءة وفعالية وحتى الآن، يبدو الإقبال ضئيلا على ذلك النوع من الشفافية الذي قد يستلزمه الامر اذ انه، وفقا للبيانات التي قدمتها المؤسسات المالية إلى صندوق النقد الدولي، لا توجد مشكلة على الإطلاق: فقد ظلت معدلات القروض المتعثرة ثابتة خلال الفترة 2019-2020 في عينة كبيرة من الاقتصادات المتقدمة والناشئة التي تبنت سياسات الامهال.

كما تكشف البيانات الواردة من معهد ماستركارد للاقتصاد، والتي تغطي 165 دولة، وضعية مختلفة تماما، حيث ارتفعت حالات فشل الأعمال الدائم بما يقرب من 60 بالمائة في عام 2020 مقارنة بمستواها الأساسي قبل الجائحة (2019). وعلى الرغم من تحسن الموقف في عام 2021، لا يزال ما يقرب من 15 بالمائة من البلدان، ومعظمها منخفضة ومتوسطة الدخل، تسجل زيادات في حالات فشل الأعمال الدائم.

وأكدت المذكرة انه قد حان الوقت لإدراك هذه الأزمة المستترة ومعالجتها حيث يحدد تقرير التنمية العالمية لعام 2022 الصادر عن البنك الدولي خطوات ملموسة يستطيع صناع السياسات أن يتخذوها. أولا، يتعين على البلدان أن تزيد من شفافية ميزانيات القطاع المالي باعتبار ان الممارسات الواضحة المتسقة في الإفصاح بشأن جودة الأصول، والتي تُـفـرَض من خلال الإشراف الفعال، تشكل ضرورة أساسية. ويتعين على المؤسسات المالية أن تعمل أيضا على تطوير قدرتها على إدارة القروض المتعثرة، حتى لا تتسبب أي زيادة في حالات التخلف عن السداد في منع المزيد من الإقراض.

وينبغي للبلدان أن تعمل أيضا على إنشاء أو تعزيز آليات الإعسار القانونية، بما في ذلك الخيارات الهجينة خارج المحاكم والتي تنطوي على ترتيبات التوفيق والوساطة. بوسع مثل هذه الأنظمة ــ التي تفتقر إليها العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة والبلدان النامية حاليا ــ أن تعمل على التعجيل بحل ضائقة الديون والحد من الضرر الواقع على القطاع المالي. وتشكل إجراءات تسوية الديون غير المكلفة والتي يسهل الوصول إليها، والتي تعمل على الحد من مشاركة المحاكم في إعادة الهيكلة، أهمية خاصة بالنسبة إلى المؤسسات المتناهية الصِـغَر والصغيرة والمتوسطة الحجم، فضلا عن رواد الأعمال والأفراد.

أخيرا، يتعين على الهيئات التنظيمية وجهات الإقراض أن تعمل على ضمان احتفاظ الأسر والشركات بالقدرة إلى الوصول إلى الائتمان اذ أدت البيئة الاقتصادية غير المؤكدة بدرجة غير عادية، جنبا إلى جنب مع الافتقار إلى الشفافية بشأن الوضع المالي للمقترضين، إلى زيادة المخاطر والحد من كفاءة الطرق التقليدية في قياس هذه المخاطر.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى