اقتصاد وأعمال

الشركات الأهلية: حصيلة إيجابية رغم تحديات التمويل

نص مرسوم احداث الشركات الأهلية الصادر منذ سنتين، تقريبا، على ان هذه المؤسسات تتكون من أشخاص طبيعيين لا يقل عددهم عن 50 شخصا وتتوفر فيهم صفة الناخب في الانتخابات البلدية. ويمكن الجمع بين صفة المشارك في الشركة الأهلية وصفة الأجير، ولا يمكن أن يقل رأس مال الشركة الأهلية المحلية عن عشرة آلاف دينار وإذا كانت الشركة الأهلية جهوية فإن رأس مالها لا يمكن أن يقل عن عشرين ألف دينار.

وتهدف الشركات الأهلية، حسب نص المرسوم، إلى تحقيق التنمية الجهوية وأساسا بالمعتمديات، وفقا للإرادة الجماعية للأهالي وتماشيا مع حاجيات مناطقهم وخصوصياتها. وتمارس الشركات الأهلية نشاطا اقتصاديا انطلاقا من الجهة الترابية المنتصبة بها .وتتمتع الشركات الأهلية بالشخصية القانونية.

دور اقتصادي فعال

بغض النظر عن دورها التشغيلي ودفعها لنسيج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فان هذه الوحدات الاقتصادية بنيت لتكون عنصر ادماج مالي وهو ما دعا عدة بنوك، عمومية وخاصة، اليوم الى التعبير عن استعدادها لدعمها تمويليا باعتماد نسب فائدة تفاضلية وبشروط خاصة على مستوى الضمان. 

غير انه ليس من المنتظر بالضرورة، أن تكون الشركات الأهلية دافعا للاقتصاد لوحدها بقدر ما يعول عليها لامتصاص البطالة التي يعاني منها الشباب، باعتبار وجود أراض زراعية مهمشة في العديد من المناطق فضلا عن الرغبة في تكثيف فرص الاستثمار في قطاعات واعدة مختلفة لا تحتاج الى تمويلات كبرى.

في جانب اخر، تفرض معطيات الظرف الاقتصادي تعزيز هذه الشركات بتدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتفعيل الاقتصاد التضامني حتى تعطي نتائج اقتصادية واضحة خصوصا انه من المفروض ان تمكن الشباب المهمش والمعطل من أن يصبح عضوا في شركة، وستكون فرصة حقيقية للشباب لتحقيق ذاتهم.

تحديات وافاق

هذا وتواجه الشركات الأهلية عدة عقبات تؤثر على نجاحها، فوفق معطيات السجل الوطني للمؤسسات، فإن 109 شركة أهلية استكملت إجراءات التأسيس على المستويين المحلي والوطني إلى غاية 31 اكتوبر 2024، 80 بالمائة منها في قطاع الفلاحة. وتحصلت حوالي 33 شركة على الموافقة على التمويل من البنك التونسي للتضامن بقيمة استثمار في حدود 9.6 مليون دينار، وانطلقت نحو 15 شركة منها فعليا في ممارسة نشاطها، تم تمويلها من قبل البنك التونسي للتضامن، واحدة منها فقط تحصلت على تمويل من مؤسسة مالية بعد منحها تمويل استثماري من البنك التونسي للتضامن. 

كما ان العديد من الصعوبات تواجه الشركات الاهلية أهمها التمويل وغياب حملات الاتصال لإعلام المعنيين بإحداثها بكيفية التعامل مع المؤسسات المالية وعدم وجود وحدات خاصة مكلفة بتمويلها وإضافة الى ذلك فان العديد من رواد الأعمال غير قادرين على توفير التمويل الذاتي المطلوب لتأسيس الشركات، حيث يُشترط أن يكون الحد الأدنى لرأس المال 10 آلاف دينار للشركات المحلية و20 ألف دينار للشركات الجهوية. هذا الشرط يمثل تحديا خاصةً للأشخاص من ذوي الدخل المحدود.

رغم وجود خطوط تمويل مخصصة من قبل الحكومة، إلا أن المؤسسات المالية، عمومية وخاصة، لا تزال بصدد وضع ادلة اجراءات لتمويل الشركات الاهلية بغرض تسهيل فتح حسابات جارية لمؤسسيها والاحاطة بهم لا سيما في مجال دراسة الجدوى. وخصصت الحكومة في 2023 مبلغ 20 مليون دينار لدعم الشركات الأهلية تم تعزيزه باعتماد إضافي بنفس القيمة هذا العام، وبلغت الاعتمادات المصروفة، في هذا الإطار، حسب اخر المعطيات المحينة 10 مليون دينار. 

وتعاني الشركات الأهلية كذلك من بطء الإجراءات الإدارية المتعلقة بتأسيسها مما يعيق انطلاقها الفعلي في السوق علاوة على افتقارها عدد منها إلى البرامج التكوينية والدعم الفني بما يساعدها في جذب المساهمين، مما يزيد من صعوبة الحصول على التمويل. وتواجه هذه الشركات تحديات إضافية تتعلق بالبيئة الاقتصادية المحلية، ذلك أن النمو الاقتصادي المتباطئ في بعض القطاعات يجعل من الصعب تعبئة التمويلات اللازمة لهذه الشركات.

وبذلك تحتاج الشركات الأهلية إلى دعم أكبر القطاع المالي لتجاوز العقبات التي تجابهها وذلك في سياق تحسين الوصول إلى التمويلات وتبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير التكوين بما يسهم بشكل كبير في تعزيز قدرة هذه الشركات على النمو والمساهمة في الاقتصاد الوطني.

Leave a Comment

Recent Posts

سليانة: رئيس ديوان وزير الفلاحة يُتابع تقدم الاستعدادات لموسم تجميع الحبوب

سليانة: رئيس ديوان وزير الفلاحة يُتابع تقدم الاستعدادات لموسم تجميع الحبوب

2025/04/17

تونس – الوكالة الفرنسية للتنمية: حرص مشترك على تعزيز التعاون الثنائي

استقبل وزير الاقتصاد والتخطيط السيد سمير عبد الحفيظ، يوم الخميس 17 أفريل 2025، السيد Christophe…

2025/04/17

باجة : كميات الأمطار المُسجلة خلال الـ24 ساعة الأخيرة

شهدت مختلف مناطق البلاد التّونسية خلال الـ24 ساعة الأخيرة نزول كميات كبيرة من الأمطار و…

2025/04/17

سويسرا في حاجة لاستقبال 460 ألف عامل أجنبي… ومعاملتهم بـ”دلال” ! 

رغم صعود اليمين المتشدّد والنزعة الشعبوية، تجد سويسرا نفسها مضطرة، بل مجبرة، على فتح أبوابها…

2025/04/17

ليبيا: جهود مكثفة من أجل كبح تدهور قيمة الدينار

عُقد صباح اليوم الخميس الموافق 17 أفريل 2024، اجتماع بمقر مصرف ليبيا المركزي بمدينة بنغازي،…

2025/04/17

هذا الأحد: انقطاع التيار الكهربائي عن هذه المناطق

هذا الأحد: انقطاع التيار الكهربائي عن هذه المناطق

2025/04/17