اقتصاد وأعمال

المالية العمومية: ارتفاع خدمة الدين وتقلص العجز

ترسم الأرقام الأخيرة التي نشرها البنك المركزي التونسي صورة متباينة لمؤشرات مردودية الاقتصاد الوطني.

وتكشف البيانات التي نشرتها مؤسسة الاصدار التحديات الكبيرة المتعلقة بالدين العام والتوقعات المشجعة للسنوات القادمة من حيث الجهود المبذولة لخفض عجز الميزانية.

ارتفاع الدين الخارجي

ارتفعت خدمة الدين الخارجي لتونس بنسبة 116.4٪، أي أكثر من الضعف فيما يزيد قليلا عن عام. وزاد حجم الأقساط المدفوعة من 2.8 مليار دينار في أفريل 2023 إلى 6.1 مليار دينار حاليا. وتعزى هذه الزيادة أساسا إلى سداد سندات يوروبوند بقيمة 850 مليون يورو، مصحوبة بفوائد إضافية بقيمة 47.8 مليون يورو، بواقع اجمالي في حدود 898 مليون يورو، أو ما يعادل 3 مليارات دينار. وتسلط هذه الوضعية الضوء على الضغوط المتزايدة على المالية العامة بما يؤكد الحاجة إلى إدارة حكيمة للديون.

من ناحية أخرى، على الرغم من هذه التحديات، تبرز بعض البيانات الاقتصادية وجود عدة ملامح للتفاؤل اذ سجلت إيرادات السياحة ومداخيل العمل زيادات متوسطة، ولكنها مشجعة، حيث ارتفعت بنسبة 7.6٪ (إلى 1.3 مليار دينار) و4.4٪ (إلى 1.9 مليار دينار) على التوالي. وساهمت هذه القطاعات مجتمعة في إيرادات بلغ مجموعها 3.3 مليار دينار، مما وفر دعما ماليا إضافيا للاقتصاد.

عجز الميزانية يتقلص تدريجيا

من المتوقع أن ينخفض عجز الميزانية تدريجيا خلال السنوات الثلاث المقبلة، وفقا لتوقعات وزارة المالية. ويعكس هذا الاتجاه التنازلي، ذلك امه من المنتظر ان بتراجع العجز من -6.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي (-11.5 مليار دينار) في نهاية عام 2024، إلى -5.2٪ من الناتج المحلي الإجمالي (-9.8 مليار دينار) في عام 2025 و-3.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي -8 مليارات دينار) بحلول نهاية عام 2026، الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في المالية العامة وتعزيز إدارة أفضل للموارد.

ولتحقيق هذه الأهداف، تعول وزارة المالية على استمرار الاتجاه التصاعدي في موارد الميزانية. ومع توقع زيادة مستمرة، في هذا الإطار فاه من المرتقب أن تصل قيمة هذه الموارد إلى 49 مليار دينار في عام 2024 (بزيادة 8.4٪ مقارنة بعام 2023)، و51.7 مليار دينار (+5.3٪) في عام 2025، و56.2 مليار دينار (+8.7٪) في عام 2026. وتتيح هذه الزيادة في الموارد المالية حيزا مناسبا لسياسات لتمويل الإنفاق العام والاستثمار في قطاعات التنمية ذات الأولوية.

الرقابة على الإنفاق العام

من الضروري ملاحظة أنه من المتوقع أيضا أن يزداد الإنفاق المالي، وإن كان بوتيرة أبطأ. ومع زيادة مرتقبة بنسبة 6.7٪ في عام 2024، سيصل الإنفاق إلى 59.8 مليار دينار، قبل أن يرتفع بوتيرة أكثر اعتدالا ليصل إلى 61.2 مليار دينار (+2.4٪) في عام 2025 و63.8 مليار دينار (+4.3٪) في عام 2026. وتؤكد هذه الزيادة في الإنفاق الحاجة إلى الحفاظ على التوازن بين الاستثمار العام والإدارة المالية الحكيمة.

وأخيرا، فيما يتعلق بصافي الأصول بالعملة الأجنبية، سجلت زيادة طفيفة، من 21.8 مليار دينار (94 يوما من الواردات) إلى 23.5 مليار دينار (107 أيام من الواردات) اعتبارا من 19 أفريل 2024. وتعكس هذه الزيادة في احتياطيات النقد الأجنبي الاستقرار النسبي لسوق الصرف وقدرة تونس على تلبية احتياجاتها من النقد الأجنبي.

وعلى الرغم من أن تونس تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، إلا أن الجهود المبذولة لخفض عجز الموازنة وزيادة الإيرادات المالية توفر آفاقا مشجعة للاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. ومع ذلك، تظل الإدارة الحكيمة للديون وتخصيص الموارد بكفاءة أمرا ضروريا لضمان النمو المستدام والشامل في السنوات القادمة.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى