بعد اقراره، وزارة المالية تستأنس بآراء الخبراء المحاسبين في صياغة قانون المالية !

اشرفت مؤخرا وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية على فعاليات الملتقى الحواري حول قانون المالية لسنة 2022 الذي نظمته هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية عبر تقنية التواصل عن بعد وذلك بحضور رئيس الهيئة وثلة من أعضاء مكتب الهيئة و من اطارات الوزارة.

وأكّدت الوزيرة في هذا الاطار، وفق بلاغ نشرته وزارة المالية على صفحتها بمواقع التواصل الاجتماعي، على أهميّة الدّور الذي يضطلع به الخبراء المحاسبون وإسهامهم في اصلاح المنظومة الجبائيّة باعتبار قربهم من مشاغل المؤسسة الاقتصاديّة وبيّنت أنّ وزارة الماليّة حريصة على الاستئناس بآرائهم.

وأشارت في السياق ذاته أنّه رغم قصر الفترة التي تمّ خلالها إعداد قانون الماليّة لهذه السنة إلاّ أنّ ذلك لم يمنع الوزارة من تشريك الخبراء المحاسبين وكذلك المهنيين في الشأن الجبائي ومختلف المنظمات الوطنيّة في ابداء ملاحظاتهم ومقترحاتهم حول ملامح القانون. وقالت أنّ الضغوطات التي تعرفها الماليّة العموميّة تحتّم حسن التصرّف في موارد الدّولة بما يضمن التوازن العام للميزانية. كما أشارت إلى أنّه رغم هذه الضغوطات فإنّه لم يتم توظيف ضرائب جديدة على المؤسسات وذلك وعيا من الدّولة بأهمية معاضدة المؤسسة الاقتصاديّة لاسيما في ظلّ تداعيات الأزمة الوبائيّة وضرورة توفير كلّ الظروف لتخطّي هذه المرحلة الصعبة اقتصاديا.

ويأتي تأكيد الوزيرة في ظل الاشكالات المتعلقة بشكل خاص بارتفاع الضغط الجبائي في مادة الاداء على الاستهلاك وبالفصل الجديد من قانون المالية للعام الحالي (الفصل (52 الذي يحذف نظام توقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة لشركات التجارة الدوليّة ولمؤسسات الخدمات المصدّرة.

وشدّدت الوزيرة، في سياق منهج داب مسؤولو حكومات ما بعد 2011 على اتباعه، على أهمية إرساء رؤية إصلاحية شاملة وفق مقاربة تشاركية تهم جميع المتدخّلين وتهدف إلى تحسين مناخ الأعمال وحفز الاستثمار مع الحفاظ على التوازنات المالية ومواصلة التحكم في نسبة المديونية بصفة تدريجية وتعزيز الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.

هذا وكان رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح وليد بن صالح قد أكدّ بداية نوفمبر الفارط، على أنّ وضعية المالية العمومية صعبة ومعقدة، وأنّه لا يمكن مواصلة إعداد قانون المالية بنفس الطريقة الكلاسيكية المعتمدة خلال السنوات الفارطة، ولابدّ من أخذ عامل المتغير السياسي بعين الاعتبار ليستجيب القانون إلى تطلعات ما بعد 25 جويلية، بحسب قوله.

ودعا رئيس الهيئة، إلى أهمية إحداث إصلاح جبائي حقيقي عبر إعادة التفكير في نسبة الضغط الجبائي، وإعادة توزيعها بطريقة منصفة بين كلّ المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين، وفق تقديره. ولفت إلى وجود أزمة اقتصادية كبيرة تعيش على وقعها البلاد، وستكون لها تداعيات خطيرة على الميزانية العمومية، التي تتأثر بدورها بعوامل أخرى مثل التخفيض في الترقيم السيادي لتونس، الذي سيخلق صعوبات كبيرة جدا في الحصول على تمويلات أجنبية بشروط تستجيب لقدرتنا على التسديد، على حدّ تعبيره.

وعلى صعيد أخر، قال بن صالح، إنّه عند التفكير في إجراءات جبائية جديدة يجب القيام بتقييم لمعرفة مدى نجاعة هذه الإجراءات، ويجب أن تكون الاقتراحات في اتجاه إصلاح جبائي حقيقي من خلال إعادة التفكير في نسبة الضغط الجبائي، وإعادة توزيعها بطريقة منصفة بين كلّ المواطنين والمتعاملين الاقتصاديين، مؤكدا على أهمية تبسيط الإجراءات الجبائية، والتفكير في كيفية إنقاذ المؤسسات وإعطاء دفع جديد للاقتصاد بنظرة مبنية على إصلاح حقيقي للجباية الوطنية.

يذكر ان هيئة الخبراء المحاسبين كانت قد قدمت يوم 8 ديسمبر الماضي لرئاسة الحكومة وثيقة تضمنت جملة من المقترحات تتعلق خاصة بتنقيح النظام الجبائي وتطويره ودعم الاستثمار. وتم على هذا الصعيد اقتراح تخفيف وتبسيط النصوص القانونية والإجراءات ومقاومة التهرب الضريبي وتعزيز المراقبة وتحسين مناخ الأعمال. وثمنت رئاسة الحكومة هذه المقترحات المقدمة، مؤكدة أن الخبراء المحاسبين يمثلون قوة اقتراح لمزيد دعم الاستثمار وخلق مناخ محفز لجلب المستثمرين.

وتضمنت وثيقة الهيئة تحديدا 60 مقترحا لتبسيط الاجراءات والنصوص الادارية وخاصة الجبائية ومجابهة التهرب الضريبي ودعم الاستثمار سيما ان المؤسسات التونسية ملزمة بالتقيد بمقتضيات واحكام 6 مجلات قانونية جبائية تتضمن على الاقل أكثر من ألف نص قانوني و531 قرار ضريبي تم اعتمادها منذ 2011 و265 مذكرة عامة صادرة عن الادارة العامة للأداءات بوزارة المالية و4700 توصية في مادة الجباية والضرائب بما يجعل من المؤسسة التونسية تشهد مكابدة مستمرة ضد ما لا يقل عن 6 آلاف نص وقانون ومادة جبائية.

كما اشارت وثيقة هيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية بالرجوع الى تقرير ممارسة أنشطة الاعمال العالمي 2020 الذي يصدره كل عام البنك الدولي، ان معدل الوقت الذي يخصص لإنجاز الاجراءات الجبائية يناهز بالنسبة لتونس 144 ساعة سنويا وان متوسط عدد الدفوعات لإدارة الجباية يساوي 8 عمليات سنويا. وتم تصنيف تونس في هذا الصدد في المرتبة 108 ضمن 189 دولة في حين يتمركز المغرب، على سبيل المثال، في المرتبة 24. وتصل نسبة الضغط الجبائي والاقتطاعات الاجبارية الى نحو 32.5 بالمائة من الدخل الوطني المتاح.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Leave a Comment

Recent Posts

المؤسسات تؤكد تبنيها مناهج المسؤولية الاجتماعية ضمن خططها الاستراتيجية (مسح احصائي)

أصبحت المسؤولية الاجتماعية للشركات مفهومًا أساسيًا في المشهد الاقتصادي العالمي، حيث تلعب دورًا حاسمًا في…

2024/05/31

تعيين رئيسين مديرين عامين جديدين بمستشفى صالح عزيز والحبيب بوقطفة

صدر بالعدد الأخير من الرّائد الرّسمي للجمهورية التونسية اليوم الجمعة 31 ماي 2024 قراران عن…

2024/05/31

وزارة الأسرة تهدّد بغلق فضاءات الطّفولة المخالفة للمنشور المنظّم للتّظاهرات الاحتفالية

أفادت وزارة المرأة والأسرة والطّفولة بأنّه "تبعا لما يتمّ تداوله من صور ومقاطع فيديو بمواقع…

2024/05/31

شبيبة العمران تقترب من الصعود إلى الرّابطة الأولى…النتائج و الترتيب إثر الدّفعة الأولى لمباريات الجولة الرابعة و العشرين من الرّابطة الثانية

دارت منذ قليل الدّفعة الأولى لمباريات الجولة الرابعة و العشرين من الرّابطة الثانية لكرة القدم.…

2024/05/31

حي النّصر: حملة بلدية لإزالة العلامات الإشهارية المركزة بصفة عشوائية

شرعت بلدية أريانة، أمس الخميس، بالتّنسيق بين إدارة الشّؤون الإقتصادية والشّرطة البلديّة والأمن العمومي، في…

2024/05/31

منظّمة الصّحة العالميّة تسند ميدالية جائزة مكافحة التّدخين لوزير التّعليم العالي

تسلّم وزير التّعليم العالي والبحث العلمي منصف بوكثير ميدالية جائزة منظّمة الصّحة العالميّة لمكافحة التّدخين…

2024/05/31