اقتصاد وأعمال

تحليل : مخاطر حدوث دوامة الأجور والأسعار محدودة رغم الصدمات التضخمية

أكد “جون بلودورن” الخبير الباحث لدى صندوق النقد الدولي في منشور أصدره يوم 5 أكتوبر الجاري بمدونة المؤسسة المالية الدولية، ان التضخم يسجل في بعض الاقتصادات معدلات متصاعدة بأسرع وتيرة منذ أربعة عقود، في الوقت الذي أدى فيه نقص المعروض في أسواق العمل إلى زيادة ارتفاع الأجور.

وتسبب هذا الامر في إثارة المخاوف بشأن إمكانية أن تصبح هذه الأوضاع داعمة لذاتها فتفضي إلى دوامة من الأجور والأسعار المتزايدة – في حلقة مستمرة طويلة الأمد يؤدي فيها التضخم إلى ارتفاع نمو الأجور، مما يغذي بدوره زيادة ارتفاع التضخم.

أهمية السياسات الاستباقية

شدد الخبير الدولي في مذكرته على اهمية تشكيل التوقعات وكيفية التصرف فيها باعتبار تأثيرها الكبير في ديناميكيات الأجور والأسعار وفي الإجراءات التي ينبغي أن يتخذها صناع السياسات بعد الصدمات التضخمية. وقد أصبحت توقعات التضخم أكثر أهمية في تفسير ديناميكية الأجور على مدار النصف الثاني من عام 2021، طبقا لتحليل تجريبي.

كما أبرز انه وفي كل هذه الحالات، يغلب على الأجور الحقيقية الانخفاض مبدئيا عندما يتجاوز التضخم نمو الأجور، مما يساعد على موازنة جانب من الصدمة المدفوعة بالتكلفة التي أشعلت التضخم ويعمل على الحيلولة دون حدوث دوامة من الزيادات المتلاحقة في الأجور والأسعار. غير أن صدمات التضخم تبدأ من سوق العمل ذاته – كأن يحدث ارتفاع حاد غير متوقع في تقييس الأجور – وهو ما يمكن أن يخفف من آثار تراجع الأجور الحقيقية، إذ يدفع كلا من نمو الأجور والتضخم إلى الارتفاع لفترة أطول.

فهم عملية التوقعات أمر ضروري بالنسبة لصناع السياسة النقدية وفق بلودورن، فحين تكون التوقعات أكثر اعتمادا على النظرة الخلفية، ينبغي أن يكون تشديد السياسة النقدية – بما في ذلك عن طريق الإفصاحات الواضحة من جانب البنك المركزي – أقوى وأكثر تركزا في بداية الاستجابة لصدمة التضخم. ومن هذا المنطلق، تعتبر إجراءات التشديد التي قام بها الكثير من البنوك المركزية مؤخرا – والتي تمت معايرتها لتتوافق مع ظروف كل اقتصاد – أمرا مشجعا. فسوف تساعد على الحيلولة دون ترسخ التضخم المرتفع ومنع التضخم من الانحراف بعيدا عن الهدف لفترة بالغة الطول.

مناورات حرجة

كشفت عدة مصادر متخصصة أن ارتفاع أسعار النفط يؤثر على تكاليف المعيشة والأجور، ما يزيد من الضغوط على المستهلكين وهو ما يدفع الاجراء بالتالي إلى السعي للحصول على أجور أعلى لتعويض الخسارة في قدرتهم الشرائية، وهو ما يعني زيادة معدلات السيولة في الأسواق، وبالتالي زيادات جديدة في الأسعار وارتفاعات أكثر في معدلات التضخم.

ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن ما يحدث يسميه الاقتصاديون “تأثيرات الجولة الثانية”، وإذا كانت هذه الملاحظات كبيرة ومستدامة، فقد تظهر دوامة في الأجور، مع نمو الأجور وارتفاع التضخم على مدى فترة طويلة.

وأوضح الصندوق في تقرير حديث، أنه عندما يكون التضخم الإجمالي مرتفعًا بالفعل، كما هو الحال الآن، تميل الأجور إلى الزيادة أكثر استجابة لصدمة أسعار النفط مضيفا بأن هذه النتيجة المستندة إلى دراسة أجريت على 39 دولة أوروبية، قد تعكس أن المستهلكين يكونون أكثر عرضة للاستجابة لارتفاع الأسعار عندما يؤدي التضخم المرتفع إلى تآكل واضح لمستويات المعيشة.

ولفت تقرير الصندوق إلى أن مخاطر مثل هذه الديناميكية تميل إلى أن تكون أكبر عندما يكون معدل التضخم الإجمالي مرتفعًا بالفعل. وبيّن أنه على سبيل المثال، تزداد الأجور بنسبة 0.4 بالمائة عندما يكون التضخم الأساسي أعلى من 4 بالمائة، لكن بعد عام واحد من زيادة أسعار النفط بنسبة 10 بالمائة، فإنها تزيد بنسبة أقل من 0.2 بالمائة بخلاف ذلك.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى