اقتصاد وأعمال

تداعيات الحرب وتشديد السياسة النقدية تفاقم العجز الجاري

اكد خبراء من صندوق النقد الدولي في منشور لهم صدر حديثا بمدونة المؤسسة المالية الدولية ان الجائحة المستمرة والغزو الروسي لأوكرانيا يقودان إلى وقوع نكسة في الاقتصاد العالمي. ويؤثر هذا بدوره على التجارة وأسعار السلع الأولية والتدفقات المالية، وجميعها يدفع نحو تغيرات في عجوزات وفوائض الحسابات الجارية. 

وطبقا لما ورد في تقرير القطاع الخارجي للصندوق، يستمر توسع أرصدة الحسابات الجارية العالمية – وهي الحجم الكلي للعجوزات والفوائض عبر البلدان – للعام الثاني على التوالي. فبعد سنوات من التقلص، توسعت الأرصدة إلى 3 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي العالمي في عام 2020، وزاد هذا التوسع إلى 3,5 بالمائة في العام الماضي، ومن المتوقع أن يزداد مجددا هذا العام.

ويدفع وفقا للمنشور الصادر بمدونة صندوق النقد تشديد السياسة النقدية تحركات العملات، حيث يقود التضخم المتصاعد عددا كبيرا من البنوك المركزية إلى التعجيل بوقف التحفيز النقدي. وقد أدى تعديل التوقعات بشأن وتيرة التشديد النقدي في الولايات المتحدة إلى إعادة مواءمة أسعار العملات بشكل كبير هذا العام، مما ساهم في التوسع المتوقع للأرصدة العالمية. ولا تزال تدفقات رأس المال منقطعة عن الأسواق الصاعدة حتى الوقت الحالي من عام 2022، على أثر زيادة الاتجاه نحو تجنب المخاطر بسبب الحرب، مع زيادة التدفقات الخارجة في ظل تغير التوقعات بشأن تسارع وتيرة التشديد النقدي في الاقتصادات المتقدمة. وكانت التدفقات الخارجة من الأسواق الصاعدة كبيرة للغاية على أساس تراكمي، إذ اقتربت من 50 مليار دولار، وهو حجم مشابه للتدفقات الخارجة أثناء شهر مارس 2020 وإن كانت الوتيرة أبطأ.

ويتوقع خبراء الصندوق للعام القادم وما بعده إلى انخفاض مطرد في أرصدة الحسابات الجارية العالمية مع تراجُع تأثيرات الجائحة والحرب، وإن كان هذا التوقع محفوف بقدر كبير من عدم اليقين. فمن الممكن أن يستمر توسع أرصدة الحسابات الجارية العالمية إذا استغرق الضبط المالي في البلدان التي تسجل عجزا في الحساب الجاري وقتا أطول من المتوقع. وبالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى توسيع عجز الحساب الجاري الأمريكي وزيادة أرصدة الحسابات الجارية العالمية.

اما فيما يخص الوضع في تونس، فتبرز آخر إحصائيات البنك المركزي التونسي، تفاقم عجز القطاع الخارجي، في نهاية الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، بنسبة 94.6 بالمائة إلى 6.5 مليار دينار، مقابل 3.3 مليار دينار في نفس الفترة من العام السابق. ومن المتوقع أن يتفاقم العجز الخارجي إلى حوالي 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، مقابل 6.8 بالمائة وفق التقديرات الاولية و6.1 بالمائة في عام 2021، كما أشار مروان العباسي، محافظ البنك المركزي الى ان الضغط القوي على التوازنات المالية، يرجع الى التعافي البطيء للاقتصاد من تداعيات الجائحة وتأثير الأزمة الروسية الأوكرانية التي أدت إلى زيادة كبيرة في فاتورة الطاقة والمواد الغذائية.

وتوقع صندوق النقد الدولي توقع في تقريره الأخير حول آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في أفريل 2022 أنه من المنتظر ان ينخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي في تونس من 3.1 بالمائة في عام 2021 إلى 2.2 بالمائة في عام 2022 في حين انه من المتوقع أن يتفاقم عجز القطاع الخارجي، إلى حد كبير من 6.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021 إلى 10.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022.

يذكر ان وكالة فيتش للتصنيف الائتماني  كانت قد أصدرت في 8 جوان الفارط تقريرا توقع أن تشهد أكثر من ربع الأسواق الناشئة المصنفة من قبل الوكالة عجزا مزدوجا في الميزانية وميزان المدفوعات بنسبة 4 بالمائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022، وذلك في ظل الاوضاع الاقتصادية والتمويلية الصعبة المستمرة منذ مدة.

وارجعت الوكالة الدولية تقديراتها بتوسع العجز المزدوج الى تداعيات عن جائحة كوفيد-19 بالإضافة إلى تزايد معضلات توازنات الحسابات الخارجية في بلدان الاسواق الناشئة وذلك بسبب انعكاسات غزو روسيا لأوكرانيا والقفزة التي تلت ذلك في أسعار الطاقة والغذاء.

في ذات السياق وبالنسبة لعام 2022، قدرت “فيتش للتصنيف الائتماني” أن تعاني عدة بلدان أبرزها جزر المالديف ورواندا وتونس وأوغندا ورومانيا من عجز مزدوج لا يقل عن 7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويأتي تزايد العجز المزدوج الكبير وفقا للوكالة في ظل ظرف يتسم تباطؤ النمو العالمي، وارتفاع أسعار الفائدة، واعتماد سياسات نقدية تشديدية فاقم من تداعياتها الدولار الأمريكي القوي، وارتفاع التضخم. كما تم التأكيد على ان الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية من شانه التسبب في زيادة الضغوط الاجتماعية والمالية. ويعكس توسع العجز المزدوج اختلالات الاقتصاد الكلي وشدة التعويل لتجاوز عجز الميزانية على التمويل الأجنبي.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى