تقرير: إيقاف العمل بصندوق دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تمرّ بصعوبات مالية

وفقا للتقرير الأخير لوزارة المالية حول نشاط الصناديق الخاصة للخزينة لسنة 2022، فان هذه الصناديق تلعب دورا هامّا في تحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية للدولة وفي معاضدة مجهودات التنمية والاستثمار. حيث إنّها تمثل أداة لتعبئة موارد متأتية أساسا من ميزانية الدولة ومن استرجاع القروض المسندة للمستفيدين ومن أيّ مصادر أخرى. وتوظف هذه الموارد قصد تغطية تدخلات الدولة في قطاعات معيّنة أغلبها ذات طابع استثماري.

وقد عرّف الفصل 33 من القانون الأساسي للميزانية عدد 15 المؤرخ في 13 فيفري 2019 الصناديق الخاصة كما يلي: “تحدث بمقتضى قانون المالية للسنة أو قانون المالية التعديلي صناديق خاصة لتمويل تدخلات في قطاعات معينة. ويمكن أن تعهد مهمّة التصرّف في هذه الصناديق إلى مؤسسات أو هياكل مختصّة بمقتضى اتفاقيات تبرم مع الوزير المكلف بالمالية ورئيس الإدارة تحدّد بمقتضاها الأهداف المطلوب تحقيقها والمؤشرات الي تمكن من تقييم النتائج…”.

وأوضح التقرير الوزاري انه تمّ إحداث صندوق لدعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة الي تمرّ بصعوبات مالية ظرفية بمقتضى قانون المالية التكميلي لسنة 2014 قصد مساعدة المؤسسات التي تمرّ بصعوبات مالية ظرفية على المحافظة على نشاطها وديمومتها وعى طاقتها التشغيلية. وشملت تدخلات الصندوق المؤسسات الصغرى والمتوسطة المنتفعة بقرض من بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة المكلّف بالتصرّف في موارد الصندوق أو بمساهمة شركات الاستثمار ذات رأس مال تنمية.

غير انه قد تمّ إيقاف العمل بتدخلات الصندوق، وفق الوزارة، وذلك بعد إحداث خط اعتماد لدعم الهيكلة المالية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة مفتوح لدى البنك المركزي التونسي.

وبينت وزارة المالية ان موارد الصندوق عرفت تراجعا خال الفترة 2018 – 2020، حيث بلغت 42.4 مليون دينار سنة 2020 مقابل 43.6 مليون دينار سنة 2019 و46.6 مليون دينار سنة 2018. ويعزى تراجع موارد الصندوق إلى عدم إحالة منحة الدولة لفائدته وإيقاف العمل بتدخلات الصندوق منذ 4 مارس 2019 والاقتصار على تعبئة الموارد الراجعة للصندوق بعنوان استخلاص الاعتمادات المسندة في إطار آلية تدعيم الأموال الذاتية وآلية القروض وآلية قروض المساهمة والفوائد وفوائد التأخر ومساهمات المستفيدين بآلية الضمان.

وبالتوازي، عرفت تدخلات الصندوق تراجعا ملحوظا خلال نفس الفترة نظرا للتقدّم الكبير في صرف مستحقات إعادة الهيكلة للمؤسسات الي تمرّ بصعوبات مالية ظرفية. وقد بلغت تدخلات الصندوق 1.2 مليون دينار سنة 2020 مقابل 4.9 مليون دينار سنة 2019 و13.9 مليون دينار سنة 2018. هذا، وتفيد وزارة المالية بان لجنة تسيير الصندوق المحدثة لدى بنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة تقوم بمتابعة تقدّم تنفيذ برنامج إعادة الهيكلة على ضوء التقارير المعدّة من طرف الخبراء المكلفون بمرافقة المؤسسات الي تمرّ بصعوبات مالية ظرفية لدى المؤسسات المالية. كما تقوم اللجنة الداخلية المحدثة لدى الشركة التونسية للضمان بدراسة مطالب تعويض القروض والمساهمات غر القابلة للاسترجاع والمسندة في إطار برنامج إعادة الهيكلة.

يذكر ان اخر سبر للآراء السنوي لصحّة المؤسسات الصغرى والمتوسطة (مقياس)، الذّي تنجزه منظمة كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسيّة (كوناكت)، كشف أنّ 13 بالمائة من المؤسسات ذات الراس المال الأجنبي صرحت أنها أغلقت أبوابها نهائيا بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19. وأفصح سبر الآراء المنجز خلال الفترة الممتدة بين 21 سبتمبر وحتّى 5 نوفمبر 2021 على عيّنة تمثيلية شملت 527 مؤسسة صغيرة ومتوسطة في علاقة بتداعيات الجائحة الصحيّة، أنّ حوالي 84 بالمائة من هذا الصنف من المؤسسات تأثر نشاطها سلبا من تداعيات الجائحة الصحية وان مؤسسة من اثنتين صرحت أنّها ترغب في إعادة الهيكلة المالية.

ومن ضمن النتائج، التّي أظهرها سبر الآراء “مقياس”، أنّ زهاء 70 بالمائة من المؤسسات المستجوبة أكّدت تراجع رقم معاملاتها لسنة 2020 مقابل 34 بالمائة في سنة 2018. وكان رئيس الكنفدرالية، طارق الشريف، قد أوضح في 18 نوفمبر الفارط أنّ جائحة فيروس كورونا أثّرت بشكل لافت على وضعيّة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وتسببت لها في العديد من الإشكاليات المالية والهيكلية إلى درجة أنّ البعض منها اضمحلت. وتحدث عن ان 97 من المؤسسات تعرضت إلى صعوبات جرّاء فيروس كورونا، التّي تسبب في وقف نشاطها الاقتصادي وبخاصّة تعطّل التصدير.

هذا وكان المتحدث الرسمي باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص قد أعلن كذلك مؤخرا ارتفاع عدد المؤسسات المفلسة إلى 130 ألف متوقعا زيادة بنحو 12 ألف مستقبلا. كما شدد على أن تداعيات هذا الإفلاس إحالة 750 ألف عامل على البطالة وإمكانية اندثار 95 بالمائة من المؤسسات الصغرى والمتوسطة متحدثا عن عديد الصعوبات التي تواجه أصحاب هذه المؤسسات خاصة من طرف البنوك وشركات الايجار المالي واصفا الوضعية بالكارثية.

وأكد حواص بأن العمل جار لإعداد مراسلة سيتم توجيهها لرئاستي الجمهورية والحكومة ووزارتي العدل والمالية تتضمن جملة من المقترحات والحلول للحد من تداعيات الأزمة الاقتصادية على المؤسسات الصغرى والمتوسطة مبرزا أن هذه الحلول تتمثل في رفع العقوبة السجنية على الشيك دون رصيد وإيقاف توريد المنتوجات غير الضرورية والمنتجة في تونس بالإضافة إلى تمتيع المؤسسات الصغرى المفلسة بالإعفاء الجبائي مع المطالبة بتقديم مبادرات تشريعية تلغي الرخص وكراس الشروط لتحرير الاقتصاد. 

Leave a Comment

Recent Posts

تدعيم الموارد المائية لمدينة سليانة والمناطق العليا والمجاورة بـ20 لترا إضافية في الثانية

تدعمت، بعد ظهر اليوم الجمعة، الموارد المائيّة لمدينة سليانة والمناطق العليا والمجاورة بـ20 لترا إضافية…

2024/05/24

نجاح طبي جديد: استئصال ورم كبير من قاع الجمجمة باستعمال المنظار

نجح فريق طبي بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير في إجراء عملية استئصال ورم كبير من…

2024/05/24

ألمانيا والبرتغال: ‘الوقت غير مناسب للاعتراف بدولة فلسطين’

اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس ورئيس الوزراء البرتغالي لويس مونتينيغرو أنّ "الوقت لم يحن بعد…

2024/05/24

وحدات بحرية مدعومة بمروحيتين عسكريتين تنفذ عملية بيضاء بخليج تونس

في إطار التدرّب على تأمين السّفن التجارية وناقلات المسافرين من خطر التّهديدات الإرهابية وعمليات القرصنة…

2024/05/24

الكاف: إفتتاح موسم حصاد الحبوب يوم 06 جوان القادم

أعلن المعتمد الأول المكلّف بتسيير ولاية الكاف نزار الجمعاوي، في بلاغ أصدره اليوم الجمعة 24…

2024/05/24

غضب إسرائيلي بعد قرار العدل الدّولية: الأمر مرفوض ويجب احتلال رفح

لاقى أمر محكمة العدل الدّولية إسرائيل بوقف هجومها العسكري في رفح جنوب قطاع غزة، اليوم…

2024/05/24