اقتصاد وأعمال

تقرير حكومي : وزارة المالية تجهل عدد اللزمات العمومية

أصدرت حديثا وزارة المالية تقريرا حول المشاريع الاستثمارية المنجزة في إطار عقود شراكة مع القطاع الخاص أو في شكل لزمة أو بواسطة آليات تمويل أخرى خارج إطار ميزانية الدولة.

وابرزت الوزارة أن إعداد التقرير يندرج في إطار التقيد بمقتضيات القانون الأساسي للميزانية. وقد تم إسناد مهمّة إعداده إلى كل من الهيئة العامة للشراكة بن القطاع العام والقطاع الخاص (تحت إشراف رئاسة الحكومة) والإدارة العامة للشراكة بن القطاعين العام والخاص بوزارة المالية.

هذا وتم التأكيد على ان تونس تحتلّ تونس المرتبة 57 فيما يتعلّق بالمناخ الملائم للشّراكة بن القطاعين العام والخاص وذلك وفق دراسة أجريت على مستوى 69 دولة (شملت دولا من أمريكيا اللاتينيّة وأوروبا وآسيا ودول الشرق الأوسط وشمال افريقيا وجنوب صحراء افريقيا). وبيّنت الدّراسة أنّ الإطارين القانوني والمؤسّساتي يشكّلان نقاط قوّة قطاع الشّراكة بتونس، فيما يمثّل ضعف التمويل أحد أهمّ العوائق الي تقف حاجزا أمام تطوّره.

في جانب اخر، أوضح تقرير وزارة المالية انه أمام شحّ المعلومات والمعطيات المحيّنة بخصوص مشاريع الشّراكة المنجزة والمبرمجة، فقد تمّ الاعتماد في كتابة التقرير بالأساس على منهجيّة وصفيّة عرضت من خلالها المنظومة القانونيّة والمؤسّساتيّة للشّراكة وأهم المفاهيم المرتبطة بها، تخلّلتها بعض المقاطع التّحليليّة. كما شددت على انه بالرّغم من إحداث وحدة لمتابعة اللزمات منذ سنة 2008 (بمقتضى الأمر عدد 2965 لسنة 2008 المؤرخ في 8 سبتمبر 2008) ومن إدماجها سنة 2016 صلب الهيئة العامة للشراكة بن القطاع العام والقطاع الخاص، فإنّ قاعدة المعطيات الخاصّة باللزمات الجارية تبقى منقوصة ولا تشمل كلّ اللزمات الي تمّ إبرامها سواء قبل سنة 2008 أو بعد ذلك.

فنظريّا، دأبت الهيئة، وفق تقرير وزارة المالية، على تحين قاعدة المعطيات سواء من خلال تسجيل أهم المعطيات التعاقدية (صاحب اللزمة، مانح اللزمة، الموضوع، المدّة، طريقة احتساب المعلوم…) للملفّات المعروضة عليها لإبداء الرأي قبل إبرامها أو من خلال التقرير السنوي حول تنفيذ اللزمة الذي يفرض ان يحيله كلّ صاحب لزمة إلى مانح اللزمة وإلى الهيئة العامة للشراكة بن القطاع العام والقطاع الخاص. أمّا تطبيقيا فقد بينت هذه الطريقة محدوديتها من حيث عدم شمولية الجرد وغياب المعلومات المتعلقة بالتنفيذ السنوي للزمات.

وأوضحت وزارة المالية انه تبعا لذلك، فإنّ العديد من المعطيات المذكورة في التقرير وفي التقارير السّابقة تتعلّق بملفات معروضة على الهيئة العامّة للشراكة بن القطاع العام والقطاع الخاص في إطار إبداء الرّأي أو تسوية وضعيّات (غياب السند، إنهاء مدّة العقد…(. وتمّ إحصاء 228 لزمة للدّولة والمؤسّسات والمنشآت العموميّة في الفترة بن 2017 وسنة 2021، وتعتبر 192 منها لزمات جارية إلى حدود سنة 2021 إذ انتهت مدّة عقود عدد منها.

هذا ووفقا للمعطيات الواردة في التقرير، فان معاليم لزمات الدولة لا تتجاوز 14.819 مليون دينار لسنة 2021 مقابل 9.102 مليون دينار عام 2019 مع تقدير ارتفاعها بشكل جد طفيف سنة 2022 وذلك الى حدود 15.645 مليون دينار. ولا تعكس هذه الأرقام بشكل تام حقيقة اسناد اللزمات بالنظر لضعف قيمتها، من ناحية وإمكانية عدم مراجع معايم العديد منها مذ مدة طويلة، من ناحية أخرى وهو ما يفرض القيام بعمليات تدقيق واسعة لدقة المسالة وارتباطها بالتصرف في المال العام.

ويتضح، في محور اخر، ان معاليم لزمات المؤسسات والمنشات العمومية لا تتجاوز 141.805 مليون دينار سنة 2021 مع تقدير بلوغها 143.735 مليون دينار السنة الحالية و145.693 مليون دينار عام 2023.

يذكر في سياق متصل، ان تقارير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، تؤكد أن الدولة التونسية تنفق بمختلف هياكلها نحو 10 مليار دينار سنوياً بعنوان شراءات في إطار صفقات عمومية، تفقد منها على الأقل 25 بالمائة نتيجة غياب آليات الرقابة والمتابعة. ودعت توصيات هذه التقارير إلى ضرورة مراجعة وإصلاح المنظومة ككل، من حيث طلب العروض والتقديم للشراءات العمومية والتنفيذ، والرقابة البعدية، خصوصا أن أغلب الشراءات تتم من قبل أطراف غير متخصصة في هذا الشأن إضافة الى قلة درايتهم بميدان إبرام الصفقات.

ويجمع جل المتابعين للشأن الاقتصادي والمالي الوطني على اهمية إجراء تقييم معياري وعام لمجال الصفقات واللزمات العمومية سيما على مستوى الترسانة القانونية بما يمكن من تخفيز الاستثمار العمومي والخاص المنهار في تونس منذ سنوات.

كما يدعو المتخصصون الى تبني تعديلات على التشريعات ورقمنة جزء من السلاسل القيمية للصفقات العمومية واللزمات حرصا على الشفافية في إنجازها وتوقيا من ظاهرة الفساد المستشرية بقوة في هذا القطاع الحيوي سيما ان تصنيف تونس في المرتبة 69 بحسب مؤشر الشفافية الدولية، يبرز بوضوح أن مجال الصفقات الحكومية ومراجعة مقاييس منح الامتيازات الجبائية والمالية يتطلب ضوابط قانونية محكمة. ويصل عموما مستوى معاملات قطاع الصفقات الحكومية في تونس إلى 20 بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى