اقتصاد وأعمال

تونس: المناخ يهدد بخسارة 660 مليون دينار من صادرات زيت الزيتون

نشر مؤخرا “برنامج مرفق المساعدة الفنيّة لشمال افريقيا” بحثا تحت عنوان “استباق تغير المناخ: المخاطر والفرص الاقتصادية لتونس” وذلك بتمويل من وزارة الخارجيّة البريطانيّة والكومنولث والتنميّة، أبرز أن تغيّر المناخ أصبح محسوسا بالفعل على مستوى كافة أنشطة الاقتصاد التونسي ويشكل تحديا كبيرا لمستقبل تونس والتونسيين. وأوضح التقرير ان ثلاث قطاعات أساسية في الاقتصاد التونسي معرضة بشكل خاصّ لتغيّر المناخ وهي الفلاحة والصيد البحري والسياحة.

وفي هذا الإطار، تم التأكيد على ان مناخ تونس سيكون أكثر حرارة وجفافا مع تغيّرات في هطول الأمطار الموسمية الرئيسية. كما ستتعرض البلاد إلى ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة الملوحة والتحمّض. ويخلق هذا التعرض مزيجا من المخاطر على الفلاحة والصيد البحري والسياحة مما يضاعف من المخاطر القائمة الحالية في هذه القطاعات.

وشدد التقرير على ان إنتاج الزيتون وزيت الزيتون سيتأثر بتوافر المياه وزيادة عدد الأيام الحارة بما يمثل احدى العوامل الرئيسية التي سيتأثر بها الفلاحون بسبب التغير المناخي والتي يمكن ان تؤدي إلى خسائر تصدير سنوية في حدود 228 مليون دولار امريكي (660 مليون دينار) بحلول عام 2100.

كما تبين المعطيات ان زراعة التمور ستتأثر هي الأخرى بتغير المناخ سيما نتيجة توسع الآفات وظهور تحوّلات في فترات الأزهار والتلقيح. ولا يوجد تحليل محدّد على هذا المستوى حسب التقرير، ولكن استنادا إلى تقديرات الآثار في بلدان مماثلة، يمكن أن تتعرّض ما مقداره 20-26 مليون دولار من الصادرات للخطر في عام 2050 وما مقداره 72-85 مليون دولار في عام 2100.

وسيتأثّر إنتاج الحبوب كذلك بشدّة مع تراجع في قيمة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي بحلول عام 2100 بنسبة 30-50% وفقدان الوظائف بنسبة 30% بحلول عام 2050. وسيزيد هذا من الضغط على الاكتفاء الذاتي والاعتماد على الواردات.

هذا ويشكل قطاع الفلاحة (بما في ذلك الثروة السمكية) 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتعد الخسائر الاقتصادية المتوقع ظهورها بسبب تغير المناخ في هذا القطاع كبيرة، حيث تعادل 5-10% من الناتج المحلي الإجمالي القطاعي بحلول عام 2030. ويرجع التسجيل المحتمل للخسائر لآثار مختلفة كتدهور موارد المياه والمياه الجوفية، وانخفاض المحاصيل، وتقلّص المساحات المخصصة لزراعة الأشجار المثمرة ومحاصيل الحبوب وزيادة مخاطر نشوب الحرائق، كما تشير التقديرات إلى أن تأثير تغير المناخ سيصل إلى 11.52 مليون دولار سنويا في قطاع الغابات وحده بحلول عام 2030. في حين أن التغيرات ستؤدي الى فقدان الوظائف في القطاع بما يتراوح بين 8250 إلى 16500 وظيفة – مع احتمال بلوغها 37000 وظيفة في حالة حدوث جفاف كبير.

في جانب اخر، سوف تتغير معطيات قطاع الصيد البحري بشكل كبير وديناميكي، مع فقدان الأنواع الموجودة وزيادة الأنواع غير الأصلية. وستجلب الأنواع غير المحلية المخاطر والفرص على حد سواء – حيث يمكن للانتقال الصحيح أن يزيد في الواقع من انتاج الصيد البحري. وستستمر أهمية تربية الأسماك، لكنّ الأنواع الرئيسية لمزارع الأسماك ستواجه مخاطر متزايدة للإصابة بالأمراض.

وسيكون تأثير تغير المناخ على الصيد البحري محددا على المستوى الإقليمي، مع تأثيرات واضحة على السكان المعرّضين للخطر بشكل خاص، ولا سيّما فيما يتعلق بصيد الشرفية في جزر قرقنة، وصيد المحار في الجنوب الذي تقوم به النساء بشكل رئيسي. كما انه من المرجح أن يواجه قطاع الصيد البحري ارتفاع وثيرة العواصف وموجات الحر وارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع درجات الحرارة. وستؤثر هذه الظواهر على معدل نفوق الأسماك وعلى إنتاج وانتشار الطّحالب السامّة والأنواع الغازيّة الضارة. كما ستؤدّي إلى فقدان المساحة المخصصة للصيد البحري ومناطق التجميع.

وخلص البحث الى أهمية النظر في هذه الآثار المحتملة في سياق التحديات الأخرى التي تواجهها تونس بما في ذلك الخسائر والتعافي النّاجمين عن فيروس كورونا المستجد والتغيّر البيئيّ الحاليّ والحاجة إلى تحديث القطاعات الاقتصادية. وعلى هذا النحو، من المهمّ أن يتمّ دمج العمل المناخيّ بشكل جيّد مع الإجراءات والأولويات الأوسع. وعلاوة على ذلك، فإنّه بالرّغم من وجود العديد من الاستراتيجيات والخطط على المستوى القطاعي إلاّ أنّها لا تشكل جزءا من استراتيجية شاملة على المستوى الاقتصادي، حيث لم يتمّ تنفيذ الخطط الموجودة بالفعل.

وفي حين لا تزال هناك بعض الفجوات التحليليّة، فمن الواضح أن تغيّر المناخ ستكون له أثار كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية وفئات المجتمع في تونس. وفي غياب الإجراءات المناخيّة الفعّالة، سيكون للعديد من هذه الآثار عواقب سلبيّة، ولكن مع الخيارات والإجراءات الاستراتيجية الصّحيحة، يمكن تحويل العديد من هذه المخاطر إلى فرص إيجابيّة لتونس.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى