اقتصاد وأعمال

تونس: تضخم جامح في غياب برامج لمجابهته

ابرزت مذكرة أصدرها يوم أمس الخميس 5 ماي 2022 المعهد الوطني للإحصاء تواصل ارتفاع نسبة التضخم لتصل الى مستوى 7,5 بالمائة بعد ان كانت في حدود 7,2 بالمائة خلال الشهر السابق و7 بالمائة خلال شهر فيفري و6,7 بالمائة خلال شهر جانفي. ويعود هذا التطور في نسبة التضخم بالأساس إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المشروبات الكحولية والتبغ (24,2 بالمائة) وأسعار الملابس والأحذية (10,1 بالمائة) وأسعار الأثـاث والـتـجـهـيزات والخدمات الـمـنـزلـيـة (7,4 بالمائة).

كما أوضحت المذكرة انه باحتساب الانزلاق السنوي، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 8,7 بالمائة. ويعود ذلك بالأساس الى ارتفاع أسعار البيض بنسبة 20,4 بالمائة وأسعار الزيوت الغذائية بنسبة 20,4 بالمائة وأسعار الغلال الطازجة بنسبة 19,5 بالمائة وأسعار الخضر الطازجة بنسبة 12 بالمائة وأسعار الدواجن بنسبة 9 بالمائة.

وسجل، حسب المعهد، التضخم الضمني لشهر أفريل 2022 أي التضخم دون احتساب الطاقة والتغذية نسبة 7,2 بالمائة بعد ان كان في حدود 6,8 بالمائة خلال شهر مارس 2022. وشهدت أسعار المواد الحرة ارتفاعا بنسبة 7,8 بالمائة مقابل 6,7 بالمائة بالنسبة للمواد المؤطرة، مع العلم أن نسبة الانزلاق السنوي للمواد الغذائية الحرة بلغت 10,2 بالمائة مقابل 1,2 بالمائة بالنسبة للمواد الغذائية المؤطرة.

هذا وكان البنك الدولي قد أصدر مؤخرا مذكرة تحت عنوان “عودة التضخم العالمي” ابرزت ان الضغوط التضخمية الراهنة لا تشعر بها الاقتصادات المتقدمة فحسب، بل تشعر بها أيضًا غالبية الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية. وعلى الرغم من اختلاف أسبابها عبر البلدان، فإن مهمة حل المشكلة ستقع في النهاية على عاتق البنوك المركزية الكبرى في العالم.

وأوضحت مذكرة البنك ان التضخم عاد بسرعة أكبر، وارتفع بشكل أوضح، وأثبت كونه أكثر عنادا واستمرارية من كل ما تصورت البنوك المركزية الكبرى في البداية أنه ممكن.  وفي 15 من أصل 34 دولة يصنفها تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي يصدره صندوق النقد الدولي على أنها اقتصادات متقدمة، كان معدل التضخم لمدة 12 شهرا حتى ديسمبر 2021 أعلى من 5 بالمائة.

ولا يقتصر هذا الارتفاع التضخمي على البلدان الغنية، فقد ضربت الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية موجة مماثلة، حيث تواجه 78 من أصل 109 من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية أيضا معدلات تضخم سنوية أعلى من 5 بالمائة. والواقع أن هذه الحصة من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية (71 بالمائة) أصبحت ضعف ما كانت عليه تقريبا في عام 2020. وعلى هذا فقد أصبح التضخم مشكلة عالمية ــ أو شبه عالمية.

وتتفاوت المحركات الرئيسية للتضخم من بلد إلى آخر، وخاصة عند المقارنة بين الاقتصادات المتقدمة من جانب والأسواق الناشئة والاقتصادات النامية على الجانب الآخر. فلا تنطبق تشخيصات “فرط النشاط” السائدة على العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، حيث كان التحفيز المالي والنقدي في الاستجابة لجائحة جائحة كوفيد-19 محدودا، حيث كان التعافي الاقتصادي في عام 2021 متأخرا كثيرا عن التعافي في الاقتصادات المتقدمة.

علاوة على ذلك، تختلف أنماط الكساد والتعافي التي استحثتها الجائحة بشكل ملحوظ عبر مجموعات الدخل في البلدان المختلفة، حيث يُـعَـرَّفَ التعافي على أنه عودة الاقتصاد إلى مستوى نصيب الفرد في الدخل الذي كان عليه في عام 2019.

غير ان الواقع في تونس معقد فيما يتعلق بصدمة التضخم وذلك باعتبار ان التضخم في تونس اليوم يرجع الى عدة أسباب أبرزها ندرة عدة مواد استهلاكية وعدم فعالية السياسات العامة التي لم تنجح في حل إشكاليات الاستثمار ودفع النمو إضافة الى ان التضخم في البلاد له جذور موسمية ضاربة. ورغم عودة التضخم العالمي فان السلط في تونس تنفي باستمرار الطابع الزاحف والشامل للظاهرة في البلاد ولا تفصح عن وجود برامج فعلية لمجابهته.

هذا ولاحظ مجلس إدارة البنك المركزي التونسي، 3 فيفري الفارط، أن ارتفاع الأسعار عند الاستهلاك المسجل بحلول نهاية سنة 2021 في تونس سيتواصل لفترة أطول مما كان متوقعا في السابق. ولفت مجلس إدارة البنك المركزي، في بيان أصدره عقب اجتماعه، إلى ان الضغوط التضخمية على مستوى أهم مكونات الأسعار تعتبر مرتفعة بما من شأنه الدفع بالتضخم نحو مستويات عالية نسبيا على المدى المتوسط.

وأرجع المجلس هذا الارتفاع الى تصاعد الأسعار العالمية لا سيما المواد الموردة والتوجه نحو التحكم في نفقات الدعم، فضلا عن التأثير الناجم عن شح الموارد المائية.

في جانب اخر، تنفي الحكومة باستمرار ندرة سلع أساسية عديدة في الأسواق التونسية وارتفاع أسعارها وتعتبر وجود ظواهر كالاحتكار والمضاربة اهم اسباب “الاختلالات” الظرفية للسوق.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى