اقتصاد وأعمال

جدل بين الخبراء حول أثر الزيادة في نسبة الفائدة الرئيسية لمجابهة التضخم

ذكر كل من جهاد أزعور وجيتا مينكولاسي ورودريغو غارسيا-فيردو وهم مسؤولون بإدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، في تحليل نشر الأربعاء 25 ماي الجاري بموقع الصندوق ان الحرب في أوكرانيا والعقوبات المرتبطة بها تسببت ارتفاع حاد في أسعار السلع الأولية، مما سيساهم في تصاعد التحديات التي تواجه بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – ولا سيما بلدان المنطقة المستوردة للنفط.

ويعد، وفق الخبراء، ارتفاع التضخم أحد أكثر الآثار مباشرة لتزايد أسعار السلع الأولية. وتمثل أسعار الغذاء حوالي 60 بالمائة من ارتفاع التضخم الكلي خلال العام الماضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما عدا بلدان مجلس التعاون الخليجي. لذلك من المتوقع أن تظل معدلات التضخم مرتفعة على مستوى المنطقة خلال عام 2022، حيث تصل إلى 13,9 بالمائة – وهو ما يمثل زيادة هائلة مقارنة بالتوقعات السابقة الصادرة في شهر أكتوبر وهذا أمر لا يدعو للاستغراب ذلك أن الكثير من اقتصادات المنطقة يعتمد بدرجة كبيرة على شحنات الأغذية الأجنبية (حوالي خمس مجموع الواردات)، كما يشكل الغذاء وزنا ترجيحيا كبيرا في سلة الاستهلاك (أكثر من الثلث في المتوسط)، ويزداد هذا الوزن في حالة البلدان منخفضة الدخل.

وفيما يتعلق بما ينبغي أن يفعله صناع السياسات، تم التأكيد على ازدياد صعوبة المفاضلة بين السياسات على المدى القريب في بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المستوردة للنفط، ويمثل احتواء التضخم أولوية أساسية بالرغم من هشاشة التعافي الراهن. وفي البلدان التي تواجه خطر ارتفاع التوقعات التضخمية أو اتساع نطاق الضغوط السعرية، سيتعين رفع أسعار الفائدة الأساسية وسيكون من الضروري التواصل بشكل واضح وشفاف لتوجيه الأسواق، حسب تقييم مسؤولي المؤسسة المالية الدولية.

وفي البلدان ذات المديونية المرتفعة، ينبغي أن تقترن التدابير المذكورة بتدابير موازنة في مجالات أخرى – مثل تخفيض أوجه الإنفاق غير الضرورية، أو التشجيع على زيادة العدالة الضريبية، أو الجمع بينهما – لضمان بقاء الدين في حدود مستدامة في ظل محدودية الحيز المالي المتاح.

وسيساعد في تسهيل هذه المفاضلات التنسيق بين السياسات المالية والنقدية، مع ضرورة ارتكازها على أطر متوسطة الأجل تتسم بالمصداقية.

في المقابل، قال الاقتصادي جوزيف ستيجليتز الحائز جائزة نوبل، الأربعاء 25 ماي الجاري إن التضخم الأميركي يصعد بأسرع معدلاته منذ عقود، لكن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لن يحل المشكلة عن طريق رفع أسعار الفائدة. وذكر في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” على هامش منتدى دافوس بسويسرا، أن “رفع أسعار الفائدة لن ينتج المزيد من الغذاء. إنه سيجعل الأمر أكثر صعوبة لأنك لن تكون قادرًا على القيام باستثمارات”.

وأدلى ستيجليتز، الذي نال جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، بتصريحاته قبل اجتماع لجنة السياسة النقدية بالفيدرالي في يونيو، والذي يتوقع المستثمرون أن يتم فيه رفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. وقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالفعل أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس منذ مارس، لترويض التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عامًا.

وأشار جوزيف ستيجليتز، الأستاذ في جامعة كولومبيا، إلى أن التدخلات في جانب العرض من شأنها أن تخدم بشكل أفضل أكبر اقتصاد في العالم متابعا: “أعتقد أنه يمكننا أن نفعل أكثر بكثير مما نفعله”. كما أوضح: “قتل الاقتصاد من خلال رفع أسعار الفائدة لن يحل التضخم في أي إطار زمني”.

ولفت الاقتصادي إلى أن الزعماء في جميع أنحاء العالم يجب أن يركزوا على تكثيف إنتاج الغذاء، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة كانت لديها فوائض غذائية ويمكنها تحقيقها مرة أخرى قائلا: “على الأقل محاولة القيام بكل ما في وسعنا على مستوى العالم لزيادة الإمداد سوف يكون له أثر أكبر في التعامل مع المشكلة من التسبب في الكساد”.

يذكر ان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كان قد رفع مؤخرا الفائدة على الدولار بمقدار نصف نقطة مئوية “0.50 بالمائة”، لتصل إلى 1 بالمائة، وهي أكبر زيادة منذ عام 2000، وقامت عدة بنوك مركزية في العالم اثر اتخاذ هذا الاجراء برفع أسعار الفائدة كنوع من التحوط الاقتصادي. وفسّرت هذه الخطوة بأنها لاحتواء أزمة التضخم العالمي وتلافي الآثار السلبية لأزمتي جائحة “كورونا” والنزاع في أوكرانيا، ومحاولة لإنعاش الدولار أمام العملة الأوروبية اليورو والين الياباني.

غير ان العديد من التقييمات رجحت ان يؤثر القرار سلبًا على العديد من الاقتصادات الناشئة، وهو ما يفرض على عدة دول التحرك لمواجهة تداعيات القرار واتخاذ إجراءات اقتصادية فاعلة، ودفع التحرك الأميركي البنوك المركزية في العديد من الدول النامية لرفع أسعار الفائدة، بما يمكن ان يقود إلى زيادة أعباء الديون وأن تشدد الجهات المانحة إجراءات الاقتراض وتراجع القدرة الشرائية للعملات المحلية، بجانب ارتفاع التضخم وتنامي معدلات البطالة بصورة كبيرة.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى