اقتصاد وأعمال

دراسة : صادرات مكونات السيارات تناهز 2 مليار يورو في عشر سنوات (2/2)

يضم قطاع صناعة مكونات السيارات في تونس عشرات المؤسسات توفر طاقة تشغيلية كبرى وهو يصدر ما يعادل تقريبا 95 بالمائة من طاقته الإنتاجية. وقد حقق هذا القطاع نسبة إدماج تناهز 38 بالمائة، ويستقطب شركات كبرى في مجال صناعة السيارات باعتبار ما تتمتع به وحدات الانتاج التونسية من معارف تكنولوجية عالية وجودة في التصنيع. وتعتبر دولة جنوب أفريقيا أول بلد مصدر لمكونات السيارات في افريقيا بينما تحتل تونس المرتبة الثانية في هذا المجال رغم حدة المنافسة واشتدادها سيما في السنوات الاخيرة.

وقدمت، في هذا الإطار، المنظمة غير الحكومية ” فريدريش إيبرت تونس” دراسة جديدة بعنوان “بناء صناعة سيارات أكثر تنافسية واستدامة وتكريسا للعمل اللائق”، تم انجازها بطلب من الجامعة العامة للمعادن والإلكترونيك الراجعة بالنظر للاتحاد العام التونسي للشغل، ومكنت هذه الدراسة من اجراء تشخيص اقتصادي واجتماعي للقطاع الذي يلعب دورا محوريا على مستوى صناعة السيارات.

وابرزت الدراسة الدور الريادي الذي تلعبه صناعة السيارات في تطوير القطاع الميكانيكي والإلكتروني وهو ما يجسمه بالخصوص النسق الحثيث لتطور الصادرات بين عامي 2010 و2016 اذ بلغ معدل النمو السنوي لقيمة صادرات مكونات السيارات 10.74 بالمائة خلال هذه الفترة. وتحتل قيمة صادرات الأسلاك والكابلات بمختلف اصنافها المرتبة الأولى بين الصادرات حيث ارتفعت من 1850 إلى 3348 دينار، بما يعادل معدل نمو سنوي في حدود 10.35 بالمائة خلال الفترة المذكورة. وسجلت المكونات الميكانيكية كذلك زيادة في الصادرات بين عامي 2010 و2016، من 427 إلى 1072 مليون دينار، بمعدل نمو سنوي يساوي 16.5 بالمائة.

هذا وساهم حضور الشركات متعددة الجنسية في ادخال ثقافة اعتماد معايير الجودة في النسيج الصناعي التونسي حيث ارتفعت حصة الشركات المعتمدة من 16 إلى 58 بالمائة بين عامي 1999 و2016 مقارنة بإجمالي الشركات. ومن الواضح أن الحصة ستكون أعلى إذا تم احتساب الشركات المصدرة بالكامل، بحكم انها ملزمة بالكامل باعتماد معايير الجودة العالمية.

في جانب اخر، تبقى صناعة مكونات السيارات كثيفة التشغيل حساسة للغاية لارتفاع أجور العمال ذوي المهارات المنخفضة، حيث تمثل المواد الخام وحدها أكثر من 70 بالمائة من التكلفة الإجمالية للمنتوج. وتعد الحوافز الضريبية للاستثمار الأجنبي المباشر، وقرب تونس من أوروبا، والتدفق المتزايد للخريجين من تقنيين ومهندسين عوامل جذابة للشركات متعددة الجنسية لصناعة السيارات.

وخلصت الدراسة إلى أن صناعة السيارات تسهم إسهاما كبيرا في تطوير القطاع الميكانيكي والإلكتروني وفي الاقتصاد التونسي بشكل عام الامر الذي جعل البلاد وجهة كبريات الشركات العالمية المصنعة لمكونات السيارات من فرنسا وألمانيا وإيطاليا مما يمكن ان يسهم في الارتقاء بالصناعة التونسية ككل فعلى مستوى تطوير سلاسل القيمة وخلق القيمة المضافة العالية. غير انه ينبغي للشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي أن تتبنى الإنتاج المشترك كنموذج للتعاون الاقتصادي “المربح للجانبين” لأنه ينطوي على:

  • إقامة شراكات، وليس التعاقد في صيغة مناولة صناعية بسيطة، من أجل تقاسم عادل للقيمة المضافة؛
  • التطوير المشترك لسلاسل القيمة، وخلق قيمة مضافة محليا؛
  • نقل التكنولوجيا ورفع مستوى البحث والتطوير، وفقا لمبادئ المسؤولية الاجتماعية والبيئية؛
  • ودعم الاستثمارات المستدامة والتخطيط الطويل الأجل لدعم وحدات الانتاج. 

ومع ذلك، فإن مناخ الاستثمار الحالي في تونس ليس ملائما لهذا النموذج اذ يذكر انه وفقا للمذكرة الدورية حول تطور الاستثمارات الصادرة بعنوان الربع الاول من العام الحالي الصادرة مؤخرا عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، فقد تراجعت الاستثمارات الصناعية الأجنبية المباشرة وبالشراكة من 322.0 مليون دينار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 إلى 216.3 مليون دينار طيلة الربع الاول من العام الحالي، مسجلة بذلك انخفاضا بنسبة 32.8 بالمائة. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة للتراجع المسجل بنسبة 49.0 بالمائة في الاستثمار بالشراكة (63.8 مليون دينار نهاية مارس 2022 مقابل 125.0 مليون دينار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021)، وذلك بالإضافة الى تقلص مستوى الاستثمارات الاجنبية المباشرة بنسبة 22.6 بالمائة طيلة الربع الاول من السنة الحالية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى