اقتصاد وأعمال

دراسة: فشل السياسات يدفع إلى تهميش اجتماعي شامل (3/3)

أظهر تقرير أُجري مؤخراً حسب البنك الدولي أن نقص الثقة في دور الدولة بوصفها الجهة التي تتولى تحصيل الضرائب وتقديم الخدمات لا يزال يمثل عنصراً مهماً يجعل العديد من دافعي الضرائب المحتملين يحجمون عن تقنين أوضاعهم والانضمام للعمل ضمن منظومة الاقتصاد الرسمي أو دفع ضرائبهم بالكامل – ويقوض الدعم السياسي الأوسع نطاقاً لجهود الإصلاح.

وفي هذا الإطار، تعتبر تونس نموذجا خاصا في مجال الإشكالات المتعلقة بالجباية سيما فيما يهم التهرب الضريبي وتعقد المنظومة الجبائية وعدم تطورها منذ عقود فضلا عن عدم ملاءمتها للمعايير المعتمدة في مجال الانصاف والعدل بين دافعي الضريبة.

وقدمت وثيقة للهيئة الخبراء المحاسبين بالبلاد التونسية في بداية ديسمبر الفارط وجهت لرئيسة الحكومة نجلاء بودن 60 مقترحا لتبسيط الاجراءات والنصوص الادارية وخاصة الجبائية ومجابهة التهرب الضريبي ودعم الاستثمار سيما ان المؤسسات التونسية تكابد التقيد بمقتضيات واحكام 6 مجلات قانونية جبائية تتضمن على الاقل أكثر من ألف نص قانوني و531 قرار ضريبي تم اعتمادها منذ 2011 و265 مذكرة عامة صادرة عن الادارة العامة للأداءات بوزارة المالية و4700 توصية في مادة الجباية والضرائب بما يجعل من المؤسسة التونسية تشهد معاناة مستمرة للامتثال لما لا يقل عن 6 آلاف نص وقانون ومادة جبائية.

كما تصل نسبة الضغط الجبائي والاقتطاعات الاجبارية الى نحو 32.5 بالمائة من الدخل الوطني المتاحة غير ان وثيقة هيئة الخبراء المحاسبين اعربت في هذا الصدد عن اعتقادها بغياب ارادة اصلاح الجباية وتخفيف عبء البيروقراطية بحكم الادارة التونسية تبنت في 2014 مشروعا لإعادة النظر في المنظومة الضريبية يقوم على اعتماد 395 اصلاح نص جبائي لم يدخل منها حيز النفاذ سوى 75 اجراء مما يعني ان نسبة تقدم انجاز الاصلاح لا تتجاوز اليوم 19 بالمائة.

وتطرق، في هذا السياق، المنتدى التونسي لحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دراسته التي أصدرها الثلاثاء 22 مارس 2022 بعنوان “انعدام المساواة في تونس” الى وضع الجباية والتحويلات الاجتماعية حيث بيّنت الدراسة ان تأثير الجباية على التفاوت في الدخل، في تونس، ولئن كان إيجابيا إجمالا فإنه أقل وقعا مقارنة بعدد من البلدان الصاعدة الأخرى. أما المساهمات الاجتماعية فإنها تسهم في الحد من عدم المساواة غي أنها تمثل عبئا ثقيلا على الفئات الضعيفة.

وتساعد التحويلات الاجتماعية على الحن من عدم المساواة في الدخل، وتستفيد منها إلى حد كبير الأسر المعيشية الأفقر. كما انه وعلى الرغم من الغش والتهرب الضريبي، فإن النظام الضريبي في تونس، يشارك في الحد من عدم المساواة في الدخل. غير أن الأداء على القيمة المضافة لا يؤثر عنى إعادة التوزيع، بل إنه يسهم، على العكس من ذلك، في زيادة التفاوت في الدخل.

ولمجابهة افة انعدام المساواة في تونس فقد تمحورت التوصيات التي تقدمت بها الدراسة بشكل عام، حول عدة محاور رئيسية أبرزها يتمثل على مستوى الاقتطاعات في تحسين تصاعدية الجباية وتوسيع القاعدة الضريبية والترفيع في الجباية على الميراث والهبات بين الأحياء لإرساء مزيد من العدالة إضافة الى تحسين تصاعدية الأداء عل الأملاك ودراسة إمكانية إرساء ضريبة تضامنية على الثروة بما يمكن من الحدّ من التهرب الضريبي والاقتصاد الريعي وغير المهيكل.

اما على مستوى الحماية فقد تركزت التوصيات على ضرورة إرساء أرضية وطنية للحماية الاجتماعية بما يتماشى مع توصيات منظمة العمل الدولية لضمان الحماية الاجتماعية تمكن من توفير الحماية الاجتماعية للجميع ووضع سياسة تحفيزية وتشاركية ومتفق بشأنها تهدف إلى إدماج الناشطين في القطاع غير المهيكل تدريجيا في القطاع المنظم بالإضافة الى الحفاظ على نظام التعويض ودعم نجاعته وتحقيق التغطية الصحية الشاملة ودعم النظام الصحي العمومي وتطويره بالتوازي مع تنفيذ استراتيجية متعددة الأبعاد لمكافحة مختلف أوجه عدم المساواة بين الجنسين.

بيد أن جميع هده التوصيات لن يكون لها الأثر المنشود – وفق المنتدى – إذا لم تتم إعادة صياغة استراتيجيات تنشيط الاستثمار العام، بهدف وضع مسألة مكافحة التفاوتات في صدارة اولويات السياسات العامة، وذلك في إطار نمط مستجد للتنمية الشاملة والمستدامة والعادلة. كما تجدر الإشارة إلى أن بعض الجوانب الأخرى لعدم المساواة تستوجب أن تدرس بعمق أكبر وأن تقاوم بمزيد من العزم للحد من انعكاساتها.

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى