اقتصاد وأعمال

دراسة: ميزانية 2022 تؤكد استمرار هيمنة اللوبيات والمافيات و”الكناطرية” وتكرّس التداين (5/5)

أصدر الأربعاء 9 مارس 2022 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة بعنوان “ميزانية 2022 رهينة صندوق النقد الدولي: حول أسباب تخوف الراي العام التونسي من اللجوء مجددا الى صندوق النقد الدولي”.

خصصت الدراسة خاتمتها للتأكيد في خصوص، المفاوضات المقبلة بين السلط التونسية وصندوق النقد الدولي على انه من الضروري الاعتماد على الحلول الداخلية اولا وقبل كل شيء. وبينت، في هذا الصدد، الدراسة ان السلطة التونسية ستنطلق عن قريب في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي للمرة الثالثة عل التوالي منذ 2011، (الأولى سنة 2013 والثانية سنة 2016). وفي كل مرة يقع اللجوء إلى الصندوق بدعوى أن هذا اللجوء سيوفر الشروط الملائمة لتجاوز الصعوبات وتحسين التوازنات المالية الكلية وتدعيم مسار النمو. ولكن في كل مرة تزيد الأوضاع سوء وتعفنا إلى حد أن هذه المرة أصبحت البلاد مهددة بالانهيار والافلاس.  علما أنه وفي كل مرة نفس القوى المحتكرة للثروة وللسلطة والمستفيدة من الغنائم والمكاسب غير المشروعة والمسؤولة عن الأوضاع المنهارة هي التي تتسارع قبل غيرها للدفع نحو اللجوء إلى الصندوق وتعتبره المخرج الوحيد لتجاوز الأزمة، عبر البحث عن الحلول الخارجية التي تقود حتما إلى التنامي المتصاعد للمديونية العمومية والى الارتهان المتزايد للسيادة الوطنية عن طريق الخضوع إلى إملاءات وشروط الصندوق ومختلف المؤسسات المالية والاقتصادية العالمية.

وأوضحت دراسة المنتدى ان هذا التأكيد من طرف القوى المستفيدة على ضرورة الإسراع بالدخول في مفاوضات مع الصندوق هو ناتج بالأساس عن حرص هذه القوى عل تفادي البحث عن حلول داخلية تمكن الخزينة من موارد ذاتية عمومية إضافية عبر اعتماد إصلاحات وإجراءات جريئة وجدية واستثنائية تمس بالضرورة من مصالحها ومكاسبها. 

بالإضافة إلى ذلك، فان هذه القوى واثقة تمام الوثوق أن الصندوق سيدفع السلطة نحو فرض سياسات تقشفية من شأنها أن تحمل الطبقة الوسطى والفئات الشعبية العريضة فاتورة تجاوز أزمة المالية العمومية ولو لحين، كما أن الصندوق سيشترط القيام “بالإصلاحات الكبرى” التي ستفتح لها مجالات جديدة لكسب الغنائم خاصة تلك التي تهم مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار بأكثر امتيازات جبائية ومالية جديدة وفتح رأس مال المؤسسات العمومية للمساهمات الخاصة والعمل عل توسيع “الشراكة” بين القطاع العام والقطاع الخاص إلخ…

ويعتبر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن المفاوضات المقبلة ستكون أكثر خطورة عل سيادة القرار الوطني وعل مستقبل التنمية في البلاد نظرا لما يتسم به الوضع الحالي من:

  • انهيار مرتفع ومخيف للأوضاع الاقتصادية والمالية؛
  • تواصل انتشار جائحة كورونا ي ظل عجز مرتفع للمالية العمومية وهشاشة متقدمة للمنظومة الصحية وعجز صارخ عن فرض احترام الإجراءات الوقائية؛
  • غياب مخاطب كفء يحظى بمصداقية وتمثيلية واستقرار واجماع سياسي قادر على التخاطب مع الأطراف والمؤسسات المالية العالمية في ظل مشهد سياسي تونسي مخجل ومضحك ومبكي في آن واحد؛
  • استمرار مرتقب لتقهقر الترقيم السيادي لتونس من طرف كل وكالات الترقيم العالمية في ظل التدهور الشامل لكل الأوضاع السياسية، والاقتصادية والمالية والمؤسساتية؛
  • انعدام الثقة داخل مكونات المشهد السياسي مع تنامي الصراعات بينها من جهة وتعمق القطيعة بين الرأي العام التونسي وكل الأحزاب والسلط ومؤسسات الدولة من جهة أخرى؛
  • محاولة الأطراف الأجنبية جاهدة لحشر المنظمات المهنية في المفاوضات القادمة بحثا عن تحقيق أكثر ضمان لتطبيق إملاءاتها وشروطها وذلك على وقع تنامي القطيعة بين الحاكم والمحكوم مع تنامي الغضب الشعبي وتصاعد نسق الحركات الاجتماعية الاحتجاجية التلقائية.

لكل هذه الأسباب يؤكد المنتدى عل ضرورة الاعتماد على النفس وعلى الحلول الداخلية قبل كل شيء عبر أخذ الإجراءات الجريئة الاستثنائية لتجاوز أزمة المالية العمومية في المدى القصير وقد سبق وأن نشر المنتدى عديد المقترحات في هذا الشأن كما يؤكد على الإسراع في بلورة بديل تنموي يؤسس لمنظومة اقتصادية جديدة تفتح آفاق تنموية قادرة على رفع التحديات الهيكلية الكثيرة وعلى تكريس المكاسب الدستورية خاصة في ميدان الحريات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية التي تبقى مهددة في غياب البديل.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى