رغم حدة الأزمة الاقتصادية: الأرقام الرسمية تؤكد التحكم في عجز الميزانية

تشير الأرقام التي نشرتها وزارة المالية اليوم الجمعة 10 فيفري 2023، في مذكرة مراقبة تنفيذ الميزانية نهاية نوفمبر 2022 إلى بلوغ عجز الميزانية 5882.6 مليون دينار مقابل 9308 مليون دينار منتظرة طيلة العام.

ويعزى الفارق الهام بين الانجازات والتقديرات على هذا المستوى، الذي لم توضحه اسبابه المذكرة، إلى سبب بسيط يتمثل في عدم قيام السلطات بدفع الدعم الذي طلبته عدة مؤسسات عمومية (2.2 مليار دينار) خاصة ديوان الحبوب والصيدلة المركزية والشركة التونسية للكهرباء والغاز والشركة التونسية لصناعات التكرير.

زيادة الموارد الجبائية

وبحسب أرقام الوزارة، يعود التحكم في رصيد الميزانية بشكل رئيسي إلى زيادة الموارد الجبائية بنسبة 17 بالمائة، والتي ارتفعت من 22.8 مليار دينار نهاية نوفمبر 2021 إلى 31.7 مليار دينار في نهاية نوفمبر الفارط.

غير أن هذا الارتفاع يحيل الى وجود تباين كبير يصعب تفسيره خاصة أنه يأتي من زيادة الضرائب غير المباشرة (+1.6 مليار دينار أو 28.1 بالمائة) وذلك رغم تراجع الاستهلاك، الخاص والعام، بسبب تفشي التضخم وتفاقم ندرة منتجات استهلاكية عديدة مع العلم أن قانون المالية 2022 لم يراجع نسب الضرائب غير المباشرة بالزيادة.

كما بينت مؤشرات وزارة المالية ان معدل إنجاز نفقات التدخلات (الدعم والتحويلات للأسر المحتاجة) مقارنة بالتوقعات الأولية قدر بنسبة 83.8 بالمائة في نهاية نوفمبر الماضي، على الرغم من الزيادة المذهلة في قيمة واردات الوقود والمنتجات الأساسية (24 مليار دينار) وهو ما يؤكده باستمرار وزراء الطاقة والتجارة والفلاحة بالإضافة إلى المعلومات التي ينشرها البنك المركزي في هذا الصدد.

انعدام الشفافية

على صعيد آخر، كشفت معطيات مذكرة الوزارة أن موارد الخزينة، تراجعت نهاية نوفمبر 2022 بنسبة 15.3 بالمائة، لتصل إلى 13.2 مليار دينار، مقابل 15.6 مليار دينار خلال الفترة نفسها من العام السابق.

من هذا المنطلق، ارتفعت موارد الاقتراض خلال الفترة من نوفمبر 2021 إلى نوفمبر 2022 من 13.2 إلى 16.2 مليار دينار، أي بزيادة قدرها 3 مليار دينار بنسبة 23 بالمائة.

لكن مذكرة وزارة المالية الخاصة بمتابعة تنفيذ ميزانية الدولة لشهر نوفمبر تظهر كما في الشهرين السابقين أن بند “الموارد الأخرى للخزينة” يظهر رصيدا سلبيا قدره 2.9 مليار دينار وهو ما يشكل سابقة من نوعها في المالية العمومية حيث يجب أن تكون جميع ارصدة  موارد الميزانية و / أو الاقتراض إيجابية بالضرورة، خاصة أنه لم يتم تقديم تفسير على هذا المستوى.

يذكر أن قانون المالية التكميلي 2022 ينص على أن مبلغ ميزانية الدولة لعام 2022 سيصل إلى 60820 مليون دينار وهو ما يمثل زيادة قدرها 3529 مليون دينار مقارنة بتوقعات قانون الميزانية الأولي كما انه من المنتظر ان يناهز العجز دون احتساب الهبات ومداخيل المصادرة البالغة 11099 مليون دينار وهو ما يمثل نسبة 7.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ويمثل العجز الذي تم الكشف عنه في مذكرة تنفيذ الميزانية العامة للدولة في نهاية نوفمبر المنقضي 63.2 بالمائة فقط من الرصيد الأولي المقدم في قانون المالية 2022. ولم تنشر وزارة المالية أي ملاحظة تفسيرية لهذا الاختلاف.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن أحكام قانون الميزانية الأساسي – القانون رقم 15 لسنة 2019 المؤرخ في 13 فيفري 2019 – تدعو صراحة إلى ضمان صدق وشفافية البيانات المتعلقة بقوانين المالية في كل اطوارها.

Leave a Comment

Recent Posts

القيروان: هلاك شابين في حادث مرور بسبب الحشرة القرمزية

لا حديث اليوم السبت 22 جوان 2024 في منطقة عبيدة الشرقية التابعة لمعتمدية الشبيكة الا…

2024/06/22

حضور جماهيري غفير في افتتاح مهرجان الشباب بالقصرين

احتضنت الليلة ساحة الشهداء وسط مدينة القصرين سهرة إفتتاح مهرجان الشباب بالقصرين في دورته السادسة…

2024/06/22

باجة: وفاة عون أمن وعون سجون في حادث مرور

جد ظهر اليوم السبت 22 جوان 2024 حادث مرور على الطريق الجهوية عدد 52 الرابط…

2024/06/22

بلجيكا تحقق فوزها الأول في اليورو

حقق منتخب بلجيكا فوزه الأول في كأس الأمم الأوروبية 2024 و الذي جاء على حساب…

2024/06/22

2024: انخفاض كبير في الوقود الأحفوري هل حانت لحظة الطاقة المتجددة؟

انخفض الإنتاج الوطني من النفط الخام والغاز الطبيعي في تونس بشكل ملحوظ بحلول نهاية أفريل…

2024/06/22

البرتغال تتأهل إلى ثمن نهائي اليورو

خطف المنتخب البرتغالي تذكرة التأهل إلى الدور ثمن النهائي من بطولة كأس أمم أوروبا بالفوز أمام نظيره التركي…

2024/06/22