اقتصاد وأعمال

قراءة في أبعاد التوجه الخاص لتجمع البريكس نحو إفريقيا

تُعتبر قمة بريكس الخامسة عشرة، التي اجتمعت في مدينة جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا، حدثًا مهمًا على الساحة الدولية، حيث تجمع قادة دول البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا لمناقشة قضايا ذات أهمية إقليمية ودولية.

وتعكس هذه القمة تطورات العالم نحو توجه جديد متعدد الأقطاب، يسعى لتحقيق التوازن وتقوية التعاون بين الدول، وهو بديل متجدد للهيمنة الأميركية الغربية السابقة.

القمة، التي تمت نهاية اوت، تحمل عنوان “بريكس وإفريقيا”، تعكس توجه المجموعة نحو القارة الإفريقية، التي تمتلك مقومات اقتصادية وبشرية كبيرة. وتسعى الدول الأعضاء إلى تعزيز التعاون بين بريكس ودول إفريقيا وذلك من خلال تعزيز التجارة باستخدام العملات المحلية وتوسيع نطاق التعاون الاقتصادي والسياسي.

تحديات كبرى تواجه افريقيا

تواجه إفريقيا تحديات اقتصادية كبيرة، حيث تُعاني من تفاقم الديون ونقص التنمية. لكنها تمتلك إمكانيات هائلة من حيث الموارد الطبيعية والطاقة البشرية، مما يجعلها مكانًا محوريًا لتوجه بريكس. وتتطلع القارة إلى تعزيز علاقاتها مع البريكس، حيث ترى فيه فرصة لتحقيق نمو اقتصادي وتحسين أوضاعها في مجالات الأمن الغذائي والطاقة.

لتحقيق أهدافها، أطلقت مجموعة بريكس بنكًا للتنمية في عام 2014، والذي يهدف إلى تقديم التمويل لمشاريع التنمية في البلدان الأعضاء وغيرها من الدول النامية. يعمل البنك بشكل مستقل وليس لديه شروط سياسية على القروض، مما يمكّن الدول من تلقي الدعم اللازم لتحقيق تطلعاتها التنموية.

بريكس وإفريقيا: الرؤية الإستراتيجية والتحديات

اختيار مجموعة بريكس لتعزيز التعاون مع إفريقيا يأتي كجزء من استراتيجيتها لبناء علاقات تعاونية متوازنة مع مناطق أخرى في العالم، وخاصةً مع القارة الأفريقية التي تحمل إمكانيات ضخمة وتحديات كبيرة. هذا التوجه ينبع من عدة عوامل تاريخية واقتصادية وسياسية.

أحد العوامل الرئيسية التي دفعت بريكس نحو التعاون مع إفريقيا هو الغنى الطبيعي والبشري الذي تمتلكه القارة اذ تمتاز إفريقيا بموارد غنية من النفط والغاز والمعادن والزراعة، بالإضافة إلى تواجد عدد كبير من الشباب والقوى العاملة. هذه الموارد تجعلها شريكًا جذابًا للتعاون مع دول بريكس، التي تبحث عن مصادر جديدة للتجارة والاستثمار.

ويأتي التعاون مع إفريقيا كرد فعل على نهج السياسات الغربية والتاريخ الاستعماري، الذي شهد تجاهل واستغلال القارة الأفريقية لعقود طويلة. هذا التوجه ينبع من رغبة بريكس في تقديم نموذج جديد للشراكة تعتمد على المساواة والاحترام المتبادل.

مصر وإثيوبيا في البريكس

اعتبارًا من عام 2024، ستتوسع مجموعة البريكس بإضافة ستة أعضاء جدد، بما في ذلك مصر وإثيوبيا. ومن شأن هذا التوسع أن يعزز تأثير وأهمية مجموعة البريكس على الساحة الاقتصادية العالمية.

ويرى مراقبون أنّ دخول إثيوبيا إلى مجموعة البريكس له أهمية خاصة. إذ تتمتع إثيوبيا ببنية تحتية حديثة، لا سيما في مجال النقل وتوفر بوابة استراتيجية إلى أفريقيا بالنسبة إلى دول البريكس.

وتشهد إثيوبيا نمواً اقتصادياً متسارعا، مع تحقيق تقدم ملحوظ في مختلف القطاعات. وتمتلك شركة الطيران في البلاد أسطولًا مكونًا من 140 طائرة، مما يجعلها واحدة من أفضل شركات الطيران في إفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، تعمل البنية التحتية الحديثة للطرق السريعة والسكك الحديدية على تعزيز التجارة والاتصال.

ولأثيوبيا العديد من المزايا الأخرى، فأراضيها صالحة للإنتاج الفلاحي. كما أن قربها الاستراتيجي من قناة السويس يتيح لها الوصول إلى الأسواق العالمية.

يرى مراقبون أنّ الصين وروسيا قد صارتا بوضوح دولتين لهما رؤى استراتيجية للتعامل مع إفريقيا. منذ سنوات، قامت الصين بزيادة استثماراتها في إفريقيا وتقديم مساعدات اقتصادية وبنية تحتية وهو ما ساهم في تعزيز تواجدها ونفوذها في القارة. من جانبها، تسعى روسيا إلى تعزيز علاقاتها مع إفريقيا من خلال التعاون الاقتصادي والعسكري والسياسي.

مقابل ذلك، تواجه الغرب وبالأخص الولايات المتحدة، تحديات في استعادة ثقة إفريقيا بعد تاريخ طويل من الاستعمار والتدخلات السياسية.

لكن على الرغم من هذه المبادرات والتوجهات، يواجه تعاون بريكس مع إفريقيا تحديات جمة، منها تفشي النزاعات والصراعات الداخلية وعدم الاستقرار السياسي في بعض دول القارة. هذه التحديات تعيق جهود التنمية وتقوض الفرص المتاحة.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى