قدّم المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، مؤخرًا، جملة من المقترحات في إطار مشروع مراجعة مجلة الشغل، تهدف إلى تحقيق التوازن بين ضمان حقوق الأجراء وتوفير بيئة قانونية مرنة تواكب تطورات سوق العمل، وتُحفّز الاستثمار.
وجاءت هذه المبادرة، وفق ما أكّده المعهد في وثيقة تحليلية، في سياق سعي أصحاب المؤسسات إلى معالجة الاشكالات التي تُعيق مرونة التشغيل، خاصة على مستوى الصيغ التعاقدية والعقوبات.
نحو تنظيم أكثر دقة
أولى التعديلات المقترحة تتعلق بفترة التجربة التي يخضع لها العامل عند انتدابه والتي ينظمها الفصل 6 مكرر حيث يدعو المعهد إلى التنصيص صراحة على أن أي إعادة انتداب للعامل في نفس المؤسسة يجب أن تُفضي مباشرة إلى عقد غير محدد المدّة، في حال سبق له الاشتغال فيها ولو لفترة تجريبية غير مكتملة، وذلك حماية لحقوق الأجراء ومنع التلاعب بالعقود المؤقتة.
وفيما يتعلّق بالعقود محددة المدّة المنصوص عليها في الفصل 6 رابعا، يرى المعهد أن تحديد الحالات الاستثنائية غير كافٍ، باعتبار غياب تصنيف دقيق للأنشطة الموسمية. لذا، يدعو إلى إصدار قرارات ترتيبية قطاعية من قبل وزارات الإشراف (الفلاحة، السياحة، التجهيز…)، تُعرّف هذه الأنشطة وتضبط شروط العمل فيها.
كما تقترح الوثيقة التحليلية، في ذات السياق، مراجعة الأحكام التي تُحوّل العقد آليًا إلى عقد غير محدد المدّة في حال عدم التنصيص على طبيعته أو على اختصاص العامل، وتعويض ذلك بإقرار منحة مغادرة تُقدّر بيوم عن كل شهر عمل، في حدود 3 أشهر كحد أقصى، عند انتهاء العلاقة الشغلية.
تبسيط الإجراءات
عبر المعهد عن وجود إشكالات في خصوص الفصل 17 من مشروع تنقيح مجلة الشغل، الذي يعتبر أن مواصلة العمل بعد انتهاء عقد محدد المدّة يُحوّل العلاقة تلقائيًا إلى عقد قار، معتبرًا أن ذلك لا يعكس دائمًا نية الأطراف. ويقترح، في المقابل، اعتماد صيغة مرنة تُراعي واقع المؤسسات، مع الحفاظ على حق العامل في منحة نهاية الخدمة.
أما الفصل 29، والذي يفرض عقوبات مالية ثقيلة تصل إلى 20 ألف دينار وسجن في حال العود، ضد المؤسسات التي تعتمد التشغيل غير القانوني عبر شركات المناولة، فيقترح المعهد التخفيف منها، لتكون أكثر تناسبًا، دون المساس بالمبدأ، عبر تحديد الغرامة القصوى بـ 5000 دينار، وإلغاء العقوبة السجنية.
شركات اسداء الخدمات: توصيف قانوني أكثر دقة
في باب التعاقد مع شركات اسداء الخدمات، يلفت المعهد إلى الغموض الذي يشوب الفصل 30، خاصة فيما يهم شرط “عدم ديمومة النشاط”، والذي قد يُعرّض بعض المؤسسات لعقوبات رغم تقيدها بالقانون. ومن ثَمّ، يُطالب بإلغاء هذا الشرط، والإبقاء فقط على منع تفويض النشاط الرئيسي للمؤسسة.
وتهدف هذه المقترحات، حسب المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، إلى تكييف مجلة الشغل مع التحولات التي يشهدها الاقتصاد الوطني وسوق الشغل، من خلال معالجة الثغرات القانونية والتقليل من التعقيدات، بما يسمح بإرساء علاقة شغلية متوازنة وعادلة، ويعزز تنافسية المؤسسات دون المساس بحقوق الأجراء.
لكن، في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية الراهنة، هل ستتمكن هذه التعديلات من إرضاء جميع الأطراف أم ستفتح الباب أمام موجة جديدة من الجدل؟
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات