ميزانية وزارة التجهيز: اعتمادات هزيلة لمشاريع محلية

مثل تقييم تنفيذ ميزانية 2021 وتقديم ميزانية مهمة التجهيز والاسكان بعنوان سنة 2022، محور جلسة عمل انعقدت مؤخرا تحت اشراف وزيرة التجهيز والإسكان سارة الزعفراني الزنزري، بحضور ممثلين عن مختلف الهياكل المركزية بالوزارة.

وتم خلال الجلسة عرض نسب صرف اعتمادات التعهد والدفع المرصودة بعنوان سنة 2021 على مستوى مختلف الوحدات العملية، وكذلك مبالغ ونسب استهلاك الاعتمادات المفوضة والاعتمادات المحالة الى الجهات.

كما تم خلال الجلسة تقديم أبرز المشاريع المبرمجة للإنجاز خلال سنة 2022، على غرار مشروع انجاز 12 جسرا بـ10 ولايات بكلفة حوالي 80 مليون مما يعني انها من الصنف الصغير الذي يعتبر معبرا ومشروع تهيئة مسالك ريفية بكلفة حوالي 140 مليون دينار وبرنامج تهذيب احياء سكنية ضمن الجيل الثاني من برنامج تهذيب وإدماج الأحياء السكنية، والدراسة الاستراتيجية لحماية المدن من الفيضانات بكلفة تقدر بحوالي 12 مليون دينار.

وتقدر اعتمادات الدفع المخصصة لمهمة التجهيز والإسكان بعنوان سنة 2022 بحوالي 1800 مليون دينار بزيادة حوالي 10 بالمائة مقارنة بسنة 2021 وتبقى هذه الاعتمادات محدودة سيما انها تصرف في العادة على عدة سنوات حسب تقدم المشاريع التي تعرف طيلة إنجازها تعطيلا كبيرا لأسباب مختلفة أبرزها البيروقراطية والفساد.

وأكدت الوزيرة في هذا الصدد على ضرورة التسريع في نسق انجاز المشاريع التي هي في طور الانجاز لاستكمالها والعمل على تسخير كل الإمكانيات اللازمة للانطلاق في انجاز المشاريع الجديدة في أحسن الظروف.

هذا وبلغ معدل الاستثمارات العمومية المنجزة خلال الفترة 2016 /2020 ما قيمته 15094.025 مليون دينار من مجمل استثمارات بقيمة 28165.144 مليون دينار مبرمجة أي بنسبة انجاز لم تتجاوز 54 بالمائة، وذلك وفق تقرير حديث نشرته وزارة المالية تحت عنونان “التوزيع الجهوي للاستثمارات”.

وبلغت جملة الاستثمارات الخاصة المنجزة على المستوى الجهوي للفترة ذاتها قيمة 32832.478 مليون دينار من مجموع استثمارات بقيمة 7 45120.527 مليون دينار اي بنسبة انجاز بلغت مستوى 73 بالمائة، وفق ما اشارت إليه الوثيقة ذاتها. 

وأثار تقرير وزارة المالية الإشكالات، التّي تعيق إنجاز المشاريع العمومية والخاصّة، حيث تعلّق الأمر بنقص الاعتمادات المخصّصة لعدد من المشاريع نتيجة سوء التقييم الأولين من جهة، والارتفاع الملحوظ لأسعار مختلف الموّاد الأوّليّة، من جهة أخرى إلى جانب أنّ العديد مـن هذه المشاريع العمومية يتم تمويلها في أطار التعاون الدولي ممّا يستوجب اعتماد الإجراءات على المستوى الوطني والمموّل في الوقت ذاته في اعداد ملفاّت الصفقات وهو ما ينجر عنه تعطيل تقدم الإنجاز كما يلعب طول الوقت الفاصل بين إمضاء اتفاقيات القرض مع الممول والمصادقة عليها من طرف مجلس نوّاب الشعب المجمد – معدل 11 شهرا- مع استغراق احداث وحدات تنفيذ المشاريع حسب الأهداف التي تصدر بأمر حكومي مدة طويلة قد يصل الى السنة ممّا يساهم في تأخر انطلاق المشاريع.

وتشير الوثيقة، أيضا، إلى عوائق أخرى تتعلق بعدم جاهزية المشاريع عند ترسيمها بميزانية الدولة أو عند تقديمها للبحث عن التمويل الخارجي الى جانب عدم وجود مرونة في التصرف في ميزانية البرامج حسب الأهداف، مما يعيق التحويلات بين المشاريع، التّي تتطلب اعتمادات اضافية خلال السنة ذاتها الى جانب عدم توفر مدخرات عقارية تقفف كل هذه العراقيل وراء تأخر تنفيذ أو إلغاء عديد المشاريع ذلك فضلا عن نسب التأطير ونقص الموارد البشرية واللوجستية في مختلف المؤسسات والإدارات العمومية الجهوية والتوسع العمراني العشوائي على حساب الأراضي الفلاحية.

يذكر ان رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي كان قد بين أواخر جوان الفارط أن قيمة المشاريع الاستثمارية المعطلة في البلاد تبلغ 17 مليار دينار.

وكشف أيضا في وقت سابق مدير مكتب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في تونس، أنتوان سالي، أن هناك العديد من المشاريع التنموية الكبرى المبرمجة في تونس معطلة بسبب عراقيل إدارية ومؤسساتية تهم أساسا النقل وشبكة المياه والمجال الاجتماعي، داعيا الحكومة التونسية الي التدخل والتسريع في انجاز هذه المشاريع ورقمنة الإدارة لتسهيل المعاملات.

وأضاف أن مهمّة البنك تتمثل في مواصلة مساعدة تونس في انجاز المشاريع الكبرى وتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة في حال تخلت عنها بقية الجهات الممولة، مشيرا إلى أن عديد المشاريع المبرمجة مع القطاع الخاص تشهد تقدما محتشما نتيجة الوضعية التي تعيشها البلاد خاصة فيما يتعلق بالخلافات السياسية التي تجر البلاد باستمرار الى ازمات مؤسساتية حادة.

هذا وتبرز عدة تقارير ان الفساد ينخر منظومة مناقصات المشاريع في تونس اذ تتكبد الدولة خسائر تصل إلى 25 بالمائة من مبالغ الصفقات العمومية نتيجة الفساد في التصرف في الشراءات العمومية. ولا يمكن عموما تحديد عدد الصفقات العمومية التي تثير شبهات فساد، لكن بات معلوما أن تلك المنظومة هي ارضية خصبة لتضارب المصالح والرشوة أيضا، يستفيد منها موظفون أو رجال أعمال يستغلون فرصا لتحقيق فائدة لهم تكبّد الدولة خسائر ضخمة، ويقدم تلك الفرص موظفون في إدارات أو منشآت عمومية، ولعل أبرز تلك الفرص الذهبية هي التهرب الجبائي. ففي 2020، نشرت محكمة المحاسبات معلومات صادمة في تقريرها الثاني الثلاثين، وهي أن الدولة “فرطت” بسبب تهرب أصحاب الشركات أساسا وتهاون موظفين تابعين لوزارة المالية، في ملايين الدينارات.

Leave a Comment

Recent Posts

رؤية طاقية جديدة لتونس ضمن فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى الدولي نحو الجنوب بإيطاليا

شاركت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب يومي 17 و18 ماي الجاري، في أشغال…

2024/05/20

الحماية المدنيّة التونسية تشارك في مناورة تطبيقيّة بالجزائر

احتضنت ولاية تبسة الجزائرية، اليوم الاثنين، مناورة تطبيقية دولية للحماية المدنية حول إخماد الحرائق وتقنيات…

2024/05/20

قابس: انطلاق المرحلة التمهيدية للتعداد العام للسكان والسكنى

أعطيت، اليوم الإثنين 20 ماي 2024، إشارة انطلاق المرحلة التمهيدية للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة…

2024/05/20

مكاسب بالجملة في انتظار الترجي حال التتويج بدوري أبطال إفريقيا على حساب الأهلي

يستعد الترجي الرياضي التونسي لمواجهة الأهلي المصري في إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا بعد انتهاء…

2024/05/20

19 و 20 جوان القادم: تنظيم أيّام كندا للتوظيف بتونس

تنظم سفارة كندا بتونس أيام كندا للتّوظيف بتونس يومي 19 و20 جوان المقبل بالعاصمة وذلك…

2024/05/20

تونس تتوج بـ26 ميداليّة في المسابقة العالميّة الكبرى لجودة زيت الزيتون في نيويورك 

تحصلت المؤسسات الناشطة في قطاع زيت الزيتون المعلب هذا الأسبوع على 26 ميداليّة (12 ذهبية…

2024/05/20