اقتصاد وأعمال

600 دينار: نصيب سنوي لكل تونسي من الاستثمار الخاص !

أصدرت مؤخرا وزارة المالية تقريرا حول حول التوزيع الجهوي للاستثمار تضمّن جزؤه الأول تقديما للإنجازات المحققة على هذا المستوى خلال سنوات 2016 – 2020 وتقديرات سنة 2021 ليبرز وفق الوزارة مدى تقدّم تنفيذ المشاريع العمومية والخاصة والبرامج الخصوصية للتنمية والإشكاليات الي تعيق إنجاز المشاريع العمومية والخاصة وتداعيات جائحة كورونا والتدابر والإجراءات المقرح اتّخاذها لتجاوزها.

وقد بلغت جملة الاستثمارات العمومية المنجزة على المستوى الجهوي خلال الفترة المذكورة حوالي 15094 مليون دينار من جملة 28165 مليون دينار تمj برمجتها خلال نفس الفترة وهو ما يمثل نسبة إنجاز بـ 54 بالمائة أما بخصوص سنة 2021 فقد قدّرت جملة الاستثمارات العمومية المبرمجة بحوالي 2509 مليون دينار. وقد تركّزت الجهود خلال الفترة 2016 – 2020 وفقا للإفادة الرسمية على تجسيم التوجهات الاستراتيجية للتنمية وذلك بإعطاء الاولوية لبلورة سياسات وبرامج تنموية لتيسر ادماج الجهة الواحدة في محيطها وخلق إطار دامج للجهات فيما بينها.

وبلغت جملة الاستثمارات الخاصة المنجزة على المستوى الجهوي خلال نفس الفترة حوالي 32832 مليون دينار من جملة 45120 مليون دينار مقدرة وهو ما يمثل نسبة إنجاز بـ 73 بالمائة غير ان الوزارة لم تقدم منهجيتها في جرد الإنجازات الاستثمارية وهي التي تمثل على الاغلب نوايا استثمار وذلك تحديدا فيما يتعلق بالاستثمار الخاص.

هذا وأوضح التقرير ان الجهود ستتواصل في المرحلة المقبلة لخلق بيئة متوازنة جالبة للاستثمار تساهم في الرفع من تنافسية الجهة وتحسن جاذبية ميزاتها التفاضلية بما يمكّن من خلق فضاء اقتصادي مندمج في محيطه الوطني والإقليمي ولتدعم الديناميكية الاقتصادية للجهات سيتم العمل على تثمن الأنشطة الي تعتمد على الخصوصيات المحلية والجهوية (موارد بشرية وطبيعية) قصد تحقيق تنمية متوازنة. كما سيتواصل العمل على تطوير قدرات الجهات في خلق الثروات وتدعم المنظومات الاقتصادية ذات القدرات التنافسية العالية والتشجيع على اعتماد سلسلة القم ودعم البنية الأساسية والتجهيزات الجماعية بما يعزز مؤشرات التنمية البشرية ويساهم في تحسن ظروف عيش المواطنين.

في المقابل وفي تضارب مع ما سبق أوضح تقرير وزارة المالية حول التوزيع الجهوي للاستثمار ان ضعف نسب إنجاز الاستثمارات العمومية ما يعود إلى إشكاليات عديدة أهّمها عزوف المقاولات عن المشاركة في طلبات العروض لبعض المشاريع مع تراجع قدرة المقاولات على الإيفاء بالتزاماتها وهشاشة وضعيتها المالية خاصة أمام تطور أسعار المواد الأولية إضافة إلى تداعيات جائحة كورونا الي أدّت إلى توقيف أشغال انجاز المشاريع وتأجيل نتائج فرز العروض والتمديد في آجال الصفقات وتوقف الانطاق في إنجاز الصفقات الموافق عليها وتسجيل بطء في تقدم إنجاز دراسات المشاريع…

وبالنسبة للاستثمارات العمومية، فانه باستثناء ولايتي جندوبة والمهدية فإن بقية الولايات المدرجة ضمن الـ 16 ولاية ذات المؤشر التنموي الأضعف فاقت فيها جملة الاستثمارات للفرد ( 2016 – 2020 ) المعدل الوطني. وفاقت جملة الاستثمارات للفرد في كل من ولايتي توزر وتطاوين ضعف المعدل الوطني كما تجاوزت نسبة الـ 150 بالمائة بولايات زغوان، وسيدي بوزيد، وقبلي وسليانة في حين أن الولايات الثماني الأولى من حيث مؤشر التنمية والتي تحتضن 50 بالمائة من عدد السكان قد حظيت بجملة استثمارات للفرد خلال الفترة 2016 – 2020 تقل عن المعدل الوطني حيث لم تتجاوز النسبة في ولاية سوسة الـ 50 بالمائة وتعكس هذه الأرقام نتائج تطبيق مبدأ التميز الإيجابي بالولايات ذات الأولوية، ولكن دون أن تمس من الديناميكية الاقتصادية للولايات المصنفة في المراتب الأولى على حد تقدير وزارة المالية.

وفي جانب اخر، بلغ المعدل الوطني لاستثمارات الخاصة المنجزة على المستوى الجهوي بين 2016 و2020 للفرد نحو 2989 دينار أي ما يعادل 597.8 دينار سنويا. وتبرز البيانات الحكومية البياني أن معدل نصيب الفرد من الاستثمارات الخاصة المنجزة في الفترة 2016 – 2020 بالنسبة للثماني ولايات الأخيرة من حيث مؤشر التنمية الجهوية يقدر بـ 2017 دينارا مقارنة بمعدل نصيب الفرد الواحد من الثماني ولايات الأولى والمقدر بـ 3590 دينارا، كما أن متوسط نصيب الفرد من ولاية المنستير (أعلى نصيب) يعادل خمس مرات نصيب الفرد الواحد من ولاية قفصة (أقل نصيب).

يذكر ان مؤسسة كاريغي كانت قد أصدرت مذكرة بداية مارس 2020 بينت ان الجهات في تونس تعاني من تقاطع حاد بين الغبن الاقتصادي والتهميش السياسي، حيث أدّت المركزية الحادة في صنع القرار إلى اقصاء المناطق الداخلية. ثم ان الغياب شبه الكامل للقطاع الخاص، منع بروز نخبة اقتصادية قادرة على الصدح بمطالب الأطراف. إضافة إلى ذلك، فاقمت الهجرة الداخلية للسكان من ذوي الكفاءة إلى الساحل من تهميش الجهات الحدودية والداخلية. وهذا أضعف أكثر قدرة الأطراف في التأثير في صياغة السياسات الوطنية.

وأوضحت المؤسسة ان الولايات الداخلية تحتوي على 50 في المائة من النفط والغاز والموارد المائية في البلاد، و70 في المائة من إنتاج القمح، و50 في المائة من زيت الزيتون والفاكهة بيد أن هذه المناطق محرومة.

ووفقاً لبيانات البنك الدولي العام 2014، يتركّز 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من نصف سكان تونس قرب ثلاث مدن هي الأكثر اكتظاظاً بالسكان تونس العاصمة، وصفاقس وسوسة، وكذلك في خصوص المقرات العامة لنحو 90 في المائة من الشركات العاملة في القطاع الصناعي، إذ لا تتواجد في المناطق الداخلية من البلاد سوى عُشر الشركات الأجنبية العاملة في تونس.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى