تعليم

بقلم رضا الزهروني: العنف المدرسي ومسلسل الفشل..

ننطلق من قناعات نتفق عليها جميعا وتتمثل في رفض العنف المدرسي باختلاف مظاهره والمتسببين فيه وضحاياه واسبابه. ونتفق كلنا أيضا على أنّ أسبابه الأكثر تداولا تتمثل في تراجع الدور التربوي للعائلة والمدرسة وفي الانزلاق بمعاني القيم والأخلاق وبمعاني الحقوق والواجبات وفي اكتساح مجتمعنا من طرف الثقافات المائعة مستوردة كانت أو التي يتم انتاجها محليا وفي غزو شبكات التواصل الافتراضي مساحات وفضاءات الحوار والتواصل التقليدي وفي غياب الإرادة والكفاءة المطلوبتين للتعامل مع هذا الموضوع بالنجاعة المطلوبة.

 لكنّ الاخطر من هذه الآفة نفسها يتمثل من وجهة نظري يتمثل في عدم اهتدائنا الى الحلول التي تجعلنا ننتصر على هذه الظاهرة. ويعود ذلك إلى عدم إدراكنا أن:

– المجتمع التونسي فتح المجال لليأس ليأخذ مكان الأمل، وللفشل ليقاوم النجاح، وللجهل ليطارد العلم والمعرفة، وللعاطفة لتقارع العقل والحجة. عقلية وسلوك طبعنا معهما وتفشت بدورها بين تلاميذنا وتلميذاتنا خاصة من فئة المراهقين والمراهقات والذين صاروا ينظرون الى مستقبلهم ليروا نفقا مظلما لا نهاية له وليشعروا بكابوس يكبل ارادتهم للعمل على ما هو افضل.

– التربية لم تعد قيما واخلاق فحسب نتوارثها أبا عن جد. بل اصبحت سلوكا يصقله المجتمع بأطرافه المجسمة في العائلة والمدرسة والإعلام وفي ابعاده التربوية والثقافية لتهيئ اطفال اليوم ليصبحوا رجال الغد ونسائه من خلال التدرج بوعيهم بما إليهم ومن حقوق وعليهم من واجبات تجاه انفسهم وعائلاتهم والمجتمعات التي يعيشون داخلها.

ويجب التأكيد في هذا المجال على ان المضامين التربوية أصبحت عديدة ومعقدة ومؤثرة وتتطلب اختصاصات ومستويات بعينها ومناهج تدريس تختلف من مادة إلى اخرى وحسب مراحل نمو المتلقي فكريا وبدنيا.

– ظاهرة العنف هي في الآن نفسه سببا ونتيجة لتدهور المنظومة التربوية التونسية. وبالتالي فإن مقاومتها يجعل منها مدخلا ضروري من مداخل إصلاح المدرسة التونسية وبالتوازي فان إصلاح المنظومة التربوية هو الوقت ذاته شرطا أساسيا من شروط مقاومة العنف.

 – مقاومة العنف هي مسؤولية الدولة والعائلة والمدرسة والمختصين والإعلام والمجتمع المدني وهي عمل ميداني بامتياز، وعمل يومي يتم تنفيذه في مستوى كل مؤسسة تربوية مدرسة كانت او معهد. وتتمثل الغاية منه في رصد الواقع المعنوي والنفسي والعائلي الذي يمكن ان يؤثر سلبا في سلوك التلميذ قصد استباق كل الحالات التي يمكن ان تتطور إلى خطر على التلاميذ والاطارات التربوية وذلك داخل الفضاءات المدرسية وخارجها.

 بالإضافة الى ضرورة تسخير المتطلبات البشرية والمادية والتنظيمية والتكوينية للوقاية من هذه الآفة وللحد من تفاقمها ومن اضرارها وانعكاساتها السلبية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى