ثقافة

تونس:”بيك نعيش”..فيلم ينتصر للإنسانية

أيّام قليلة بعد سقوط نظام بن علي تقرّر عائلة تونسية متكوّنة من أب وأم وطفل في السابعة من عمره التحوّل إلى الجنوب التونسي وتحديدا ولاية تطاوين لقضاء عطلة نهاية الأسبوع والإطّلاع على أعمال الأب في الجهة.

إلاّ أنّ القدر أبى إلاّ أن تبقى هذه العطلة راسخة في ذهن الأبوين وتكون مخالفة عن غيرها تماما، حيث يتعرّض ابنهم إلى إصابة برصاصة وهم في الطّريق إلى تطاوين تدفعه إلى الإقامة في مستشفى الجهة لفترة طويلة.

هذه الإصابة ستكون دافعا لطرح العديد من القضايا التّي عاشها ولا زال يعيشها المجتمع التونسي، ولعلّ أوّلها هي مسـألة الأبّوة وما إذا كانت مرتبطة بالإطار البيولوجي والروابط الدموية، أم أنّ الاب الحقيقي هو المربّي والرّاعي للأبناء؟ حيث أنّ الأب يكتشف إثر مجموعة من التحاليل الطبّية أنّ ابنه ليس من صلبه ليثور على الأمّ ويعبّر عن غضبه بشتّى الطرق ما عدى التّخلي عنها وابنها حيث بقي معهما حتّى النهاية حيث تنتصر انسانيته على العادات والتقاليد المتوارثة والراسخة في ذهنه.

هذا الأب درس وعاش أغلب سنوات حياته في فرنسا إلاّ أنّ هذه السنوات لم تكن قادرة على فسخ ومحو الإرث العربي المشرقي الرّاسخ في ذهنه والذّي صوّره المخرج من خلال ردّة فعله عندما أدرك أنّه ليس بالأب البيولوجي للطّفل.

هذا الخبر لم يكن قادرا على منعه من محاولة انقاذ الطّفل بشتى الطرق حتّى وإن كلّفه الأمر دفع مبلغ كبير جدّا من المال، هو مبلغ سيتمّ توجيهه لشراء “كبد” يحتاجه الطّفل لإنقاذ حياته، لنكتشف في هذه المرحلة من الفيلم أنّ “تجارة الأعضاء” هو سلك متكوّن من العديد من الأطراف تنشط بكثافة على الشريط الحدودي التونسي اللّيبي.

فمُقابل المال قد تُزهق أرواح آلاف الأطفال الأبرياء الذّين يُجمّعونهم في أماكن، قد يخُصّصها البعض لوضع حيواناتهم فيها، هذه الأرواح تُزهق فقط لبيع أحد أعضائها، وإن كانت قابلة للموت على مراحل أو بالأحرى تجزئة موتهم والإحتفاظ بهم حتّى يتمّ استغلالهم أكثر ما يمكن فهم حتما لن يتردّدوا في ذلك.

شبكة بيع الأعضاء ووفق ما وثّقه الفيلم تكون نقطة الإنطلاق منها من المستشفيات الجهوية أين يبيع بعض الممرضّين أو الإطار الطّبي والشبه طبّي ضمائرهم حتّى يؤثّروا على المرضى وعائلاتهم ويجرّونهم للدّخول في هذه المتاهة.

هي مجموعة من القضايا طُرحت في فيلم “بيك نعيش”، أول أعمال المُخرج التونسي مهدي البرصاوي،وقد عُرض في عدد من المهرجانات العربية والعالمية ليتوج بـ16 جائزة،كما شارك هذا العمل في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة ضمن فعاليات الدورة الثلاثين لأيام قرطاج السينمائية، وينطلق عرضه في كافّة قاعات السينما بالعاصمة بداية من اليوم الأربعاء 15 جانفي 2020.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى