ثقافة

تونس: ريم الحمروني في الحرقة: مشاهد قليلة..آداء متميّز وإحساس رائع محمّل برسائل عميقة

هي ليست من أبطال العمل ولم تظهر حتّى الآن إلاّ في لقطات معدودة لكنّ ذلك لم يمنعها في إقناع المشاهد والتأثير فيه إلى حدّ تصديق إحساسها وكأنّما تعيش الواقع في مسلسل “الحرقة” الذّي يلاقي نجاحا جماهيريا باهر وأصيح حديث المشاهدين ووسائل الإعلام.

نتحدث هنا عن الممثلة ريم الحمروني تلك التّي برزت في بداية العمل وهي تتباهي بإبنها القادم من ايطاليا بسيارة فاخرة وأموال طائلة وقد أتقنت الدّور خاصّة وأنّ شريكتها في التمثيل الكبيرة وجيهة الجندوبي وهو ما زاد في تفكيرها لدفع ابنها نحو مصير مجهول.

حضور ريم الحمروني في المسلسل يبدو أنّه مدروس بعناية من قبل المخرج لسعد الوسلاتي فهي لا نشاهدها في كلّ حلقة ولكنّ ما إن تظهر إلاّ وتحمل معها رسائل مضمونة الوصول للمشاهد، فالمخرج اختار بإتقان توقيت حضورها.

أمّا عن كاتب العمل عماد الدّين الحكيمي فبدوره أبدع في الحوار الذّي زاده إحساس ريم الحمروني عمقا ومصداقية لا يمكنها إلاّ أن تمسّ المشاهد.. ففي أبرز مشاهدها نجدها تكشف لجارتها نعمة أنّ إبنها احتجز بتهمة بيع المخدّرات وتتابع بأنّ أغلب من يصلون إلى ايطاليا تكون هذه هي مهنتهم الوحيدة ليقضّوا حياتهم في الخوف، وتواصل حديثها في سؤال استنكاري عن استغرابها الدائم عن مصدر ثروته والأموال الطائلة التّي يغدق عليها بها.

وفي تواصل الحبكة الدرامية للعمل تظهر ريم الحمروني مرّة أخرى وهي تتقبّل عزاء ابنها الذّي عاد ميتا إلى بلاده لتؤدّي هذه المشاهد بعناية فائقة وبحساسية مرهفة بعيدا كلّ البعد عن المبالغة أو الكليشيهات المعتادة.

فمن يشاهد ريم الحمروني وهي تشكو لجارتها نعمة حرقتها على ابنها وندمها الشديد لإرساله إلى ايطاليا، من يسمع خطابها وهي تتمنى أن ترى ابنها لمرّة واحدة ولا عزاء للمنزل والأموال والذّهب الذّي تمتلكه لا يمكنه إلاّ أن يتلقى رسائل محّمّلة بما يريد المخرج ايصاله للمشاهد وقد نجحت ريم الحمروني في ذلك دون أدنى شكّ.

وبذلك نتأكّد أنّ الممثّل الحقيقي والصادق والواثق في قدراته التمثيلية لا يحتاج دور بطولة أو ظهورا كامل الحلقات ليجلب المشاهد ويقنع المتفرج وخير دليل على ذلك هي ريم الحمروني التّي استطاعت في ظهور يعتبر محتشما الوصول للمشاهد بصدق كبير.

يجب التنويه أيضا على قدرة هذه الممثّلة وإحساسها العالي في الدراما وآداء دور مثل الذّي جسّدته في “الحرقة” خاصّة وهي المعروفة لدى الجمهور التونسي أكثر بالأعمال الكوميدية وأبرزه “الحجامة” التّي بقيت راسخة في أذهانهم لكن هنا تبرز قوّة الممثل وإبداعه في التلوّن والتحوّل ليتأقلم مع الشّخصية ويقنع المشاهد مهما كان دوره.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى