في تصعيد جديد للتوترات الدبلوماسية بين الجزائر وفرنسا، أعربت الجزائر مساء السبت عن “احتجاجها الشديد” عقب توقيف أحد موظفي قنصلياتها من قبل القضاء الفرنسي. الموظف موقوف على خلفية الاشتباه بمشاركته في عملية اختطاف الناشط والمعارض الجزائري أمير بوخَرْص، المعروف بلقب “أمير دي زد (Amir DZ)“، والذي يقيم في فرنسا.
وفي بيان شديد اللهجة، وصفت وزارة الخارجية الجزائرية هذا التطور بأنه “جديد وغير مقبول ولا يوصف”، محذرة من أن ذلك “سيلحق ضرراً بالغاً بالعلاقات الجزائرية الفرنسية”، وأكدت أن الجزائر “لن تترك هذه الواقعة تمرّ دون رد”.
وكانت النيابة الوطنية لمكافحة الإرهاب في باريس قد أعلنت يوم الجمعة عن توجيه التهم إلى ثلاثة أشخاص في إطار هذه القضية، من بينهم موظف في إحدى القنصليات الجزائرية بفرنسا. وتتمثل التهم في “الاعتقال والاختطاف والاحتجاز أو الحجز التعسفي متبوع بالإفراج قبل اليوم السابع”، في سياق “مشروع إرهابي”.
أما أمير بوخرص، المستهدف في عملية الاختطاف المزعومة، فهو معارض جزائري مقيم في فرنسا منذ 2016، وحاصل على صفة لاجئ سياسي منذ 2023، ويشتهر بانتقاداته اللاذعة للنظام الجزائري. وكانت السلطات الجزائرية قد طالبت بتسليمه لمحاكمته.
وبحسب الرواية الجزائرية، فقد جرى توقيف الموظف القنصلي “في الطريق العام” دون أي إخطار مسبق عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة، وهو ما اعتبرته الجزائر “انتهاكاً جسيماً للأعراف الدبلوماسية”. وأكدت الخارجية الجزائرية رفضها التام للاتهامات الموجهة، ووصفت الحجة الفرنسية بأنها “واهية وسخيفة”، وتعتمد فقط على تتبع مكالمات هاتفية بالقرب من منزل المعارض.
وترى الجزائر في هذه الخطوة “محاولة متعمدة” لنسف مسار تحسين العلاقات الثنائية الذي تم إطلاقه مؤخراً. وجاء في البيان: “هذا المنعطف القضائي غير المسبوق في العلاقات الجزائرية الفرنسية ليس وليد الصدفة”، في إشارة إلى أنه يهدف إلى “نسف” جهود التقارب التي أطلقها الرئيسان إيمانويل ماكرون وعبد المجيد تبون خلال مكالمتهما الهاتفية يوم 31 مارس الماضي.
يُذكر أن العلاقات بين باريس والجزائر شهدت في السنوات الأخيرة العديد من الأزمات، أبرزها دعم فرنسا في صيف 2023 لمقترح الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، المنطقة التي تدعم الجزائر فيها جبهة البوليساريو. وتأتي هذه الحادثة لتضيف المزيد من التوتر إلى مشهد دبلوماسي متأزم أصلاً، رغم محاولات التهدئة الأخيرة.
وفي خطوة تصعيدية، استدعت الجزائر السفير الفرنسي لديها لإبلاغه رسمياً باحتجاجها، وطالبت بالإفراج الفوري عن موظفها القنصلي.
أما باريس، فلم تصدر حتى الآن أي تعليق رسمي بشأن هذا الطلب، مما يترك مستقبل هذه الأزمة مفتوحاً على كل الاحتمالات.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات