الفئات: سياسةمجتمع

بقلم عبد العزيز القاطري: لا للرّكوب على الشّهيد من طـرف من باعوا البراهمي ونقض وبلعيـد

كل 6 فيفري من كل سنة يحيي التونسيــون بكل أســى ذكـرى اغتيــال زعيــم اليســار التّــونسي وفقيــد الوطن شكري بلعيــد، لكن تصــرّ بعض الوجــوه المتآكلة أخلاقيا وسيــاسيا علــى تنغيــص هذه الذّكــرى بحضــورهم لفعــالياتها بحثــا عن ظهور إعلامي مبتذل وعن عذرية سيــاسية فقدوهــا إلــى الأبد.

أغلبية وجــوه ومكــوّنـات المشهد السيــاسي ممّــن يتباكــون اليــوم على شكري بلعيــد كـانوا لا شأن لهم به، هذا إن لم يكــونوا خصــوما أو أعداء ألِدّاء له ولفكــره التنويــري اليســاري، وعندمـــا أتيـحت لهم فرصة ممــارسة السلطة وبدل محــاكمة الجنـــاة، بــادروا بوضع اليد في الأيدي الملطّخـة بدمــائه.

التّكــتل والمنتمــون له آنذاك كــانوا شركــاء لحركة النهضة فــي الحكــم عندمــا صرخ ذلك الإمــام في بهو مسجد جـرجيــس أن دم شكري بلعيــد ونجيب الشّــابي مطلوب في جرجيــس، بل إنّ الشّــابي ذاته كــان يتملّــق للنّهضـة كي تجعل منه رئيــسا للجمهــورية.. لكنّــهم اليوم لا يتــوانون عن المتــاجرة بتلك الدّمــاء.

النّداء أيضــا والمنتمون له والأحــزاب المنبثقــة عن تشظّيــه من قلب تــونس وتحيــا تونس ومشــروع تــونس وكتلة الحرة والكتلة الوطنية والإئتلاف الوطنـي…، جميعهم مــارسوا السلطة مع النهضة وتقــاسموا معهــا غنيــمة الحكــم ممثلة في التعييــنات على رأس الوزارات والولايات والشركـات الوطنية والبعثــات الدبلـوماسية، في إطــار وثيقة قرطــاج وحكــومة الوحدة الوطنية وحكــومة التّــوافق وما إلـى ذلك من مسمّيــات جوفاء لا مدلــول لهـا إلّا الإنتهــازية والفســاد وخيــانة دمــاء الشهداء التــي أتت بهم إلــى السلطة بمــا فيهــا دم أحد منــاضلي حزبهم لطفــي نقض الذي حكم قضــاء البحيــري شريكهم ببــراء قتلته.

الكتلة الديمقراطية هي الأخــرى شــاركت في مهــازل الحكم التّــوافقي مع النهضة، ولئن كان ذلك منتظــرا من حزب مثل التيّــار الدّيمقــراطي سليــل حزب المــؤتمر أحد أذنــاب الإخــوان تحت حكــم التـرويكا المشــؤومة، فإن تواطؤ حــركة الشعب مع حزب الإخــوان في تكــوين حكــومة الفخفــاخ قد يبـدو غريــبا بالنّظــر لفقدهــا هي الأخــرى أحد زعمــاء المدّ القــومي، محمد البراهمي،  برصــاص الغدر والإرهاب واجتهــاد وكيــل جمهــورية النهضة في تسويف الملف وإتلاف بعض وســائل الإثبــات وعدم الإذن باستنطــاق الكثيــر من المشبوهيــن.

حتّــى رفيق درب شكــري بلعيــد وشريــكه في الجبهة الشعبيّــة التـي طــالمــا اشتغل الشهيــد على تكويــنها لتوحيــد شتات اليســار، مــا إن واراه التّــراب بعد ذلك التّأبيــن الركيــك الذي دعــاه فيه للنّــوم، رَدِيــف الموت في الرمزية اللغـوية، والحــال أنه كــان يجدر به أن يعلن “شكري حيّ” كمــا هتف النّــاس أمس في شــوارع العــاصمة، عمــل كلّ مــا في وسعه لتهديــم ما بنــاه شكري، وتشتيــت شمل عــائلته الفكــرية سعيــا وراء طمــوحاته الشخصية بإصــراره على التّــرشح لرئــاسة الجمهــورية دون المرور عبر مؤسّســات الجبهة، شأنه في ذلك شأن رفيقه منجــي الرّحــوي، وكــانت النتيــجة أن الجبهة لم تجنِ إلّا مقعدا يتيــما في البرلمــان وأقصيت من السبــاق للرّئــاسة بنتائج مخزية.

حتّـى الحزب الرّاعي للإرهــاب الفرع المحلّي للتنظيــم الإرهـابي للإخــوان المجرمين صاحب مشروع الخلافة السّــادسة بقيادة الخليــفة العثمــاني الجديــد وحكم الشّــريعة وتطبيــق الحدود، حتّــى هو سوّلت له نفسه وخوّلت له دنــاءة قيادته بأن يعلن نزوله للشّــارع يوم 6 فيــفري، في قرار ينعته التّــونسيون في حكمتهم الشعبية بالقول: “يقتل القتيل ويمشي في جنازته”.

وحدهم بعض الصــادقيــن الأحــرار مكثــوا علــى العهد، ملتزميــن بمبــادئ الفكر التّنــويري للشّهيــد، في حياتهم الشخصية والإجتمــاعية والمهنية، معرّضيــن أنفسهم لسلاطة ألسنة الغــوغاء، ولاضطهــاد المجتمع ذي الأدمغة المكبّلة، ولقمع المصــالح الّتــي تأتمــر بأوامـر حكــومات النهضة المتعــاقبة، وفــي كل عــام يلمّــون مــا بقي من شتــاتهم وينزلون إلــى الشّــارع للهتــاف باسمه والمطــالبة بمحــاكمة الجنــاة، المنفّذيــن منهم والمدبّريــن والذيــن وفّــروا التغطية السّيــاسية والقضــائية.

ووحدهــا هيئة الدّفـــاع عن الشهيــدين تُرِكت بمفردهــا في مواجهة الآلة القضــائية التــي دجنتهـــا النهضة مبتزّة إيــاها بالملفّــات.

Leave a Comment

Recent Posts

للنظر في عدد من مشاريع القوانين الاقتصادية..البرلمان يعقد جلستين عامتين

يعقد مجلس نوّاب الشـعب جلستين عامتين يومي الثـلاثاء والأربعاء 21 و22 ماي الجاري، بداية من…

2024/05/20

كميات الأمطار المسجّلة خلال الـ 24 ساعة الأخيرة

نشر المعهد الوطني للرصد الجوي اليوم الإثنين 20 ماي 2024 قائمة كميات الأمطار المُسجلة خلال…

2024/05/20

سليانة: حجز 28 طنا من مادة السداري المدعم بسبب المضاربة والاحتكار

أفادت الادارة العامة للحرس الوطني أنه في إطار التصدي لظاهرة الإحتكار والمضاربة تمكنت دورية تابعة…

2024/05/20

يهُم الترجي و الإفريقي…الكشف عن موعد نهائي بطولة و كأس تونس لكرة اليد

على إثر إنعقاد اجتماع اللجنة المختلطة للتنظيم الرياضي بوزارة الشباب والرياضة صباح اليوم الإثنين 20…

2024/05/20

جندوبة: العثور على جثتي تلميذين توفيا غرقا في بحيرتين

عثرت إحدى فرق الحماية المدنية بمنطقة حمام بورقيبة من معتمدية عين دراهم، صباح اليوم الاثنين…

2024/05/20

بقلم مرشد السماوي: عدم توفير ظروف عمل لائقة لأعضاء المجالس المحلية والجهوية أمر خطير ومرفوض

بدأ الحديث مؤخرًا حول عدم توفير مقرات ومكاتب وظروف مناسبة للقيام بمهمة نبيلة لكل فرد…

2024/05/20