إنتخابات 2019

تونس: انتخابات 2019..عندما يحتفي الشّعب ببلاده وليس بالرّئيس..

منذ الخامس والعشرين من شهر جويلية الفارط، تاريخ وفاة الرئيس الرّاحل محمد الباجي قائد السبسي، وأنظار العالم كلّها صُوّبت نحو تونس وشعبها، فصور الجنازة المهيبة للرئيس الراحل وسط شعب يودّعه بحرقة، وصور تولّي محمد النّاصر رئاسة الجمهورية وفق ما ينصّ عليه الدّستور التونسي في كنف السلاسة والشفافية، غزت مواقع التواصل الإجتماعي وتمّ تداولها بكثرة من قبل الإعلام الأجنبي والعربي قبل المحلّي.

لتواصل تونس وشعبها لفت انظار العالم من خلال نجاحها في تنظيم دور أوّل من انتخابات رئاسية سابقة لآوانها تنافس فيه 26 مرشّحاّ، أفرزت نتائجه عن مرور اثنين منهم للدّور الثاني الذّي انتظم أمس الأحد 13 أكتوبر 2018، بعد أسبوع فقط من تنظيم الإستحقاق التشريعي، أين إختار الشعب التونسي نوّابه في كنف الديمقراطية والحريّة، وهنا من الضروري التنويه والإعتراف بمجهودات كبيرة مبذولة من قبل هيئة الإنتخابات لإنجاح مختلف المحطّات الإنتخابية في البلاد.

ساعة تقريبا بعد توقيت غلق كافّة مراكز الإقتراع أمس الأحد، بدت نتائج هذا الدّور الثاني في الظهور من خلال إعلان مختلف مؤسّسات سبر الآراء عن فوز المرشّح قيس سعيّد بفارق كبير عن منافسه نبيل القروي، وبعد ندوة صحفية للفائز شكر فيها شعبه وأكّد تمسّكه بتطبيق القانون والحفاظ على الدّستور توافقت معها ندوة أخرى لمنافسه أعلن فيها عن قبوله بالنتائج وهنأ خصمه السياسي كما عبّر عن استعداده لمواصلة العمل على قضيتّه الأساسية وهي محاربة الفقر.

لم يترك التونسيون شبرا في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة إلاّ وتواجدوا فيه كبارا وصغارا حاملين لأعلام البلاد وهاتفين بنشيدها الوطني، أمّا بقيّة الشعب ومن لم يجد له مكانا في الشّارع الرّمز فكانوا يجوبون الشوارع في السيارات مطلقين الهتافات والزغاريد تعبيرا منهم عن فرحهم الشّديد بما نجحت البلاد التونسية في تحقيقه بعيدا عن كلّ مظاهر الإستبداد والديكتاتورية.

هو مشهد لم نعشه منذ الرابع عشر من سنة 2011 تقرييا صور لم يتمّ تداولها في مواقع التواصل الإجتماعي منذ سنوات لشعب بأسره رغم اختلافات توجّهاته وتنوّع أفكاره إلاّ أنّ حبّ بلاده قادر على لم شمله، فالكمّ الهائل من المواطنين الذّين نزلوا إلى شوارع العاصمة ليلة البارحة وشوارع مختلف الولايات الأخرى، الأكيد أنّ أعداد غفيرة منهم لم يصوّتوا لقيس سعيّد أو على الأقلّ غير مقتنعين بشخصه أو معارضين لتوجّهاته.

العديد منهم أيضا إختار الحياد وعدم الإدلاء بصوته أمام إختيارات محدودة وغير مقنعة بالنّسبة له، كما أنّ هناك البعض منهم من إختاروا نبيل القروي في ورقة الإقتراع، فتجمّعهم بذلك الشكل في العاصمة والولايات التونسية هو تعبير عن فرحهم بإنتصار تونس وانتصار شعبها في ان يقول كلمته الفصل ويجسد ارادته بكل حرية.

فالشعب التونسي لا يزال في انتظار تفسير وإيضاح لتوجّهات رئيسه والكشف عن هويّته السياسية وخاصّة عن الأطراف الدّاعمة له وتحديدا عن علاقته بحركة النّهضة، حيث أنّ مباركة شعب تونس لرئيسها لا تعني أنّه غضّ النّظر عن بعض الجوانب الغامضة التّي تحوم حول قيس سعيّد، فمثقّفو تونس وفنّانوها ومختلف شرائح شعبها يرغبون أن يتكلّم رئيسهم الذّين إختاروه بنسبة لم يختاروا بها من قبل، يتكلّم بوضوح فقط لا غير.

ليختار الشّعب بعدها مواصلة دعمه في بناء مسار ديمقراطي خاصّ بتونس بعيدا عن الديكتاتورية والتّضييق عن الحريات الشّحصية أو ليستعدّ أن يكون له بالمرصاد في حال ما إذا قام بخرق مبادئ وقيم خاصّة بالشّعب التونسي دون غيره من الشعوب العربية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى