سياسة

تونس: بعد مخاض تشكيل الحكومة..ماذا تخبّئ الساعات القادمة لحركة النّهضة؟

اليوم الخميس 19 فيفري 2020، يتوافق مع آخر أيّام المهلة الدستورية المخصّصة لرئيس الحكومة المُكلّف إلياس الفخفاخ بعد أن تمّ تكليفه من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد بتشكيل الحكومة بعد فشل الحبيب الجملي قبله في الحصول على ثقة البرلمان عقب مارطون من المُشاورات امتدّ حوالي الشّهرين.

الفخفاخ كان واضحا في بداية مشواره حيث أعلن أنّه سيعمل على تشكيل حكومة مصغّرة قد لا تتجاوز الـ25 وزيرا وتتمتّع بحزام سياسي هام لدعمها، وانطلق في مشاورات مدعوما بقرار اختياره من قبل رئيس الجمهورية الذّي حرص على التّذكير به في كلّ مرّة.

لم تدم فترة الهدوء كثيرا حتّى تنطلق بوادر العراقيل أمام الفخفاخ الذّي أعلن عن قراره بعدم تشريك قلب تونس في حكومته، هو قرار تصدّت له حركة النّهضة بقوّة واعتبرته إقصاءً مرفوض ومن غير الممكن قبوله، وهنا من الضروري التّذكير بقرارات الطّرفين كلّ من قلب تونس والنّهضة اللذّان شددّا على أنّهما من غير الممكن أن يضعا اليد في اليد ويعملا مع بعض، حتّى إنّ العديد من الأطراف اعتبرت أنّ رئيس قلب تونس نبيل القروي ساهم وبشكل كبير في إسقاط حكومة الجملي..

لكنّ هذا التوافق المفاجئ بين الطّرفين جعل من قياديي الحركة يعلنون في العديد من المُناسبات تشبّثهم بوجود قلب تونس في الحكومة ورفضهم للتوجّه الذّي اعتمده الفخفاخ والذّي اعتبروه قائما بالأساس على الإقصاء، وفي نهاية الأسبوع الفارط كان رئيس مجلس شورى الحركة عبد الكريم الهاروني في مؤتمر صحفي قد دعا الفخفاخ علنا إلى التريّث وعدم تقديم حكومته لرئيس الدّولة قبل الموافقة عليها من قبل الحركة.

تتالت لقاءات رئيس النّهضة راشد الغنّوشي مع مختلف الأطراف ليجدّد مجلس شورى حركة النّهضة إصراره على قرار رفضه منح الثّقة لحكومة الفخفاخ، الذّي لم يرضخ لتنبيهات الهاروني بل قدّم قائمة وزرائه لرئيس الدّولة في نهاية الأسبوع الفارط، ليتّخذ سعيّد قرارا فاجأ الجميع وهو أنّه سيتّجه إلى الحلّ الدّستوري في حال رفض حكومة الفخفاخ أو عدم حصولها على ثقة البرلمان، وهو قرار ربّما لم يكن منتظرا من قبل مختلف الأطياف السياسية، وخاصّة منهم حركة النّهضة، وهو ما جعلها في غضون أيّام إن لم نقل ساعات قليلة تغيّر موقفها، وهو ليس بالأمر الغريب عليها، وتعلن امكانية منح الثّقة لحكومة الفخفاخ..

ما بقي في الذّهن من إحدى الندوات الصحفية التّي حضرناها لحركة النّهضة هو تصريح رئيسها عبد الكريم الهاروني بأنّ سيناريو الذّهاب إلى إعادة الإنتخابات لا يخيفهم رغم ما ثقله الإقتصادي على البلاد التونسية، بل بالعكس سيقومون عندها بإعادة الأمانة للشّعب التونسي حتّى يمنحهم أكثر مقاعد في البرلمان تجعلهم قادرين على اتّخاذ القرارات الصحيحة لصالح البلاد، وفق تعبيره، وهنا يكون الاستفهام استنكاريا حول السبب الذي يجعل النهضة تضيّع على نفسها مثل هذه الفرصة التاريخية التي ستمكّنها من الحصول على عدد أكبر من المقاعد تتيح لها تنفيذ برامجها بأريحية ..؟؟

الأكيد أنّ لكل طرف سياسي له حساباته ومناوراته إلا أن هذا المخاض الذّي تعيشه البلاد عموما وحركة النّهضة بصفة خاصّة ستكشف عن فحواه ومخرجاته الساعات القادمة..

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى