سياسة

رفض حكومة الجملي..صفحة استثنائية أخرى في تاريخ تونس

الرّبيع العربي هو مصطلح أصبح مُتداولا منذ سنة 2011 بعد الثّورة التونسية التّي حفّزت مختلف الشّعوب العربية على أخذ منهج الشّعب التونسي ليشهد عدد من الدّول العربية على غرار مصر وليبيا وسوريا تحرّكات احتجاجية كانت عواقبها وخيمة لازالت مخلّفاتها إلى حدّ هاته اللّحظة.

وخلافا لذلك نظّمت البلاد التونسية انتخابات رئاسية ديمقراطية أشهر قليلة بعد الثورة أفرزت تنصيب المنصف المرزوقي على رأس الجمهورية بداية من الثالث عشرة من ديسمبر من سنة 2011، بعد أن تولّى فؤاد المبزّع تسيير شؤون البلاد بعد هروب بن علي، لتدخل تونس التّاريخ بتنظيم أوّل انتخابات ديمقراطية لا في تاريخها فقط بل في تاريخ الدّول العربية عموما.

وقد واصلت تونس كتابة صفحات استثنائية في تاريخها خلال ثاني انتخابات تُنظّم بعد الثورة سنة 2014، من خلال صور تسليم مقاليد السّلطة من قبل المرزوقي لأحد منافسيه المرحوم الباجي قائد السبسي التّي تمّ تداولها في وسائل الإعلام الأجنبية قبل العربية، ورغم أنّ فترة حكم السبسي شهدت بعض التجاذبات السياسية والأحداث المشحونة إلاّ أنّ صور الجنازة المهيبة التّي انتظمت له إثر وفاته في الخامس والعشرين من شهر جويلة الفارط كانت بدورها الأولى من نوعها في تاريخ الحكّام العرب لتُصبح بذلك تونس مرّة أخرى محلّ حديث العالم.

وقد شغلت البلاد التونسية العالم طيلة هاته الفترة من خلال تنظيمها لإستحقاقين انتخابيين، الأول رئاسي سابق لأوانه تنافس فيه 26 مرشّح من بينهم رئيس حكومة وأفرزت نتائج غير متوقّعة إثر تصويت التونسيين بكثافة في دور ثان من هاته الإنتخابات ويختار بذلك قيس سعيّد ليتولّى منصب رئاسة الجمهورية في شهر أكتوبر من سنة 2019، طيلة الخمس سنوات القادمة، أمّا  الإستحقاق الثاني فهو التشريعي فقد خلّف فسيفساء غريبة نوعا ما في مجلس باردو الذّي جمع بين مختلف الأطياف السياسية، حيث لم يشهد مجلس نوّاب الشعب تكوينا مثل الذّي خلّفته الإنتخابات الفارطة، والتّي تمكّنت من جمع النّهضة والحزب الدستوري والتيّار الديمقراطي وحركة الشّعب ومستقلّين وغيرهم تحت قبّة البرلمان.

برلمان تمكّن من تسجيل اسمه يوم الجمعة العاشر من جانفي الجاري كإستثناء من خلال رفضه لحكومة الحبيب الجملي الذّي كُلّف من قبل حركة النّهضة بإعتبارها الحزب الفائز بأغلبية في الإنتخابات التشريعية بتشكيل حكومة كانت عسيرة الولادة والتجأ الجملي لتكوينها من كفاءات وطنية مستقلّة، وفق قوله، بعد فشله في تقريب وجهات النّظر بين مختلف الأطياف السياسية.

134 صوت رافض للحكومة مُقابل 72 نائب قرّروا منح ثقتهم لحكومة الجملي حسب التّصويت النهائي خلال جلسة منح الثقة بالبرلمان، وهي نتيجة لم تشهدها البلاد التونسية سابقا فمنذ  سنة 2011 استقبل البرلمان العديد من الحكومات، شهد أيضا عددا كبيرا من التحويرات الوزارية، صوّت البرلمان في العديد من المُناسبات لعلّ آخرها كان على اختيار هشام الفراتي الذّي عيّنه الشاهد وزيرا للدّاخلية بعد عزله للطفي براهم، وكان البرلمان في كلّ مرّة يمنح ثقته رغم تسجيل العديد من الإحترازات.

لكنّ قبّة باردو أرادت في آخر تصويت لها أن تختلف عن كلّ المناسبات السابقة ليتجسّد النظام البرلماني التونسي فعليا ويقف النوّاب أمام رئيس للحكومة مكلّفا من قبل حركة النّهضة مرفوقا بـ42 عضو، ليعودوا أدراجهم بعد رفضهم من قبل نوّاب الشّعب، الذّي اختاروا ممارسة حقّهم الدّستوري بكلّ ديمقراطية.

“صورة: ياسين القايدي.”

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى