سياسة

عماد بن حليمة: الشخصيّة الأقدر كيف سيراها الرئيس ؟

نشر اليوم الإثنين، الأستاذ عماد بن حليمة تدوينة قدّم من خلالها تحليلا و تساؤلات عن الشخصية الأقدر التي سيختارها رئيس الجمهورية قيس سعيد بعد فشل الحبيب الجملي و حكومته في نيل ثقة البرلمان الجمعة الماضي.

وفيما يلي تدوينة الاستاذ بن حليمة التي وردت تحت عنوان: الشخصيّة الأقدر كيف سيراها الرئيس ؟

“عبارة الشخصية الأقدر الواردة بالفصل 89 من الدستور ترددت كثيرا على مسامع الناس هذه الأيام منذ أن فشل الحبيب الجملي في الحصول على ثقة البرلمان في لحكومته المقترحة و نمر بذلك إلى الحالة التي تسند فيها صلاحية إختيار رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية .

إن عدم النجاح في تشكيل حكومة أو في نيل ثقة البرلمان في ظرف شهرين من تكليف الشخصية المقترحة من الحزب المتحصل على أكثر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب هو ليس إلا فشل سياسي في عقد التوافقات الضرورية لتمرير الحكومة لذلك فإنه مطلوب من رئيس الجمهورية أن يكون ملما بالمشهد السياسي و بالتحالفات الممكنة حتى ينجح في إختيار الشخصية المناسبة .

الفصل 89 المذكور منح لرئيس الجمهورية اجل عشرة أيام لإجراء مشاورات مع الأحزاب و الإئتلافات و الكتل النيابية وهذا أمر مفهوم حتى تتاح الفرصة له لتصور الشخصية القادرة على إدارة الخلافات السياسية و تجميع اكبر عدد ممكن من الفرقاء لضمان حزام سياسي واسع للحكومة .

التصويت على حكومة الحبيب الجملي يوم 10/01/2020 كان مؤشرا خطيرا على وجود عملية فرز سياسي بين كتلة الإخوان بفرعيها المدني و العنيف و المقدرة ب72 مقعد و باقي الكتل و الإئتلافات وهي 134 مقعدا و المتكونة أساسا من فريقين وهما الكتلة الديمقراطية من جهة و الجبهة البرلمانية المتكونة من حزبي قلب تونس و تحيا تونس و كتلتي الإصلاح الوطني و المستقبل .

حقيقة العملية تتطلب مهندسا سياسيا متمرسا لإيجاد صيغة وفاقية بين المتنافرين فالعزلة السياسية للإخوان لا تقابلها مجموعة منسجمة و على وجه الخصوص حزب التيار الديمقراطي الذي يبارك الحكم مع الإخوان و يعتبر التشارك مع قلب تونس خطا أحمر .

السؤال المطروح هل أن رئيس الجمهورية سيواصل في نفس النهج الذي إعتمده في مبادرة سابقة وهو تكوين الحكومة من رباعي الإخوان وحركة الشعب و التيار الديمقراطي و تحيا تونس و الحال أن هذا الحزب الأخير ملتزما أخلاقيا و سياسيا مع قلب تونس في حين أن كتلة روابط حماية الثورة مرفوضة داخليا من المنظمات الداخلية الكبرى وكذلك خارجيا أم أن الرئيس سيعدل أوتاره على ضوء التحالفات الجديدة ؟

في نظري يجب أن نفهم الشخصية الأقدر في وضعنا الحالي على أنها الشخصية التي تتمتع بالوجاهة من طرف الأحزاب ويمكن أن تكون قاسما مشتركا بينهم بعيدا عن عقلية الغنيمة و توزيع الوزارات على شاكلة توزيع الأرباح في الشركات التجارية .

من المهم التذكير أن الشخصية التي ستكلف بتشكيل الحكومة ستمنح اجلا اقل بكثير من الأجل الذي انتفع به الحبيب الجملي ضرورة أن الفصل 89 من الدستور ينص عل أن الأجل الأقصى هو شهر و عليه فإذا ما أستهلك رئيس الجمهورية العشرة أيام كاملة في إجراء المشاورات يعني إلى حدود 20/01/2020 و يكلف الشخصية في غضون الأسبوع الموالي فإنه من المرجح أن يقع عرض الحكومة على نيل الثقة في أواخر شهر فيفري 2020 و إذا حصل أن فشل رئيس الحكومة المقترح في تشكيل فريقه أو في الحصول على موافقة البرلمان فإنه لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس النواب و الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في اجل لا يقل عن 45 يوما و لا يزيد عن 90 يوما و استنادا إلى أحكام الفصل 89 المذكور فإن أخر أجل لتصويت على الحكومة هو 14 مارس 2020 على اعتبار أن التكليف الأول تم في 15 نوفمبر 2019.

بالنهاية ننتظر الشخصية المقترحة من الرئيس حتى يتبين لنا الخط الأبيض من الخط الأسود و ندرك إن كانت هناك إرادة قوية لإنجاح عملية تشكيل الحكومة مع ملازمة الرئيس الحياد و عدم التوجيه و التأثير أو أن هناك نية مبيتة يتحدث عنها البعض وهي إفشال العملية تحضيرا لانتخابات مبكرة يشارك فيها الحزب السياسي الجديد للرئيس وهو حراك 13 أكتوبر و أنا شخصيا استبعد الوصول لهذا السيناريو و اعتقد ان معظم النواب سيصوتون بالنهاية على الحكومة حتى تتسنى لهم المحافظة على امتيازاتهم و أحلامهم” .

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى