صحة

 هل النوم بجانب الهاتف الذكي يشكل خطرًا على صحتك ؟

يبدأ معظم البالغين والمراهقين حول العالم يومهم وينهونه بهاتف ذكي في متناول اليد. ووفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة Common Sense Media سنة 2019، يحتفظ 74% من البالغين بهواتفهم قريبة منهم أثناء النوم، فيما يأخذها 12% معهم إلى الفراش. أما المراهقون، فالنسبة أعلى: 68% يضعون أجهزتهم في متناول الذراع، ويصل الأمر إلى أن 30% ينامون فعليًا وهي بجانبهم.

وليس هذا كل شيء. في عام 2017، كشفت دراسة أمريكية أخرى شملت 855 موظفًا في مستشفيات وطلابًا، أن 70% منهم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي من السرير، و15% يقضون أكثر من ساعة يوميًا على هذه التطبيقات ليلاً. والنتيجة؟ نوم أقل، وجودة نوم أدنى، واضطرابات متزايدة في الإيقاع البيولوجي.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل النوم بجانب الهاتف خطر فعلي على الصحة؟

الخرافات حول الهواتف الذكية: الإشعاعات وسخونة الدماغ

يخشى الكثيرون من أن القرب المستمر من الهاتف، خاصة أثناء الليل، قد يسبب أمراضًا خطيرة مثل السرطان أو تلف الدماغ نتيجة الموجات الكهرومغناطيسية. لكن هذه المخاوف لا أساس علمي قوي لها.

1. لا، الهاتف لا يسبب السرطان

حلّل المعهد الوطني الأمريكي للسرطان معدلات الإصابة بأورام الدماغ بين 1993 و2013 في عدة دول، منها الولايات المتحدة وأستراليا وشمال أوروبا. وكانت النتيجة: رغم الزيادة الكبيرة في استخدام الهواتف الذكية، لم تُسجّل زيادة في معدلات الإصابة بأورام الدماغ.

السبب؟ لأن الهواتف تبعث موجات غير مؤينة، مثل تلك الناتجة عن شبكات الواي فاي أو الاتصالات اللاسلكية (4G، 5G). هذه الموجات أضعف من الأشعة المؤينة (مثل الأشعة السينية أو غاما) بحوالي مليار مرة، ولا تملك القدرة على اختراق الجلد أو التأثير على الحمض النووي.

2. لا، دماغك لا “يسخن” بسبب الهاتف

في دراسة لجامعة العلوم الطبية في أصفهان (إيران)، تم اختبار تأثير الموجات على أنسجة دماغ بقرة. النتيجة؟ حتى بعد تعرّض طويل، لم يتم تسجيل أي ارتفاع يُذكر في درجة الحرارة – لم يزد حتى بدرجة واحدة. ولحدوث تلف في أنسجة الدماغ، يجب أن تتجاوز الحرارة 43 درجة مئوية، وهو أمر مستحيل مع هاتف عادي.

التأثيرات الحقيقية… سلوكية وعصبية

حتى إن لم يكن هناك دليل على وجود خطر سرطاني أو تلف دماغي، فإن النوم بجانب الهاتف يبقى خيارًا سيئًا، وذلك لأسباب حقيقية.

1. الضوء الأزرق يعيق إفراز الميلاتونين

تبعث شاشات الهواتف ضوءًا أزرق عالي الطاقة، يعطّل إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن النوم. النتيجة: تأخر في النوم، وتراجع في جودته.

الحل: تفعيل وضعية “الضوء الليلي” أو “وضع القراءة”، أو تجنب استخدام أي شاشة قبل النوم بساعتين على الأقل.

2. وسائل التواصل تؤخر الاستغراق في النوم

كشفت الأكاديمية الأمريكية لطب النوم أن 77% من الرجال و83% من النساء ينامون بشكل سيء بسبب هواتفهم. الإشعارات، الفيديوهات القصيرة، وخلاصات الأخبار مصممة لجذب الانتباه – وإرباك الدماغ.

الحل بسيط: أبعد الهاتف عن غرفة النوم، أو استخدم تطبيقات “الرفاه الرقمي” لتقليل الإغراءات الليليّة.

3. الإشعارات تعرقل النوم العميق

حتى في الوضع الصامت، يكفي أن يضيء الهاتف أو يهتز ليلاً ليكسر دورة النوم العميق. وإعادة النوم بعد ذلك قد تكون صعبة. الحل؟ تفعيل “وضع عدم الإزعاج” – أو الأفضل: استخدم منبّهًا تقليديًا بدلًا من الهاتف.

4. مخاطر فيزيائية: السخونة والحرائق

يمكن أن تسخن الأجهزة الإلكترونية، خاصة عند شحنها تحت الوسادة أو في السرير. توصي شركة آبل باستخدام الجهاز بين 16 و22 درجة مئوية. أما تجاوز 35 درجة، فقد يؤدي إلى أضرار دائمة أو حتى حرائق بسبب بطاريات الليثيوم.

مجلس السلامة الكهربائية البريطاني يحذر من شحن الهواتف على الأسرّة أو الأرائك ليلًا.

وفي حال المشي أثناء النوم… خطر إضافي

سُجّلت حالات نادرة لأشخاص يرسلون رسائل وهم نائمون، كما وثقت شبكة CNN. بعض الرسائل وُجهت إلى زملاء أو جهات رسمية، دون وعي. لتفادي هذا النوع من السلوك التلقائي، يُنصح بإبقاء الهاتف بعيدًا عن متناول اليد أثناء النوم.

الخلاصة: من الأفضل إبعاد الهاتف… نهائيًا

حتى وإن لم يكن الهاتف قاتلًا ليلاً، فهو يؤثر سلبًا وبوضوح على جودة النوم. ليس بسبب موجاته، بل بسبب ضوء شاشته، ومحتواه المشتت، وما يسببه من استيقاظات متكررة. هذا دون الحديث عن خطر نادر لكنه موجود: الحريق أو التصرفات غير الواعية أثناء النوم.

الحل الأفضل؟ اترك هاتفك في غرفة أخرى أو على مكتب بعيد. اقتنِ منبّهًا تقليديًا، وخذ معك كتابًا جيدًا… وتمتع بليلة نوم حقيقية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى