عالمية

“أرخص من بيومي فؤاد “.. الترند الذي اجتاح مصر وقلب المعادلة بين الرأي العام و المشاهير

لعقود طويلة طفت على السطح مسلمات تعتبر أن المشاهير والنجوم في المجتمعات هم من يؤثرون في الرأي العام وتوجهاته وحتى صنعه في بعض الأحيان.. إلا أن الواقع الراهن أثبت عكس ذلك حيث تجلى بما لا يدع للشك مكانا أن الرأي العام بإمكانه أن يتحكم في المشاهير و يحدد مكانتهم وفق اختياراته وأن يعلي شأنهم أو يدمر الصرح الذي بنوه لعقود..

وقد أظهرت الأحداث الأخيرة على سبيل المثال تغيرًا في نظرة الجمهور المصري نحو المشاهير وشعبيتهم وتأثيرهم. وبيومي فؤاد، الممثل المصري الشهير، كان الأخير في الواجهة العامة، ولكن بطريقة غير متوقعة تمامًا.

ولفت ظهور بيومي فؤاد على هامش تقديم مسرحيته في العاصمة السعودية الرياض الأنظار عندما انتقد قرار زميله محمد سلام عدم المشاركة في المسرحية لأسباب متعلقة بالحرب الحالية في غزة. وهنا جاءت كلمة بيومي فؤاد المفاجئة إثر عرض المسرحية، حيث وجه انتقادات مباشرة و حادة ضد زميله.. و على الرغم من التصفيق الحار الذي رافق كلمة بيومي الذي أجهش بالبكاء.. إلا أن دموعه ومناورته غير المدروسة انقلبت عليه بالوبال و بشكل غير متوقع في مصر.. 

وتعرض بيومي لحملة هجوم شرسة لم يسبق أن واجهها، ووجد نفسه عرضة لانتقادات عنيفة من الجمهور وأشهر الفنانين والمخرجين. وتتواصل هذه الحملة حتى اليوم، حيث تم إلغاء متابعته على منصات التواصل الاجتماعي بمئات الآلاف، واضطر لإلغاء التعليقات على منشوراته.و حتى أحد المطاعم التي يمتلكها بيومي في القاهرة تضررت كثيرا من هذه الحملة المدمرة.

أصبح “أرخص من بيومي فؤاد” ترند في مصر، وتم استغلال هذا الموقف من قبل شركات الإعلان لتسويق منتجاتها بشعار “أرخص من بيومي فؤاد” والذي انتشر بين عديد المطاعم شركات عديدة في مجالات الأسفار والأزياء والعقارات، جميعها استغلت هذه الحادثة لاستقطاب المزيد من الزبائن وتحقيق الأرباح.

ما يثير الاهتمام هو الاتحاد الكبير بين الناس في هذه الحملة المعادية لبيومي ولكل من لا يتعاطف مع ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.. ويبدو أن الناس في مصر مستعدون لمحاولة “حرق” أي شخصية عامة، مهما كان حجمها، بسبب مواقف خاطئة أو انزلاقات أو سوء تصرف حول قضايا حساسة ومهمة. وهو نفس الهجوم الذي تعرض له النجم العالمي في كرة القدم محمد صلاح في مصر والعالم العربي منذ بداية الحرب في غزة لكن بدرجة أقل من بيومي..

لذلك، يندرج تعامل المشاهير مع المسائل الحساسة وتصريحاتهم في الملفات الكبرى كالسير على ألغام في وسط الميدان. يجب على الشخصيات العامة في مصر – وفي العالم بأسره – أن يكونوا حذرين ويدققوا في أقوالهم وأفعالهم خاصة إزاء الأزمات والمواقف الحساسة.. 

من المتوقع أن تمتد هذه الثقافة الجديدة إلى تونس قريبًا، حيث يوجد العديد من المشاهير الذين يواجهون انتقادات حادة مماثلة. وقد يؤدي هذا التحول إلى تغيير في علاقة الرأي العام مع المشاهير وفهمه الأعمق لدورهم في المجتمع.

من الضروري توخي الحذر والحساسية في التعامل مع هذه المواضيع الحساسة، وعلى المشاهير أن يتعاملوا بحكمة وتمعن في اختياراتهم ومواقفهم العامة. فهم ليسوا مجرد شخصيات نراهم على الشاشة، بل هم قادة ومؤثرون يمكن أن يساهموا في التغيير و تشكيل وعي المجتمع.

لذا، ما زال السؤال قائمًا: هل يمكن للمشاهير أن يتحملوا تبعات مواقفهم وتصريحاتهم في هذا العصر الرقمي؟ الإجابة تكمن في طريقة تفكيرهم وتعاملهم مع قضايا الجمهور. من الأفضل أن يكون لديهم وعي تام بقوة الكلمة وتأثيرها على الناس، وعلى تصرفاتهم وأفعال هم التي يجب أن تتسم بالطمأنينة والتواصل السليم مع الجمهور.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى