عالمية

الدنمارك.. من ملاذ آمن إلى دولة طاردة للمهاجرين !

لطالما تمتعت الدنمارك بسمعة طيبة باعتبارها دولة مرحبة بالمهاجرين واللاجئين، إلا أن هذه الصورة تغيرت بشكل جذري في السنوات الأخيرة نتيجة سياسات صارمة جعلتها أقل جذبًا للوافدين. منذ عام 2019، اتخذت الحكومة الدنماركية، بقيادة الديمقراطيين الاجتماعيين ورئيسة الوزراء ميتي فريدريكسن، خطوات حاسمة نحو تقليص الهجرة، مع التركيز على تحقيق “الرؤية الصفرية” التي تهدف إلى تقليل عدد طالبي اللجوء إلى الصفر.

القوانين القاسية لردع المهاجرين

اتبعت الدنمارك سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين، من بينها تشديد قوانين لمّ شمل العائلات، زيادة عمليات الترحيل، وتقليص المساعدات الاجتماعية لطالبي اللجوء. كما أدخلت قوانين غير مسبوقة، مثل السماح للحراس بمصادرة الأغراض الشخصية القيمة للمهاجرين غير النظاميين لتمويل إجراءات اللجوء، بما في ذلك المجوهرات والساعات وحتى خواتم الزواج.

بالإضافة إلى ذلك، فرضت الحكومة قيودًا صارمة على حقوق طالبي اللجوء المرفوضين، حيث لم يعد يحق لهم الحصول على مساعدات مالية، بل يقتصر دعمهم على الطعام فقط، مع إمكانية نقلهم إلى مراكز احتجاز ذات ظروف قاسية، وفقًا لتقارير لجنة مناهضة التعذيب (CPT).

تشجيع على مغادرة الدنمارك

لم تقتصر السياسات الجديدة على تقليص فرص اللجوء، بل امتدت لتشجيع المقيمين على مغادرة البلاد. فحتى الذين يحصلون على حق اللجوء، يُمنحون إقامة مؤقتة بدلاً من الحماية الدائمة، ويتم تقليص فرص الحصول على الجنسية. كما تقدم الحكومة حوافز مالية تصل إلى 5,400 يورو لمن يقرر العودة إلى وطنه.

حملات إعلامية لتعزيز الصورة الطاردة

عملت الدنمارك على نشر حملات إعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي في إفريقيا والدول العربية، لإيصال رسالة واضحة بأن البلاد لم تعد وجهة مرحبة بالمهاجرين. كما تبنت سياسات مشابهة لخطط المملكة المتحدة لنقل إجراءات اللجوء إلى رواندا، رغم عدم نجاحها في التطبيق.

إجراءات تثير الجدل داخليًا وخارجيًا

أحد أكثر القوانين إثارة للجدل هو الإجراء الذي يسمح بإخلاء الأجانب من الأحياء التي تتجاوز فيها نسبة غير الأوروبيين 30%، مما أثار اتهامات بالعنصرية وكراهية الأجانب. ورغم الانتقادات، تبدو الدنمارك مصممة على الاستمرار في هذه السياسات.

استثناء دنماركي من معايير الاتحاد الأوروبي

تتمتع الدنمارك بوضع قانوني خاص داخل الاتحاد الأوروبي، حيث تمتلك حق الاستثناء من بعض القوانين الأوروبية بموجب اتفاق خاص بعد استفتاء 1992. وهذا ما يسمح لها بتطبيق سياسات أكثر تشددًا تجاه المهاجرين مقارنة ببقية الدول الأعضاء.

مع استمرار هذه السياسات، بات من الواضح أن الدنمارك تتبنى نهجًا صارمًا وغير مسبوق في ملف الهجرة. وبينما تحظى هذه الإجراءات بدعم شعبي داخلي، فإنها في الوقت نفسه تعيد تشكيل صورة البلاد على المستوى الدولي، مما يثير تساؤلات حول مستقبله ا كوجهة للمهاجرين واللاجئين.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى