الصين تعرض مكافآت مالية للقبض على جواسيس أمريكيين: تصعيد غير مسبوق في التوتر مع واشنطن

في تطور جديد للعلاقات المتوترة بين الصين والولايات المتحدة، أعلنت السلطات الصينية، يوم الثلاثاء، عن إصدار مذكرات بحث بحق ثلاثة أعضاء مزعومين من وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA)، متهمة إياهم بتنفيذ هجمات إلكترونية مكثفة خلال دورة الألعاب الآسيوية الشتوية التي أقيمت في مدينة هاربين في فبراير الماضي.

وفي خطوة نادرة، أعلنت بكين عن رصد مكافآت مالية لكل من يدلي بمعلومات تساعد في القبض على هؤلاء العملاء.

ثلاثة عملاء أمريكيين على قائمة المطلوبين في الصين

وقد حددت شرطة مدينة هاربين، المضيفة للحدث الرياضي، هويات ثلاثة أشخاص: كاثرين أ. ويلسون، روبرت ج. سنيلينغ، وستيفن و. جونسون، ووصفتهم بأنهم عملاء في وكالة الأمن القومي الأمريكية، وهي هيئة معروفة على نطاق واسع بأنشطتها في مجال المراقبة الرقمية والتجسس الإلكتروني.

ووفقاً للبيان الرسمي، استهدفت الهجمات أنظمة معلومات استراتيجية خاصة بتنظيم الألعاب، شملت تسجيلات المشاركين، وتوثيق المنافسات، وبيانات الوصول والمغادرة، ما يجعل منها معلومات حساسة تزعم الصين أن واشنطن حاولت الاستيلاء عليها.

هجمات إلكترونية واسعة النطاق

تقول السلطات الصينية إنها رصدت أكثر من 270 ألف هجوم إلكتروني مصدرها الخارج، استهدفت البنية التحتية المعلوماتية للحدث الرياضي، مؤكدة أن جزءاً كبيراً منها يعود إلى وكالة الأمن القومي الأمريكية.

كما أفادت وكالة الأنباء الصينية الرسمية “شينخوا” بأن الهجمات طالت أيضاً شركات صينية حساسة مثل هواوي، والتي تخضع منذ 2019 لعقوبات أمريكية، معتبرة أن الأمر يدخل ضمن استراتيجية أوسع للتجسس الاقتصادي والتكنولوجي تديرها واشنطن.

بكين ترصد مكافآت للإبلاغ عن المتهمين

وفي سابقة على صعيد قضايا التجسس الإلكتروني الدولي، أعلنت الشرطة الصينية عن تخصيص مكافآت مالية لأي شخص يمكنه تقديم معلومات تساعد في تحديد مكان وجود العملاء الثلاثة أو تؤدي إلى اعتقالهم.

ويُنظر إلى هذا الإجراء كرسالة واضحة من بكين مفادها أنها تعتزم الرد بقوة ليس فقط أمنياً، بل أيضاً عبر تصعيد رمزي مدروس لإحراج واشنطن على الساحة الدولية.

في ظل تصعيد دبلوماسي غير مسبوق

تأتي هذه الاتهامات في وقت تشهد فيه العلاقات بين القوتين العالميتين توتراً حاداً. ورغم عدم الربط رسمياً بين هذه الحادثة والتصعيد التجاري الأخير الذي أطلقه دونالد ترامب ضد الصين، فإنها تُقرأ ضمن مسار تصعيد متواصل يشمل ملفات التجسس، الاقتصاد، والتكنولوجيا.

وقد تبادل البلدان خلال السنوات الماضية العديد من الاتهامات بالتجسس والتدخل المتبادل، كما تمّت محاكمة عدد من المهندسين الصينيين في الولايات المتحدة بتهمة تسريب معلومات سرية إلى جهات أجنبية.

هذه الحادثة، بتداعياتها الأمنية والدبلوماسية، تضع العلاقات بين واشنطن وبكين على شفا مواجهة جديدة، في ظل تصعيد مستمر على مختلف الجبهات.