في بيان صدر يوم السبت 5 أفريل 2025 ، أعلنت الولايات المتحدة عن إلغاء فوري لجميع التأشيرات الممنوحة لمواطني جنوب السودان، إلى جانب تعليق إصدار تأشيرات جديدة لمواطني هذا البلد. وتُمثّل هذه الخطوة تحوّلًا جذريًا في سياسة الهجرة الأمريكية منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 جانفي 2025.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن هذا القرار يهدف إلى معاقبة رفض الحكومة الانتقالية في جنوب السودان التعاون في إجراءات إعادة مواطنيها الذين صدرت بحقهم أوامر ترحيل من الولايات المتحدة.
وأضاف روبيو في تصريح حازم: «اعتبارًا من الآن، تلغي وزارة الخارجية الأمريكية جميع التأشيرات التي يحملها مواطنو جنوب السودان.»
سابقة في عهد ترامب الجديد
تُعتبر هذه الخطوة أول إجراء من نوعه يُتخذ ضد جميع مواطني دولة بأكملها منذ بداية الولاية الثانية لدونالد ترامب. وتأتي في سياق سياسة هجرة مشددة، تبرّرها الإدارة الأمريكية باعتبارات الأمن القومي.
وقال روبيو:
«لقد حان الوقت كي تتوقف الحكومة الانتقالية في جنوب السودان عن استغلال الولايات المتحدة.»
وأكد: «تطبيق قوانين الهجرة لدينا أولوية حيوية لأمن بلدنا.»
وبحسب السلطات الأمريكية، يتعين على جميع الدول استقبال مواطنيها الذين صدرت بحقهم قرارات ترحيل. وفي حال الرفض أو التعطيل، يمكن اتخاذ تدابير إدارية مثل تلك التي فُرضت على جنوب السودان.
تعليق شامل للتأشيرات لأجل غير مسمّى
وأوضح البيان أن هذا التعليق يشمل جميع أنواع التأشيرات، سواء للدراسة أو العمل أو السياحة أو لمّ شمل العائلات. ولن يتم إصدار أي تأشيرات جديدة حتى تبدي حكومة جنوب السودان تعاونًا كاملاً مع السلطات الأمريكية في قضايا الترحيل.
وأشار الوزير روبيو إلى أن «واشنطن مستعدة لمراجعة هذا القرار عندما يلتزم جنوب السودان بالكامل بالتعاون.»
بلد هش ومستقبل سياسي غير مستقر
يُذكر أن جنوب السودان، الذي أعلن استقلاله في عام 2011، لا يزال يُعد من أكثر البلدان هشاشة في القارة الإفريقية. فقد أدّت الحرب الأهلية الدامية التي اندلعت في عام 2013 واستمرت حتى عام 2018 إلى مقتل نحو 400 ألف شخص وتشريد 4 ملايين آخرين، بحسب تقديرات الأمم المتحدة.
ورغم توقيع اتفاق سلام في 2018 وتشكيل حكومة انتقالية، لا تزال الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد مضطربة، في ظل تحذيرات أممية من احتمال تجدد أعمال العنف مع استمرار التوترات بين الفصائل المتنازعة.
قرارات تُعيد إلى الأذهان سوابق عهد ترامب الأول
ويستحضر هذا القرار إلى الأذهان الإجراءات المثيرة للجدل التي اتخذها ترامب خلال ولايته الأولى في عام 2017، عندما فرض حظرًا على دخول مواطني عدة دول ذات غالبية مسلمة، من بينها ليبيا والسودان وسوريا وإيران واليمن والعراق والصومال. وكان جنوب السودان حينها خارج نطاق هذا القرار التنفيذي.
أما اليوم، فإن توسيع الإدارة الأمريكية لهذه القيود لتشمل دولة غير مسلمة مثل جنوب السودان يُظهر تشديدًا عامًا في سياسة الهجرة الأمريكية، يتجاوز الاعتبارات الدينية.
إجراء ينعكس على المستوى الإنساني والدبلوماسي
من المرجّح أن يؤثر إلغاء التأشيرات بشكل مفاجئ على آلاف المواطنين من جنوب السودان، بمن فيهم المقيمون بصفة قانونية في الولايات المتحدة مثل الطلاب والباحثين والعائلات. كما قد يزيد هذا القرار من توتير العلاقات الثنائية بين واشنطن وجوبا.
ويبقى السؤال مطروحًا: هل سينجح هذا الإجراء في دفع حكومة جنوب السودان إلى التعاون، أم أنه سيفاقم عزلة هذا البلد الذي يُعد بالفعل من أكثر الدول هشاشة، في وقت تعتمد فيه الجالية الجنوب سودانية إلى حدّ كبير على استقرار وضعها في المهجر كمصدر رئيسي للدخل والمعيشة ؟.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات