كيف نساعد الطفل على النمو بتوازن عاطفي جيد والشعور بالسعادة في مرحلة البلوغ؟
السعادة ليست مجرد لحظات فرح عابرة أو أحداث بارزة. فبحسب الباحثين المعاصرين، يقوم الشعور بالرفاه الداخلي في معظمه على قدرة الفرد على الاستمتاع بلحظات الحياة اليومية الصغيرة والحفاظ على نظرة إيجابية للعالم من حوله.
ويتفق علماء النفس على أن أسس السعادة في سن الرشد تُبنى منذ الطفولة. ويعتمد الكثير على ما يستطيع الأهل نقله لأطفالهم من مفاهيم ومهارات.
فيما يلي خمس مهارات أساسية تُسهم في بناء طفل قوي عاطفياً ومزدهر طوال حياته.
1. البحث عن الجانب الإيجابي حتى في وجه الشدائد
من المبادئ الأساسية في علم النفس الإيجابي تعليم الطفل التركيز على الجوانب المضيئة في الحياة. فالطفل الذي يتعلم الانتباه إلى لحظات الفرح الصغيرة حتى في الأيام الصعبة، يطور فكراً مرناً وقدرة على الصمود. وهذه العادة ستساعده لاحقاً على التعامل مع التحديات، وتجنب الغرق في السلبية، والحفاظ على طاقته الذهنية.
2. فهم أن سعادة الآخرين لا تقع على عاتقه
من المهم منذ الصغر أن يفهم الطفل أن مساعدة الآخرين سلوك نبيل، لكنها لا يجب أن تتم على حسابه الشخصي. فالبالغ الذي يسعى إلى إرضاء الجميع يُعرض نفسه للإرهاق المستمر. لذا، فإن وضع حدود عاطفية سليمة أمر أساسي. يجب أن يتعلم الطفل أن بإمكانه أن يكون عطوفاً دون أن يضحي بتوازنه الداخلي.
3. تنمية الامتنان الحقيقي
القدرة على قول “شكراً” على الأشياء البسيطة — كوجبة لذيذة، أو يوم مشمس، أو وجود شخص محب — تعزز الوعي بلحظة الحاضر. وهي عادة تدرّب الدماغ على ملاحظة مصادر الفرح في التفاصيل الصغيرة. الأطفال الذين يعتادون على الشكر ينمون بإحساس أعمق بقيمة السعادة اليومية.
4. اكتشاف نشاط يمنحه معنى ودفعة داخلية
عندما يجرّب الطفل هوايات متنوعة — كالرسم أو الأشغال اليدوية أو القراءة أو رعاية الحيوانات — يكتشف تدريجياً ما يشعل حماسه. والإحساس بالإلهام يُقلل من القلق ويعزز شعور الإنجاز. وتشير الدراسات إلى أن البالغ الذي ينخرط في نشاط يحبه يشعر عموماً بسعادة وتوازن أكبر.
5. تعلم مواجهة المشكلات بدلاً من الهروب منها
تجنب المشكلات ليس حلاً فعالاً. فحتى المهام الصغيرة غير المنجزة تولّد توتراً وتؤثر على السلام الداخلي. لذا، من الضروري تعليم الأطفال مواجهة التحديات بهدوء ومنهجية، خطوة بخطوة. فهذه الطريقة تعزز الثقة بالنفس وتُقوّي الإحساس بالقدرة على إدارة الحياة.
خلاصة القول، السعادة الحقيقية لا تُقاس بالممتلكات أو النجاحات الخارجية، بل بالعلاقة التي نبنيها مع أنفسنا ومع الآخرين ومع العالم. وعندما يشجع الأهل أطفالهم على التفاؤل، والامتنان، ومواجهة التحديات، فإنهم لا يضمنون لهم طفولة مزدهرة فحسب، بل يمنحونهم أيضاً مفاتيح حياة راشدة سعيدة ومتوازنة.
لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات