العثور على السكينة في قلب المحنة: وعد إلهي
في عالم تعصف به أزمات متعددة — اقتصادية، اجتماعية، صحية أو شخصية — يبحث الإنسان، أكثر من أي وقت مضى، عن بوصلة توجهه.
القرآن، كتاب سماوي نزل على النبي محمد ﷺ قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، لا يزال يُلهم الروح الإنسانية ويخاطب أعمق مخاوفها. لا يعد بعالَم خالٍ من المحن، بل يقدّم منظورًا مطمئنًا قائمًا على الحكمة والعدل والرحمة:
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَىْءٍۢ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍۢ مِّنَ ٱلْأَمْوَٰلِ وَٱلْأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٰتِ ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾
(سورة البقرة، الآية 155)
يُمهّد هذا النص الذهني لتقبّل أن الابتلاء جزء طبيعي من مسار الحياة الإنسانية.
في علم تطوير الذات، يُشار إلى “المرونة النفسية” — أي القدرة على النهوض بعد السقوط — والقرآن يقدم المحنة كفرصة للنمو، لا كعقوبة.
لا ينكر القرآن المشاعر البشرية. لا يقول “لا تخافوا” أو “لا تجوعوا”، بل يعلّمنا كيف نستعد نفسيًا لهذه الحالات.
في علم النفس، يُعرف هذا بـ”القبول العاطفي” — أي التعامل الواعي مع المشاعر من دون إنكار أو فزع.
يقول تعالى: ﴿وَبَشِّرِ ٱلصَّٰبِرِينَ﴾ — أي أعطِ البشرى للصابرين.
الصبر في هذا السياق ليس استسلامًا، بل تحكمًا داخليًا نشطًا:
التماسك تحت الضغط،
الثبات على المبادئ،
تحويل الألم إلى قوة وعزيمة.
يتناول النص فقدان المال، الأحبة، الثمار…
في علم النفس، مثل هذه الخسارات قد تؤدي إلى صدمات، لكن القرآن يعيد برمجة العقل ليراها كتمحيص لا كإهانة.
لا يكتفي النص بوصف المعاناة، بل يبعث نورًا: بشرى لمن يصبر.
يرسّخ ذلك ما يُعرف بـ”علم نفس الأمل الفعّال”، أي الإيمان بأن للصبر ثمرة ومعنى.
الابتلاء ليس عشوائيًا ولا تخليًا إلهيًا، بل مختبر روحي تُصقل فيه النفس وتتعلّم الثبات والامتنان.
أمام العواصف الداخلية، يحتاج الإنسان إلى جذور متينة. يوصي القرآن بوصفتين أساسيتين: الصبر الفعّال والصلاة الواعية.
﴿وَٱسْتَعِينُوا۟ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَوٰةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ﴾
(سورة البقرة، الآية 45)
يبدأ النص بـ”استعينوا”: اعتراف بأن الإنسان لا يُطلب منه أن يتحمّل وحده.
في علم النفس الحديث، يُوصى بطلب الدعم عند الأزمات — دعم اجتماعي، نفسي أو روحي.
ليس الصبر ركودًا، بل تمرين على:
ضبط الغضب،
تأجيل الإشباع،
تقبّل الواقع دون انهيار.
ويُصنّف اليوم ضمن مهارات الذكاء العاطفي والمرونة النفسية.
الصلاة اليومية هي لحظة استراحة نفسية عميقة.
علميًا، تُخفّض التوتر وتعيد الإحساس بالتحكّم وتخلق فواصل واعية وسط يوم مزدحم.
إنها تأمل نشِط بنية روحية عميقة.
يتطلب الالتجاء إلى الصبر والصلاة:
التواضع: الاعتراف بالضعف البشري،
القبول: عدم مقاومة ما لا نملك تغييره،
الإيمان الواعي: الثقة بأن الجهد له معنى.
برامج تطوير الذات الحديثة تركز على:
الامتنان،
التأمل،
قبول الألم.
بينما القرآن سبق إلى تقديم هذه المبادئ في إطار روحاني منذ 14 قرنًا.
الصبر طاقة داخلية قوية، مقاومة واعية للهشاشة، بينما الصلاة اتصال يُعيد ترتيب الداخل ويغذّي الأمل.
في عصر الأخبار الزائفة والظلم، يُذكّرنا القرآن بالثبات على الحق، حتى إن كان ضد مصالحنا.
﴿أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ﴾
(سورة البقرة، الآية 44)
يشير هذا النص إلى ظاهرة مألوفة: “الوعظ بلا تطبيق”.
نفسيًا، يؤدي هذا إلى:
التوتر الداخلي (تناقض إدراكي)،
فقدان المصداقية والثقة بالذات.
من يطبّق ما يقول، يكتسب:
كاريزما طبيعية،
ثقة متبادلة،
استقرارًا داخليًا.
أما التناقض، فيُضعف النفس تدريجيًا.
التنمية الذاتية تستفيد من هذا التوجيه القرآني:
الانسجام بين الفكرة، القول، والفعل.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّٰمِينَ بِٱلْقِسْطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمْ﴾
(سورة النساء، الآية 135)
الدعوة هنا هي إلى قول الحق حتى على الذات.
نفسيًا، هذا يُنمّي:
النزاهة،
القوة الأخلاقية،
احترام الذات،
توازنًا داخليًا لا يتزعزع.
﴿وَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ خَيْرٌۭ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّوا۟ شَيْـًۭٔا وَهُوَ شَرٌّۭ لَّكُمْ ۗ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾
(سورة البقرة، الآية 216)
العواطف اللحظية لا تعكس دائمًا الحقيقة الكاملة.
المحن قد تُجبِر الإنسان على التغيير، الاكتشاف، والنمو.
مثال: من يُطرد من عمله قد يكتشف لاحقًا مهنة أكثر توافقًا مع ذاته.
النجاحات السطحية قد تخفي سمومًا نفسية: توتر، وحدة، تضخم الأنا…
الدعوة هنا إلى “القبول الواعي”:
عدم التسرع في الحكم، والثقة في حكمة الله رغم غموض المستقبل.
﴿ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِى ٱلسَّرَّآءِ وَٱلضَّرَّآءِ وَٱلْكَٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ ۗ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ﴾
(سورة آل عمران، الآية 134)
الكرم الدائم: العطاء رغم الضيق يعزز:
الشعور بالجدوى،
السعادة المستدامة،
صحة نفسية أفضل.
كظم الغيظ: دليل نضج نفسي،
التحكم في ردّات الفعل،
قيادة داخلية متزنة.
العفو: ليس ضعفًا، بل تحررًا،
شفاء عاطفي،
حماية من المرارة.
الإحسان: السعي للجودة والإتقان،
لا رياءً، بل ارتقاءً ذاتيًا.
﴿وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا۟ فَٰحِشَةً أَوْ ظَلَمُوٓا۟ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا۟ ٱللَّهَ فَٱسْتَغْفَرُوا۟ لِذُنُوبِهِمْ﴾
(سورة آل عمران، الآية 135)
الاعتراف بالخطأ = نضج نفسي.
تذكّر الله = العودة الفورية إلى القيم.
الاستغفار = تحرير داخلي وشفاء للذات.
القرآن لا يطلب من الإنسان الكمال، بل يدعوه إلى الرجوع الواعي والثقة برحمة الله.
القرآن لا يخاطب فقط المسلمين، بل كل من يسعى للمعرفة، للرحمة، وللقوة الداخلية.
كثيرون ينتقدون الإسلام دون معرفة حقيقية بتعاليمه، لكن من يقرأ القرآن بإخلاص يكتشف معجزة حية: كتاب خالد، منير، وذو صلة دائمة بالحاضر.
معجزة الإسلام في متناول الجميع: افتح المصحف، واترك لقلبك وعقلك أن يصغيا لهذا النداء الخالد.
ملاحظة: هذا المقال يُفتتح به سلسلة تصدر كل يوم جمعة، تستعرض قصص دخول شخصيات مشهورة في الإسلام، والدوافع العميقة التي حفّزت مساراتهم — كثيرًا ما بدأت باكتشافات مشابهة.
قررت الهيئة المديرة للنادي الرياضي لحمام الأنف بمناسبة مباراة اليوم السبت 25 أفريل 2025 لحساب…
ن فريق مينيسوتا تمبروولفز من التقدّم في السلسلة أمام لوس أنجلوس ليكرز بنتيجة 2-1، بعد…
فيما يلي البرنامج المفصّل لأبرز المواجهات الرسمية التي ستُقام على الملاعب العربية، الإفريقية، الأوروبية والدولية…
أكد نادي ريال مدريد مشاركته بشكل طبيعي في المباراة النهائية لبطولة كأس ملك إسبانيا أمام…
يُنتظر أن يكون طقس السبت 26 أفريل 2025 مغيّما جزئيا على كامل البلاد فتدريجيا كثيف…
انهزم المنتخب التونسي لاقل من 20 سنة امام منتخب الكونغو الديمقراطية لنفس الفئة العمرية بثنائية…
Leave a Comment