مجتمع

[صور +فيديو] مدنين: ارتباط نبتة اللّازول بالعادات الغذائية لسكان الجنوب وبالاستعمالات الطبية يجعل منه مورد رزق موسمي للكثيرين‎

مدنين: ارتباط نبتة اللّازول بالعادات الغذائية لسكان الجنوب وبالاستعمالات الطبية يجعل منه مورد رزق موسمي للكثيرين‎" ]

تنتشر على قارعة الطريق أمام السوق البلدي القديم بمدينة مدنين بسطات لبيع نبتة اللازول، وليس بعيد عنها تتجمع بعض النسوة القادمات من مناطق ريفية يعرضن بدورهن ما تمكنّ من جمعه من هذه النتبة..

مشهد يتكرر بهذا الشارع في مثل هذه الفترة من كل سنة فبيع اللازول نشاط موسمي و يعدّ مورد رزق للكثيرين رغم قله أرباحه قياسا بمجهودات جمعه.

تقول إحدى البائعات التي رفضت كشف اسمها وطلبت عدم تصوير وجهها عند الحديث معنا أنها ونساء منطقتها “القصبة التابعة لمعتمدية سيدي مخلوف” يخرجن مع ساعات الفجر الأولى في رحلة بحث عن  اللازول هذا النبات التلقائي الذي ينمو بعد نزول أمطار الخريف كسائر فصيلة البصليات بالأراضي الفلاحية البعيدة عن مناطق العمران.

وحسب محدثتنا فإن الجمع يتطلب جهدا بدنيا كبيرا وصبرا فهي تضطر للبقاء لوقت طويل مقوسة الظهر تجمع ما يعترضها من هذه النبتة التي تنتشر في أماكن متباعدة ما يزيد في صعوبة عملية الجمع.

وبعد الانتهاء من الجمع الذي يستمر على امتداد يوم كامل تتحول النسوة في اليوم الموالي باكرا إلى مدينة مدنين لبيع اللازول بسعر الجملة الى الباعة المنتشرين أمام السوق البلدي بعد تجميعه في حزم صغيرة.

ويباع اللازول بأسعار مختلفة تتراوح بين 600 مي و1100مي وهي أسعار ترتبط بتزايد الطلب عليه وأيضا بحجم الحزمة وبمدى توفر هذه النبتة التي تتكاثر أو تقل حسب كميات الأمطار.

” هي 100 فرنك تلي نربحوها على الربطة” هذا ما اكدته إحدى النساء المتواجدات بالمكان مضيفة انهن يفرحن بنزول الأمطار حتى يتمكنّ من جمع اللازول وبيعه خاصة وان مهنة جمع المحار التي كانت تستقطب أغلب النساء في مثل هذه الفترة سنويا لم تعد مربحة على اعتبار النقص الكبير في المحار بشواطئ الجهة وفق تعبيرها.

تحولنا إلى السوق البلدي الجديد لنجد العم بشير صلموك وهو شيخ ثمانيني اعتاد الانتصاب امام مدخل السوق يبيع اللازول وبعض المنتجات الأخرى، وقد وجدنا لديه نوعان من هذه النبتة الأول يباع بسعر 600 مي الحزمة والثاني يباع بسعر دينار واحد للحزمة وهذا الإختلاف في السعر يبرره العم بشير بسعر الشراء بالجملة وأيضا بحجم الحزمة.

وقال محدثنا أن الإقبال على شراء اللازول جيد فهو عادة غذائية يشتهر بها سكان الجنوب الذين يستعملونه في إعداد اكلات تقليدية مثل “العيش بالحساء” و”الكسرة” و”المطبقة” وغيرها، هذا دون أن يغفل عن ذكر الفوائد الصحية للازول والتي تجعل الإقبال عليه كبيرا باعتباره يشفي الأمراض حتى الخبيثة منها وفق تعبيره.

وتمسك التونسيين من أبناء الجنوب خاصة باستهلاك نبتة اللازول يجعل حتى المغتربين منهم يوصون ذويهم بإرساله اليهم وقد اعترضنا بالسوق مواطن اشترى عشرين حزمة ليرسلها لابنته المقيمة بفرنسا مؤكدا خلال حديثنا معه ان اللازول في المخيال الشعبي دواء وعلاج ويرتبط بعادات أهالي الجنوب الغذائية وهو نبات يقوي مناعة الإنسان من احتمال إصابته من عدة أمراض حتى الخبيثة منها وهو فعال خاصة لمقاومة نزلة البرد وأمراض التنفس خاصة إذا ما استعمل طريا إذ تكون تركيبته الكيميائية متكاملة.

ولم يعد اللازول يلق إقبالا من طرف المستهلكين العاديين فقط بل أصبح محط اهتمام الباحثين في معهد المناطق القاحلة بمدنين حيث خصص له برنامج بحث بمخبر البيئة والمراعي بالمناطق الجافة والصحراوية منذ نحو خمس عشرة سنة متخذا عدة مناح منها ما يهتم بتنوعه البيولوجي ومنها ما اهتم بدورة حياته وبمكوناته الكيميائية وهي الأهم لإمكانية أن تكون لها تطبيقات في المجال الصحي.

وقد توصل المعهد خلال العام 2018 إلى الحصول على براءة اختراع في كون ان نبتة اللازول مضاد حيوي لسرطان الدم حيث يتوفر على مواد يمكن استعمالها في صناعة الأدوية.

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى