في عالم اليوم الرقميّ، أصبح إبقاء الأطفال بعيدًا عن الشاشات تحدّيًا كبيرًا للأهالي والمربّين. وعلى الرغم من فوائد الهواتف الذكيّة التي لا يمكن إنكارها، كونها أداة مهمّة لتعليم الأطفال حاليًّا، لكنّها، في الوقت ذاته، قد تتسبّب بالكثير من الأضرار إذا أساء الأطفال استخدامها، وفي مقدّمتها الإدمان الذي ينجم عنه العديد من السلوكات السلبيّة، والذي يؤثِّر في نموّ الطفل وتطوّره. لنعرض في هذه المقالة أهمّ أعراض إدمان الهاتف عند الأطفال، وطرق معالجته والوقاية منه.
من أشهر أعراض إدمان الطفل على استخدام الهاتف ما يلي:
يتطوّر الدماغ البشريّ باستمرار، ولا سيّما في مراحل الطفولة والمراهقة، مكوّنًا اتّصالات عصبيّة تؤدّي دورًا حيويًّا ومهمًّا للغاية في الوظائف المعرفيّة والعاطفيّة والاجتماعيّة.
ظهرت في السنوات الأخيرة العديد من الدراسات والبحوث التي تدرس مدى تأثير إدمان الهاتف في دماغ الطفل، وقد خلُصت هذه الدراسات إلى أنّ الأمر معقّد للغاية ويعتمد على عوامل كثيرة، أبرزها مقدار الوقت الذي يقضيه الطفل في استخدام الهاتف الذكيّ.
أشارت دراسة نُشِرت في مجلّة Child Development إلى أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من ساعتين يوميًّا في استخدام الأجهزة الإلكترونيّة، بما فيها الهواتف الذكيّة، يحصلون على درجات أقلّ في الاختبارات المعرفيّة واللغويّة، مقارنةً بالأطفال الذين يقضون وقتًا أقلّ على هذه الأجهزة. كما أظهرت دراسة أخرى نُشرت في مجلّة Nature أنّ استخدام الهواتف الذكيّة المفرط قد يؤدّي إلى تغييرات في كيمياء الدماغ، بما في ذلك انخفاض حجم المادّة الرماديّة (gray matter) في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكّم المعرفيّ وتنظيم العواطف واتّخاذ القرارات.
ومن العوامل الأخرى التي تؤثّر في مدى إدمان الطفل على استخدام الهاتف عمر الطفل. أشارت دراسة نُشِرت في مجلّة الجمعيّة الطبيّة في الولايات المتّحدة إلى أنّ الأطفال الذين يستخدمون الهواتف الذكيّة قبل عمر السنتين، يعانون عادة اضطرابَ فرط الحركة، وتراجعًا في النموّ المعرفيّ.
هذه الآثار السلبيّة السابق ذكرها، والتي قد تؤثّر تأثيرًا دائمًا في نموّ الطفل وصحّته العقليّة والنفسيّة، تدعونا، بلا شكّ، إلى البحث عن طرق لحمايتهم وضمان عافيتهم، من دون حرمانهم الكامل من استخدام الأجهزة الذكيّة. فكيف يمكن للوالدين علاج إدمان الأطفال على الهواتف والوقاية منه؟
إليك بعض النصائح لتحقيق ذلك:
ابدأ بتوعية طفلك وتثقيفه منذ مرحلة مبكرة حول فوائد الأجهزة الذكيّة وأضرارها. لكن، اجعل عمليّة التثقيف ممتعة ومشوّقة لطفلك بدلاً من إلقاء محاضرات نظريّة عليه، فذلك نادرًا ما يأتي بأيّة نتائج إيجابيّة.
يفضّل في الواقع أن تبدأ عمليّة التوعية في مرحلة ما قبل المدرسة، عندما يبدأ الطفل بملاحظة الهواتف الذكيّة والأجهزة الإلكترونيّة. ولكنّ ذلك لا يعني أنّ التثقيف والنصح يتوقّفان بعد دخول الطفل إلى المدرسة، بل على العكس، لا بدّ أن يستمرّ ذلك مع تقدّم الطفل في العمر.
بمعنى آخر، تدرّج مع طفلك في عمليّة التوعية بما يتناسب مع احتياجاته ومرحلته العمريّة. ابدأ بإعطائه معلومات عامّة حول الأضرار والمنافع في مرحلة ما قبل المدرسة، ثمّ قدّم له معلومات أكثر، واذكر أضرار الاستخدام المفرط على نظام نومه، وأدائه الأكاديميّ عندما يبدأ المدرسة، وهكذا.
إحدى الطرق الفعّالة لعلاج إدمان الأطفال على الهاتف، تحديد وقت استخدام الأجهزة الذكيّة بأنواعها. بهذه الطريقة يتمكّن الأطفال من استعمال الهاتف للعب أو مشاهدة البرامج المسلّية، ولكن بمجرّد انتهاء المدّة المسموحة لهم، لا يمكنهم الاستمرار في استخدامه. وهنا قد تتساءل:
حسنًا، بحسب موقع OSF Health Care، فإنّ أنسب فترة زمنيّة لاستخدام الهاتف هي:
وهنا، لا بدّ من التنويه إلى أنّ طريقة استخدام الهاتف تختلف باختلاف عمر الطفل، ففي عمر الخمس سنوات يكون الهاتف وسيلة ترفيهيّة بحتة، ولكن مع تقدّم الطفل في العمر يتحوّل الهاتف تدريجيًّا إلى وسيلة أساسيّة للتواصل مع الأقران، سواء عبر الرسائل النصّيّة أم عبر منصّات التواصل الاجتماعيّ. لكن مع ذلك، يجب ألّا تتجاوز مدّة استخدام الهاتف ثلاث ساعات كحدّ أقصى.
ضع حدودًا صحّيّة للعائلة بما يتعلّق باستخدام الهواتف والأجهزة الذكيّة، وحدّد الأوقات والأماكن التي يُسمح أو يُمنع استخدام الهواتف فيها. على سبيل المثال، من الأوقات التي يُفضّل منع استخدام الهواتف فيها:
من الجدير بالذكر أنّ هذه القواعد يجب أن تنطبق على جميع أفراد العائلة، كبارًا وصغارًا، فأفضل طريقة لحثّ أطفالك على الالتزام بالقواعد أن تكون قدوة لهم، ومثالاً يحتذون به.
إحدى أهمّ طرق التخلّص من إدمان الأطفال على الهاتف، تشجيعهم على القيام بالأنشطة الخارجيّة ومشاركتهم فيها. من الطبيعيّ أن يشعر الأطفال بالملل عند بقائهم في المنزل لفترات طويلة؛ ممّا يجعلهم يصرّون على استخدام الهواتف الذكيّة لفترات أطول بحجّة أنّها وسيلتهم الوحيدة للتسلية.
لكن، عندما تُشرك أطفالك في نشاطات خارجيّة، كالمشي أو ركوب الدرّاجة أو التنزّه مع الحيوان الأليف أو اللعب في الحديقة، يلهو تلقائيًّا عن الهاتف، ويقلّ استخدامه له تدريجيًّا.
الكثير من الآباء يقدّمون الهواتف الذكيّة لأطفالهم في سنّ مبكرة للغاية، كوسيلة لتهدئتهم والارتياح من بكائهم ومطالبهم الكثيرة، غير مدركين أنّهم، ومقابل هذه اللحظات القصيرة من الهدوء، يعرّضون أبناءهم إلى خطر الإدمان!
من المهمّ جدًّا ألاّ يًعرَّض الطفل للهاتف قبل أن يكون واعيًا بما فيه الكفاية، وقادرًا على فهم أنّ لاستخدام هذا الجهاز لفترات طويلة آثارًا سلبيّة ومضرّة.
حاول قدر الإمكان أن تؤخِّر استخدام طفلك الهواتف الذكيّة إلى ما بعد عمر السنتين. لا يعني ذلك هذا أن تحرمه تمامًا من استخدام الهاتف، وإنّما يعني ألاّ تعطيه الجهاز وتتركه بين يديه.
استخدام الهاتف لأوقات طويلة قد يجعل الأطفال ضعفاء ذهنيًّا؛ ممّا ينجم عنه ضعف الأداء الأكاديميّ، وغيرها من الأضرار التي سبق أن ذكرناها.
لذا، احرص على أن تشرك طفلك في أنشطة إبداعيّة متنوّعة تحفّز خياله، وتعزّز نموّه الذهنيّ. من الأمثلة على هذه الأنشطة: الرسم، وقراءة القصص، والكتابة وألعاب التخيّل، والأعمال اليدويّة وغيرها.
طريقة أخرى لنقلّل من استخدام الأطفال الهاتف، تتمثّل في إشراكهم في الأنشطة العائليّة المتنوّعة؛ ممّا يلهيهم عن الهاتف ويجعلهم يركّزون أكثر على التسلية والمتعة مع عائلاتهم.
الألعاب العائليّة المتنوّعة، أو إشراك الطفل في عمليّة الطبخ، أو في أعمال الترتيب المنزليّ، أو التسوّق، تعزّز التواصل مع الطفل، وتطوّر مهاراته الاجتماعيّة، وتحميه من خطر إدمان الهواتف والأجهزة الذكيّة.
يتعلّم الأطفال من سلوكات والديهم وأفراد عائلتهم القريبين منهم. فإن كان البالغون في العائلة يقضون جُلّ وقتهم في استخدام الأجهزة الذكيّة، يكون من الصعب حماية الطفل من استخدام الهاتف أو الجهاز اللوحيّ، لأنّه يقلّد أفراد عائلته تلقائيًّا.
احرص على أن تبني روتينًا صحّيًّا لنفسك أيضًا في ما يتعلّق باستخدام الأجهزة الذكيّة. حدّد أوقاتًا لاستخدامها، وأوقاتًا وأماكن أخرى لوضعها بعيدًا، والتركيز على العلاقات الاجتماعيّة مع أفراد العائلة وأطفالك.
نعيش اليوم في عالم رقميّ يمثّل فيه الهاتف والأجهزة الذكيّة جزءًا كبيرًا من حياتنا، ومهما حاولنا التقليل من استخدامه، تبقى الحاجة إليه ملحّة.
وفي الوقت الذي يكون فيه البالغون واعين بأضرار استخدام الجهاز المفرط، فإنّ إدمان الهاتف يتزايد لدى الأطفال؛ ممّا يؤثّر في نموّهم وتطوّرهم. لذا، من المهمّ مراقبتهم والإشراف على استخدامهم الأجهزة الذكيّة، بل والحرص على توفير بدائل صحّيّة لملء أوقات فراغهم، بدلاً من اللجوء إلى الهواتف الذكيّة حلًّا سريعًا وفعّالًا
ترتفع درجات الحرارة بشكل طفيف يوم الجمعة 2 ماي 2025 حيث تتراوح القصوى بين 25…
اندلع مساء اليوم الخميس، حريق داخل منزل كائن بحي الشرطة في منطقة الدندان من ولاية…
أدى مساء اليوم الخميس غرة ماي 2025 رئيس الجمهورية قيس سعيد زيارة غير معلنة إلى…
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الخميس 1 ماي 2025 إنّ هزيمة حماس أهم…
أفاد المرصد التونسي للطّقس والمناخ في منشور على فيسبوك بأنّه من المتوقع تسجيل أمطار أعلى…
أعلن نادي باير ليفركوزن الألماني اليوم الخميس ضمّ اللاعب الدولي الجزائري إبراهيم مازا إلى صفوفه…
Leave a Comment