الفئات: مجتمع

QNB – عدم اليقين يُعكر التوقعات بشأن نمو الاقتصاد الصيني

تعتبر الصين مصدراً رئيسياً لعدم اليقين بشأن توقعات النمو العالمي لعامي 2022 و2023. فبعد الانهيار المفاجئ في الطلب والنشاط في الربع الأول من عام 2020، عقب تفشي كوفيد-19، حققت الصين تعافياً ملحوظاً من الجائحة. واستمر الزخم الإيجابي من منتصف عام 2020 إلى منتصف عام 2021. وكانت الصين في ذلك الوقت هي الاقتصاد الأول والوحيد الذي حقق نمواً إيجابياً في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020، متفوقة على البلدان الأخرى في الدورة الاقتصادية بعدة أرباع. وفي حين أدى هذا الأداء القوي إلى سحب مبكر لتدابير التحفيز المالي والنقدي، بدأت الحكومة أيضاً حملة شاملة لتشديد الرقابة على قطاعي العقارات والشركات، مما أدى إلى تدهور معنويات الأعمال وتباطؤ الانتعاش القوي في الاستثمارات الخاصة.

نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين

(على أساس سنوي، %)

 

 المصادر: هيفر، تحليلات QNB

نتيجة لذلك، تباطأ التعافي الاقتصادي في الصين بشكل كبير منذ الربع الثاني من عام 2021. وفي ضوء ذلك، بدأ صُناع السياسات في الصين يتراجعون تدريجياً من تشديد السياسات إلى تخفيفها في أواخر عام 2021 وأوائل عام 2022، وذلك بهدف إيجاد متنفس إضافي للقطاع الخاص. ووفر ذلك بعض الدعم للاقتصاد، حيث أدى التعافي الكبير في الاستثمارات إلى ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 4.8% في الربع الأول من عام 2022، وهو الربع الأول الذي يشهد تسارعاً في النشاط بعد التعافي القوي من المرحلة الأولى للجائحة.

ولكن، على الرغم من هذا الأداء الإيجابي، هناك إشارات واضحة على أن التوقف المفاجئ في الزخم قد بدأ بالفعل. ففي مارس 2022، أدت موجة جديدة من تفشي كوفيد-19 إلى استجابة حكومية قوية في إطار سياسة “صفر حالات كوفيد-19″، والتي تتضمن فرض عمليات إغلاق وإجراءات تباعد اجتماعي صارمة حتى يستقر عدد الحالات الجديدة في المناطق المتأثرة. وقد شمل ذلك حتى الآن عمليات إغلاق قصيرة في مقاطعة غوانغدونغ الجنوبية، وهي مركز التصنيع الرئيسي في البلاد، إلى جانب إغلاقات أطول وأكبر في شنغهاي، التي تُعتبر أكبر وأغنى المدن الصينية.

وتؤثر عمليات الإغلاق هذه على مئات الملايين من الأشخاص في الصين، وبدأت آثارها الاقتصادية تظهر بالفعل. فقد تراجع مؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع الصيني، وهو مؤشر قائم على الاستطلاعات يرصد التحسن أو التدهور في عدة مكونات للنشاط مقارنة بالشهر السابق، إلى أقل من 50 نقطة في مارس. تقليدياً، يُعتبر حاجز الـ 50 نقطة بمثابة عتبة فاصلة بين التراجع (أقل من 50) والتحسن (فوق 50) في ظروف الأعمال. بعبارة أخرى، تشير البيانات عالية التردد إلى أن النشاط في الصين لا يتباطأ فحسب، بل يتقلص أو ينخفض ​​عن مستوياته العادية. في المقابل، لا يزال النشاط يتحسن بشكل كبير لدى جميع النظراء الرئيسيين للصين، بما في ذلك الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والاقتصادات الناشئة في جنوب شرق آسيا (آسيان).

الديناميكيات الرئيسية لمؤشر مديري مشتريات قطاع التصنيع
(مؤشر مديري المشتريات في مارس 2022 مقابل مستوى
الذروة أو القاع الأخير)

المصادر: هيفر، إيتش آي إس ماركيت، جي بي مورغان، تحليلات QNB

في رأينا، هناك عاملان يُبقيان على عدم اليقين بشأن توقعات النمو في الصين في المستقبل.

أولاً، لا تزال الصين عرضة لتفشي موجات جديدة من جائحة كوفيد-19. في الواقع، أصبحت حالات تفشي كوفيد-19 محلياً أكثر تواتراً مع ظهور متحورات أكثر عدوى وسط مجموعة سكانية أقل تحصناً. ونتوقع أن تستمر الحكومة في تبني سياسة “صفر حالة كوفيد-19″، واتخاذ إجراءات قوية للتباعد الاجتماعي ضد البؤر المحلية، مما سيؤثر على النمو، حيث سيتوقف النشاط حول المواقع التي تتركز فيها حالات كوفيد-19 الجديدة.

ثانياً، من المرجح أن تستمر قيود سلسلة الإمداد على خلفية الاضطرابات الناجمة عن الجائحة وانخفاض المخزونات والطلب المحتجز الذي لا يزال قوياً. وتشمل قيود الإمداد انخفاض مستويات المخزونات بالإضافة إلى الاختناقات وغيرها من الاضطرابات في الإنتاج الصناعي والبنية التحتية للنقل، مثل الموانئ والحاويات والشبكات اللوجستية. ولا نتوقع أن تشهد قيود الإمداد انفراجاً إلا بحلول منتصف أو أواخر عام 2023، عندما يصبح كوفيد-19 أقل تهديداً لآسيا. وتؤدي قيود سلسلة التوريد إلى وضع حد أقصى لنمو التصنيع في الصين لهذا العام والعام المقبل، وذلك له تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي.

على الرغم من التحديات المذكورة أعلاه، من شأن الاقتصاد الصيني أن يظل محمياً بشكل جزئي من خلال التدابير الجديدة للدعم النقدي والمالي. في الواقع، في الفترة بين منتصف وأواخر شهر أبريل، أعلنت السلطات عن حزم اقتصادية مختلفة، في إشارة للجمهور بأن صُناع السياسات لن يتسامحوا مطلقاً مع “الهبوط الحاد” للاقتصاد الصيني. وتشمل هذه الحزم ضخ السيولة، ودعم الائتمان للقطاعات الرئيسية، وتقديم القروض المُيسرة، والاستثمارات في البنية التحتية، وغيرها من التدابير المستهدفة.

بشكل عام، فإن التباطؤ الكبير في الصين والتحديات التي يمثلها تفشي جائحة كوفيد-19 وقيود الإمداد تبرر اللجوء لسياسات تتسم بمزيد من التحفيز. وبصورة عامة، نتوقع أن نشهد مزيداً من التباطؤ في نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من عام 2022، قبل أن يتحقق بعض الاستقرار خلال النصف الثاني من العام. ونتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 4.5% في عام 2022 و5% في عام 2023. وسيكون هذا الأداء المتواضع، مقارنة بالمستويات السابقة، أقل دعماً للاقتصاد العالمي الذي سيكون أكثر عرضة للصدمات السلبية الأخرى، مثل تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة والصراع الروسي الأوكراني.

 

 

إخلاء مسؤولية: تم إعداد المعلومات الواردة في هذه المطبوعة (“المعلومات“) من قبل بنك قطر الوطني (ش.م.ع.ق) (“QNB“) ويشمل هذا المصطلح فروعه وشركاته التابعة. يُعتقد بأن هذه المعلومات قد تم الحصول عليها من مصادر موثوقة، ومع ذلك فإن QNB لا يقدم أي ضمان أو إقرار أو تعهد من أي نوع، سواءً كان صريحاً أو ضمنياً، فيما يتعلق بدقة المعلومات أو اكتمالها أو موثوقيتها كما لا يتحمل المسؤولية بأي شكل من الأشكال (بما في ذلك ما يتعلق بالتقصير) عن أي أخطاء أو نقصان في المعلومات. يُخلي QNB بشكل صريح مسؤوليته عن كافة الضمانات أو قابلية التسويق فيما يتعلق بالمعلومات أو ملاءمتها لغرض معين. يتم توفير بعض الروابط لمواقع إلكترونية خاصة بأطراف ثالثة فقط لراحة القارئ، ولا يؤيد QNB محتوى هذه المواقع، ولا يعتبر مسؤولاً عنه، ولا يقدم للقارئ أي اعتماد فيما يتعلق بدقة هذه المواقع أو ضوابط الحماية الخاصة بها. ولا يتصرف QNB بصفته مستشاراً مالياً أو خبيراً استشارياً أو وكيلاً فيما يتعلق بالمعلومات ولا يقدم استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية. إن المعلومات المقدمة ذات طبيعة عامة، وهي لا تعتبر نصيحةً أو عرضاً أو ترويجاً أو طلباً أو توصيةً فيما يتعلق بأي معلومات أو منتجات مقدمة في هذه المطبوعة. يتم تقديم هذه المطبوعة فقط على أساس أن المتلقي سيقوم بإجراء تقييم مستقل للمعلومات على مسؤوليته وحده. ولا يجوز الاعتماد عليها لاتخاذ أي قرار استثماري. يوصي QNB المتلقي بالحصول على استشارات استثمارية أو قانونية أو ضريبية أو محاسبية من مستشارين محترفين مستقلين قبل اتخاذ أي قرار استثماري. الآراء الواردة في هذه المطبوعة هي آراء المؤلف كما في تاريخ النشر. وهي لا تعكس بالضرورة آراء QNB الذي يحتفظ بحق تعديل أي معلومات في أي وقت ودون إشعار. لا يتحمل QNB أو مديروه أو موظفوه أو ممثلوه أو وكلائه أي مسؤولية عن أي خسارة أو إصابة أو أضرار أو نفقات قد تنجم عن أو ترتبط بأي شكل من الأشكال باعتماد أي شخص على المعلومات. يتم توزيع هذه المطبوعة مجاناً ولا يجوز توزيعها أو تعديلها أو نشرها أو إعادة نشرها أو إعادة استخدامها أو بيعها أو نقلها أو إعادة إنتاجها كلياً أو جزئياً دون إذن من QNB. وعلى حد علم QNB، فإنه لم تتم مراجعة المعلومات من قبل مصرف قطر المركزي أو هيئة قطر للأسواق المالية أو أي جهة حكومية أو شبه حكومية أو تنظيمية أو استشارية سواءً داخل قطر أو خارجها، كما لم يقم QNB بطلب أو تلقي أي موافقة فيما يتعلق بالمعلومات.

Leave a Comment

Recent Posts

وزارة الداخلية توضح بخصوص فتح بحث تحقيقي ضدّ محام

أوضحت وزارة الداخلية في بيان صدر مساء، اليوم الإثنين 13 ماي 2024،أنه وعلى إثر تداول…

2024/05/13

نابل..تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة

أكد الناشط في المجتمع المدني بقليبية هيثم محفوظ، "لمراسل تونس الرقمية بنابل " أن برج…

2024/05/13

إيقاف المحامي مهدي زقروبة

قام أعوان أمن، مساء اليوم الإثنين 13 ماي 2024، بإيقاف المحامي مهدي زقروبة أثناء وجوده…

2024/05/13

إعادة فتح قسم الطبّ الباطني بمستشفى الرّازي للأمراض النفسيّة والعقليّة

أشرف وزير الصحّة علي المرابط، اليوم الاثنين 13 ماي 2024، رفقة والي منّوبة محمد شيخ…

2024/05/13

جلسة عمل وزارية لتأمين تزويد السوق بالأسمدة الكيميائية

انعقدت مساء اليوم الاثنين 13 ماي 2024، بمقر وزارة الصناعة جلسة عمل تتسيقية تحت إشراف…

2024/05/13

تونس: قيمة الطعام الذي يتم اهداره سنويا تفوق الـ 500 مليون دينار

كشفت المديرة بالمعهد الوطني للاستهلاك، دارين الدقي، اليوم الإثنين 13 ماي 2024، أنّ 5 بالمائة…

2024/05/13