ملفات

في ظل صحافة الانستغرام والمحامين.. هل باتت صاحبة الجلالة مهددة بالانقراض؟

لطالما لعبت الصحافة دورًا محوريًا في تشكيل وعي المجتمعات وتطورها منذ نشأتها. فهي بمثابة البوابة التي يطل منها الناس على العالم، والوسيلة التي يتواصلون من خلالها مع بعضهم البعض.

وفي عالم الإعلام المتغير، يواجه الصحفيون مؤخرا تحديًا جديدًا يهدد مهنتهم العريقة ويشكل خطرا داهما على المجتمع الذي سيصبح فاقدا لمصدر موثوق للمعلومات ودون بوصلة توجه وتصنع الوعي الجمعي في اطار ديمقراطي.. 

وما أصبحنا نلاحظه منذ سنوات على الساحة الاعلامية في تونس وعديد الدول الأخرى هو ظاهرة الحضور المكثف للمحامين و نشطاء التواصل الاجتماعي خاصة على شاشات التلفزة وأثير الراديو مقابل تقلص ملحوظ للصحفيين المؤهلين أكثر من غيرهم لهذه المهمة. 

ما هي الأسباب وراء هذه الظاهرة؟ 

يرى بعض الفاعلين في الشأن الاعلامي أن تعقيد القوانين و كثرة القضايا القانونية و قضايا الرأي العام في السنوات الأخيرة كانت سببا مباشرا لحضور المحامين في وسائل الإعلام السمعية البصرية خاصة ليمتد دورهم من الجانب الاستشاري القانوني في البداية إلى حد التعليق على الأحداث و حتى إلى تأثيث برامج لاحقا، بعد أن أغرتهم أضواء الشهرة.. 

من جانب آخر فقد مثل سطوع نجم وسائل التواصل الاجتماعي عاملا أساسيا في بروز عدة نشطاء على هذه الشبكات خاصة من فئة الشباب ببعض القنوات التلفزية التي هي في النهاية مؤسسات تجارية رغبة من أصحابها في استقطاب جمهور المؤثرين الاجتماعيين.. 

ما هي مخاطر هذه الظاهرة؟

من بين أهم سلبيات ظاهرة تغييب أهل الذكر من الصحفيين عن المنابر الاعلامية سيطرة وجهات نظر تفتقر للمهنية ولأخلاقيات المهنة الصحفية على الساحة العامة.. علاوة على انتشار المعلومات المضللة و الشائعات وانتقالها من منصات التواصل الاجتماعي إلى وسائل الاعلام وهذا يعتبر خطرا محدقا له تداعيات وخيمة.. 

وكنتيجة لما أسلفنا فإن تصدر أطراف لا علاقة لها بقطاع الصحافة والاعلام من شأنه تهميش دور الصحفيين و مهنة الصحافة و فقدانها لمكانتها في المجتمع.

ومن الحلول التي يمكن انتهاجها في مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة هو دعم المؤسسات الإعلامية المستقلة لضمان استمرارها في تقديم محتوى موضوعي و دقيق وموثوق. وكذلك مزيد تطوير مهارات الصحفيين في التواصل و التفاعل مع الجمهور وتكوين صحفيين مختصين في مجالات عديدة على غرار القانون و الاقتصاد والتواصل الاجتماعي.. 

يواجه الإعلام اليوم تحديات جمة، لكنه لا يزال يلعب دورًا هامًا في المجتمع لا غنى عنه وهو ما يستدعي من جميع الفاعلين في هذا المجال العمل معًا لضمان مستقبل إعلامي حر و مستقل و متنوع.

وفي الختام، فإن ظاهرة تراجع دور الصحفيين و صعود نجم المحامين و نشطاء التواصل الاجتماعي تستحق التوقف عندها و تحليلها بدقة والالمام بكل ملابساتها ومختلف جوانبها.. 

Leave a Comment

Recent Posts

تطوّرات الحالة الصحيّة لكيليان مبابي

أشارت شبكة "كوبي" الإسبانية، إلى نوعية الإصابة التي تعرض لها الفرنسي كيليان مبابي، مهاجم ريال…

2025/04/19

طقس السبت 19 أفريل 2025

يتواصل الطقس مغيّما جزئيا بأغلب المناطق السبت 19 أفريل 2025، ثم تتكاثف السحب آخر النهار…

2025/04/18

سوسة: القبض على أجنبي بحوزته 400 غ كوكايين

تمكّن أعوان فرقة الأمن السّياحي بمنطقة سوسة الشمالية من القبض على أجنبي من دولة مجاورة…

2025/04/18

وزير التّجارة يفتتح الدّورة الـ62 لمعرض نابل الدولي

افتتح، مساء اليوم الجمعة 18 أفريل 2025، وزير التجارة وتنمية الصادرات سمير عبيد رفقة والية…

2025/04/18

جلسة عمل مع المنظّمة التركية للنساء صاحبات الأعمال لتعزيز التعاون الإقتصادي النسائي بين تونس وتركيا

خصصت جلسة العمل المنعقدة، الجمعة، بمقر الإتحاد التّونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية، للنظر في كيفية…

2025/04/18

وزير الداخلية يضع إكليلا من الزّهور ترحما على أرواح شهداء الوطن من الأمن والحرس الوطنيّين

في إطار الاحتفال بالذكرى 69 لعيد قوات الأمن الداخلي، تحت شعار "أمن تونس أمانة متجدّدة…

2025/04/18