اقتصاد وأعمال

دراسة : الأزمة الاقتصادية تحوّل الهجرة إلى أولوية عائلية

نشر اليوم الأربعاء 26 جانفي 2022 بحثا ميدانيا بعنوان “جائحة كوفيد – 19 وتطور نوايا الهجر ة لدى الأسر التونسية دراسة ميدانية بسبع ولايات”.

ويهدف البحث، وفق المنتدى، أساسا الى تحديد كيفية تفاعل الأسر مع الجائحة من حيث أشكال التأقلم واستراتيجيات المقاومة والصمود وتحديد مدى تأثير الجائحة على الأفراد داخل الأسرة وخارجها وخاصة في مستوى الرضا العام ودراسة مستويات تطور النوايا الهجرية في ظل الجائحة ودراسة مستويات تغيّر المشاريع الهجرية ومساهمة الأسر فيها وامكانيات تحقيقها مستقبلا.

وبالنظر الى الإمكانيات المتاحة بين البحث اعتماده على مجموعة من الأهداف المرسومة مسبقا في اطار استبيان شمل عيّنة قصدية من 1400 أسرة وذلك من خلال بناء 7 مناطق اسقاط متقاربة من حيث الحجم (81207 أسرة بمعدّل 11600 أسرة لكل منطقة) موزعة على مختلف الأقاليم التونسية ليتم في مرحلة ثانية اختيار عدد من المستجوبين بنفس تمثيلية مناطقهم في العينة الجملية وموزعين بدورهم حسب الجنس والعمر ووسط الإقامة (حضري – غير حضري) بنفس خصائص مناطقهم الأصلية في المستويات الثلاثة حسب آخر تعداد عام للسكان والسكنى لسنة 2014.

وانجز العمل في نهاية السداسي الاول من سنة 2021 حيث وقع القيام بالبحث الميداني بين يومي 15 جوان و15 جويلية بالنسبة للاستبيان أما المقابلات الفردية فقد تواصل إنجازها الى يوم 25 جويلية 2021، ليتقرر بعد ذلك إيقاف الأعمال الميدانية والاكتفاء بما وقع إنجازه قبل ذلك تجنبا للاستنتاجات المتسرّعة والتعميمات المسقطة بما يضمن قدرا معقولا من انسجام السياق ووحدته.

وحاول العمل عبر مختلف مراحله ومقاصده فهم المسار الذي تمرّ عبره عملية بناء المشروع الهجري واستكشاف أثر الجائحة على مستوى نشأة هذا المشروع وما قد يكون قد بلغه تنفيذه في الظروف الاستثنائية التي نجمت عنها من محطات. وشملت الدراسة 1406 مبحوثا من مختلف الفئات بما مكن من الوصول إلى جملة من النتائج لعل أهمها ان الاسر وجدت الأسر نفسها في قلب الجائحة دون موارد كما زادت مسؤولياتها تجاه الأفراد بعد أن عجزت مؤسسات الدولة الصحية وغير الصحية عن القيام بدورها فضلا عما خلقته الجائحة من حالة هلع جماعي ناجم أساسا عن ضعف إمكانيات الأسر عموما وعدم استعدادها لمثل هذه المخاطر وكذلك لتخلي الدولة عن الفئات الأكثر هشاشة وسوء إدارة الحكومة للأزمة الصحية وتذبذب قراراتها واهتزاز ثقة الأسر فيها.

ولم تزد الجائحة الفئات الهشة سوى مزيدا من الهشاشة حيث تقهقرت المداخيل العائلية واضطر العديد من أرباب الأسر إلى تغيير أنشطتهم المهنية (9.3بالمائة) مع العلم أن 30 بالمائة من الأسر التي شملتها الدراسة لا تملك أي مداخيل قارة. وكانت الجائحة إطارا لولادة بعض المشاريع الهجرية وتعزيز بعضها الآخر خاصة وأن علاقة الأسر التونسية مع الحراك الجغرافي داخليا وخارجيا عريقة إذ أن نسبة المستجوبين الذي سبق لهم التنقل داخل البلاد للعيش في معتمديات أخرى أو ولايات غير ولاياتهم الأصلية قد بلغت على التوالي 28.6 و38.4 بالمائة. أما تجارب الهجرة الخارجية فتعني 12.7 بالمائة منهم. وفي حين شملت الهجرة الداخلية مختلف الفئات العمرية كانت الهجرة الخارجية امتياز فازت به الأجيال الأكبر عمرا نظرا للتشديد المتواصل لإجراءات الهجرة على الصعيد الدولي.

هذا وابرز البحث ان نوايا الهجرة في ظل الجائحة بلغت مستويات قياسية اذ تصل نسبة التونسيين ممن يفكرون بشكل دائم في الهجرة إلى الخارج 25.3 بالمائة وهي تناهز عند فئة الشباب البالغ من العمر 18-29 سنة نحو 46.8 بالمائة. كما يلاحظ أن نوايا الهجرة أصبحت تعني جزءا هاما من التونسيات لا يقل عن 20 بالمائة.

وتمثل العوامل المحّفزة على الهجرة أساسا، وحسب أهميتها كما جاءت في تصنيف المبحوثين، في العامل الاقتصادي والعامل النفسي وواقع الحريات والعامل العائلي والعامل الذاتي في حين تتمثل العوامل المنفرة من الهجرة أساسا وحسب أهميتها كما جاءت في تصنيف المبحوثين في العامل العائلي والعامل الاقتصادي والعامل المهني وعامل الواقعية والعامل النفسي. وتحافظ فرنسا وإيطاليا على مكانتهما باعتبارهما الوجهة الأولى للتونسيين منذ عقود في حين تبدو كل من ألمانيا وكندا كوجهتان جديدتان وكذلك، وبدرجة أقل، البلدان الاسكندنافية وأمريكا وهو ما يحيل إلى تغيّر خصائص المهاجرين ونوعية مشاريعهم وأهدافهم من الهجرة إلى الخارج.

وبلغ انجاز المشاريع الهجرية التي تم تحديدها من خلال العمل الميداني مستويات مختلفة اذ تتراوح بين التأجيل في انتظار مرور الجائحة والاستعداد عبر جمع تكاليف السفر ومواصلة البحث عن “حرقة” عبر البحر ومحاولة إقناع العائلة لكسب مساندتها ومواصلة اكتساب الخبرات الضرورية لتكوين ملف مثل تلقي التكوين في اللغات. كما تختلف الوسائل المزمع تعبئتها في إطار المشروع الهجري باختلاف خصائص المهاجرين ونوعية مشاريعهم ففي حين يعول البعض من المهاجرين على مكاتب الهجرة للحصول على عقود عمل قانونية يعوّل قسم آخر على الحرقة باعتبارها الطريقة الأنجع والأسرع في ظل وجود قسم اخر من العينة ممن يعوّل على الشبكات العائلية والقرابية للالتحاق ببعض أفراد العائلة أو عبر عقود عمل يتم شراؤها في بلد الاقامة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

لمتابعة كلّ المستجدّات في مختلف المجالات في تونس
تابعوا الصفحة الرّسمية لتونس الرّقمية في اليوتيوب

تعليقات

الى الاعلى